Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 62-63)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالُوا أأنْتَ } بتحقيق الهمزتين ، وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه . وأنت مبتدأ خبره ما بعده ، أو فاعل لمحذوف مدلول عليه بما بعده ، وهو عندهم أولى . والأصل أفعلت . ولما حذف الفعل انفصل الضمير . { فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ } لا . { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } غضباً أن تعبد معه هذه الأصنام التى دونه وليس - عليه السلام - مريدا حقيقة هذا الكلام ، ولكنه أراد أنه ما فعل ذلك إلا أن يبكنهم تعريضا لا تصريحا ، وهو أبلغ ، كما لو فعلت فعلا حسنا ، وقد اشتهرت بحسن ذلك الفعل ، وقال لك من لا يفعل مثله أصلا ، أو يفعله ولا يحسنه أأنت فعلت هذا ؟ فتقول له بل فعلتَه أنت . فإنَّ قصْدك بهذا الجواب تقرير الفعل لنفسك ، ونفيه عنه ، مع الاستهزاء به وهذا قصد إبراهيم ، مع قصد النجاة من ضرهم ، بأن يحملوا كلامه على ظاهره ، من أن الفاعل هو كبيرهم ، وإن فطنوا به فقد فطنوا بالحجة عليهم ، والله منجيه ، أو أسند الفعل إلى كبيرهم لأنه هو السبب لفعل إبراهيم ذلك . وذلك أنه غاظته تلك الأصنام ، إذ رآها مصطفة وكان غيظ كبيرها أشد بما رآه من شدة تعظيمهم له ، أو أراد أن القياس - على زعمكم - أن يكون الفاعل هو الكبير . ومن شأن من يُعبد أن يفعل هذا وأشد منه . ويحتمل أن يريد بل فعله إبراهيم والفتى ، وهو هو . ويدل له وقْفُ بعضٍ على { فَعَلَه } ويكون كبيرهم هذا مبتدأ أو خبرا . وعبَّر بالغيبة ، مع أن مقتضى الظاهر أن يقول بل فعلته ، ليتوهموا أن الفعل مسند إلى كبيرهم ، وأن هذا بدل ، أو بيان ، كما فى الأوجه السابقة وعلى هذا قبل إضراب عن الشك الموقِع فى الاستفهام . وقال الفراء الأصل فلعلّه ، حذفت اللام الأولى من لعل ، وخففت الثانية ، وهو تكلف ، لكن تطابقه قراءة محمد بن السميفع فعلّه كبيرهم ، بالتشديد للام . وفى حديث الشفاعة إنهم يأتون إبراهيم فيقولون له قم اشفع فى أهل الموقف . فيقول لستُ بأهلها لثلاث كذبات قولى { إنى سقيم } وقولى { بل فعله كبيرهم هذا } وقولى فى سارة لمَا تعرض لها سلطان إنها أختى ، مع أنها زوجتى . أو قال لها إن سألوكِ فقولى إنه أخى . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات " قلنا ليس حمل ذلك على ظاهره من قول المسلمين ، ولكن سميت المعاريض كذبا لأنها على صورته . وقد قال صلى الله عليه وسلم " إن فى المعاريض لمندوحةً عن الكذب " ، فالمراد أنه لم يتكلم بما على صورة الكذب ، لكراهته صورتها ، إلا بهذه الثلاثة وأشفق منها . أما قوله { بل فعله كبيرهم } فقد مر بيانه . وأما قوله إن سارة أخته ، فالمراد به أنها أخته فى الدين ، أو أنها بنت آدم ، وهو ابن آدم . وأما قوله { إنى سقيم } فمعناه إنى مغتم لضلالتكم . وأما قوله { بل فعله كبيرهم } فيحتمل التعليق بقوله { إن كانوا ينطقون } وما بينهما اعتراض . وزعم بعض أن ذلك كذب حقيقة ، أذن الله له فيه ، لمصلحة الدين . قال الفخر فليجز هذا فيما أُخبر به الأنبياء وذلك يبطل الوثوق بالشرائع ، ويطرق التهمة إليها . وإنما قال إبراهيم هذا لأنهم أتوا به إلى بيت الأصنام . { فاسأَلُوهُمْ } عن فاعله . { إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ } جواب إن محذوف ، يدل له اسألوهم ، أو فعله كبيرهم وفى ذلك تعريض ، بأَن من لا يفعل شيئا أو لا يتكلم لا يكون إلها وقياس الخط أن تكتب صورة ألف بعد الفاء ، ولم تكتب فى مصاحف المغرب .