Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 128-128)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ } وقيل قال ذلك وهمَّ بالدعاء عليهم بالاستئصال ، فنزل ذلك ، فقد ذكر عياض " أنه لما كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم ، وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه ، وقالوا لو دعوت عليهم ؟ فقال " إنى ألم بعث لعاناً ولكن بعثت داعياً ورحمة . اللهم اهد قومة فإنهم لا يعلمون " قيل لعمله بأن أكثرهم يسلمون . قيل أراد أن يدعو عليهم ، فنهاه الله لعلمه بأن فيهم من يؤمن أو يخرج مؤمناً من ذريته . وروى أن عمر قال بأبى أنت وأمى يا رسول الله لقد دعا نوح على قومه فقال { ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً } ولو دعوت علينا لهلكنا عن آخرنا ، فلقد وطئ ظهرك وأدمى وجهك ، وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيراً ، فقلت " اللهم اغفر لقومى إنهم لا يعلمون " أى اللهم اهدهم فتغفر لهم ، على ما مر ، وقيل لما وقف على عمه حمزة رضى الله عنه ورأى ما مثلوا به أراد أن يدعو عليهم ، فنزل ذلك ، ولا مانع من أن يقال نزل ذلك لقوله ، كيف وهم بالدعاء عليهم فى شأن ما فعلوا به ، وما فعلوا بعمه ، وقال أبو هريرة وابن عمر نزل ذلك فى أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من القراء ، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر معونة بين مكة وعسفان ، وأرض هذيل فى صفر سنة أربع من الهجرة ، على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم وأمَّر عليهم المنذر بن عمر ، فقتلهم عامر بن الطفيل فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وَجْدا شديداً ، وقنت شهراً فى الصلوات كلها يدعو على جماعة من تلك القبائل باللعن ، وقصتهم فى السير وشروح الحديث . قال ابن عمر " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رفع رأسه من الركوع فى الركعة الأخيرة من الفجر ، يقول " اللهم العن فلاناً وفلاناً " بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد . فأنزل الله جل وعلا { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْء } إلى { فَإِنَّهُمْ ظَالِمُون } " وعن أبى هريرة " لما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الركعة الثانية ، قال " اللهم أنجِّ الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعباس بن أبى ربيعة ، والمستضعفين بمكة ، اللهم اشدد وطأئك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف " ، زاد فى رواية " اللهم العن فلاناً وفلاناً " ، لأحياء من العرب حتى أنزل الله { ليس لك من الأمر شىء } الآية ، وسماهم فى رواية يونس اللهم العن رعلا ، وذكوان ، وعصبة عصت الله ورسوله . ثم قال ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزل { ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } ، وهذه الأحاديث تدل على أنه ليس قوله { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ } عطفاً على يكتب وأنه ليس قوله { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْء } معترضاً ، بل يتوب منصوب بأن مضمرة جوازا ، أو عاطفة لمصدره على الاسم الخالص قبله عطف خاص على عام ، وهو { الأمر } أو { شىء } أى ليس لك من أمرهم أو توبة الله عليهم ، أو تعذيبهم شىء ، أو ليس لك من الأمر شىء أو توبته عليهم ، أو تعذيبهم ، وعلى الوجهين فالمعنى إنك لا تملك أن يتوب الله عليهم ، ولا أن يقبل توبتهم ، إن حاولوها ، ولا أن لا يتوبوا ولا يقبلها ، ولا إيقاعهم فى العذاب ولا تنجيتهم منه ، بل شأنك الإنذار والجهاد ، ولا يلزم أن لا ينهى الإنسان عن الشىء إلا إن اهتم به واشتغل به فليس صلى الله عليه وسلم مشتغلا بذلك كله ، بل ببعضه ، وهو تعذيبهم إن اهتم بدعائه عليهم ، أو دعا . وقد يقال اشتغل بذلك كله ، إذ روى أنه قال " اللهم اغفر لهم ، اللهم اهدهم " وروى أنه دعا عليهم ، أو اهتم - كما مر ذلك - فلو لم يهتم لكن علم الله منه الاغتياظ لحمزة فمنعه تقوية لعصمته وطهارته ، وقد نهاه عن الشرك ولم يهتم به قال { لئن أشركت ليحبطن عملك } على ما يأتى إن شاء الله ، ولو أعلمهم صلى الله عليه وسلم أن يفعل ، لكن أرشده الله إلى الأفضل وهو الترك ، ويجوز كون { أو } بمعنى إلا ، أى ليس لك من الأمر شىء إلا أن يتوب عليهم فتسر بالتوبة ، أو يعذبهم فتتشفى منهم ، وعلى كل حال فالتوبة عليهم بالإسلام ، وتعذيبهم يترتب على الإصرار ، وقيل يتوب معطوف على يكب ، ويقطع ، وجملة { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْء } معترضة بين المعطوف عليه والعاطف ، والتعذيب فى الآية تعذيب الأخرة وتعذيب الدنيا بالقتل والأسر ، وأكد التعذيب وعلله بقوله { فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } لأنفسهم بالشرك والمعاصى .