Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 153-153)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ تُصْعِدُونَ } تبعدون بالذهاب ، فى الصعيد وهو ما على وجه الأرض من تراب أو حجارة ، أو جبل يقال أصعد من مكة إلى المدينة ، وإذ متعلق بصرفكم ، أو بيبتليكم ، أو بعفا وهو أقرب لفظاً ، قيل أو بعصيتم أو تنازعتم ، أو فشلتم وفيه بعد اللفظ ، وما بينه وبين متعلقه معترض أو مفعول فبأى اذكره ، وإذ تصعدون ، أو متعلق بمحذوف ، والمحذوف مفعول ، أى اذكروا الحادث إذ تصعدون . وقرأ الحسن تصعدون بفتح التاء والعين ، من صعد على الجبل ونحوه إذا رقا ، وذلك أنهم لما انهزموا رقوا على أحد هرباً فى قول بعض ، ويدل لقراءة الجمهور قراءة أبى إذ تصعدون فى الوادى ، كما قرأ ولكن زاد فى الوادى فبان أن المراد ذهبوا فى الأرض ، وبعدوا وذلك هرب عند الهزيمة ، وقرأ أبو حياة تصعدون بفتح التاء ، والصاد وتشديد العين مفتوحة ، على أن الأصل تتصعدون ، فحذفت أحد التاءين وهو من الصعود ، فى الجبل والسلم ، ونحو ذلك ، والمراد هنا الجبل ، ويجمع بين القراءة بأن بعضاً رقى الجبل وبعضاً فر فى الأرض ، قال أبو معاذ النحوى كل شىء له أعلى وأسفل مثل الوادى يقال فيه أصعد إذا انحدر من أعلاه إلى أسفله ، وإذا ارتفع كالمرتقى على السلم يقال فيه صعد . { وَلاَ تَلْوُونَ } عطف أو حال من واو تصعدون . { عَلَى أحَدٍ } أى لا تلوون أجسادكم لأجل أحد ، من قوله لويت الشىء إذا عطفته ، وعلى التعليل أى لا ترجعون إلى عدوتكم ، ولا إلى مسلم تتعدونه ، ولا يلتفت بعضكم إلى بعض ، وذلك كله لشدة الهرب أو هو من قولك لوى على الشىء بمعنى أقام عليه ، وقرأ حميد بن قيس على أحد بضم الهمزة والحاء وهو الجبل يريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على الجبل المسمى بأحد ، ولم يلووا عليه ، ولم أعرف أنه صعد جبل أحد يومئذ ، فكيف يصعده فى ذلك الوقت ؟ وقيل أنه صعده بعد ما فر الناس . وقرأ يصعدون ولا يلوون بالياء التحتية فيهما بضم الياء فى الأول وكسر العين على معنى أن الله تفضل على المؤمنين بالنصر إذ ذهب الكفار وبعدوا ، أى فى الأرض منهزمين لا يرجعون إليكم ولا إلى من خلفوه من رجالهم ، ونسائهم ، وأموالهم وذلك أول أمر قتال أحد قبل انتقال الرماة ، وعلى هذا قالوا وفيهما للمشركين ، وإذ تتعلق بفضل وعلى هذا يكون قوله الرسول يدعوكم حالا ، من كاف صرفكم ، وقراءة الجمهور أولى ، وقرأ الحسن تلون بواو واحدة . { وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِى أُخْرَاكُمْ } حال من واو تصعدون ، أو واو تلوون فى قراءة الجمهور ، أى يدعوكم حال كونه فى أخراكم ، أى فى جماعتكم الأخيرة التى من ورائكم ، أو متعلق بيدعو ، ثم رأيت القاضى قال فى ساقتكم ، أو جماعتكم الأخرى ، يعنى الأخيرة وذلك أن الناس هربوا وبقى وراءهم يدعوهم ليرجعوا للقتال ، وليعلموا أنه لم يمت ويقول إلىّ عباد الله ، إلى عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة ، وكرر ذلك حتى خص الأنصار ، فقال يا أنصار الله أنا رسول الله ، فتراجعت الأنصار والمؤمنون ، ولعله لم يرد خصوص الأوس والخزرج المؤمنين ، بل أرادهم والمهاجرين وسائر المؤمنين ، إذ هم أنصار الله ، وفى قوله تعالى { فى أخراكم } مدح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك موقف الأبطال إذ فر الناس قال سلمه بن الأكوع والعباس وغيرهما ، كنا إذا احمر البأس اتقيناه برسول الله ، صلى الله عليه وسلم . { فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ } أى الله أى جازاكم على فشلكم ، وتنازعكم وعصيانكم ، غما مع غم أو مقروناً بغم ، فإن الجزاء والثواب فى الخير والشر ولو اختصا فى العرف بالخير ، ويجوز أن يكون ذلك تهكماً بهم ، إذ خالفوا فهزموا والعطف على صرفكم ، والباء بمعنى مع أو للإلصاق المجازى ، أى مقروناً بغم ، وتعلق بمحذوف نعت { لغما } المراد غموم كثيرة ، لا غمان ، وهى غم القتل ، وغم الجرح ، وغم ظفر المشركين ، وغم الإرجاف بموت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وغم فوت الغنيمة ، وغم فوت الظفر . وقيل الباء للسببية ، تتعلق بأثاب أن المعنى أثابكم بما ذكر كله بسبب غم ، أذقتموه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بعصيانكم له وكذا أذقتموه من لم يفشل ، ولم يعص ولم ينازع بباطل من المؤمنين ، وقيل الباء بمعنى مع أو للإلصاق المجازى ، لكن غمان فقط ، قال الكلبى الأول إشراف خالد مع خيل المشركين عليهم ، والثانى أنهم اغتموا حين نظروا أبا سفيان وأصحابه مجتمعين بباب الشعب بعد الفراغ من القتال ، خافوا أن يميل عليهم أبو سفيان ، وقيل الأول فوت الظفر والغم ، والثانى القتل والهزيمة ، وقال مجاهد وقتادة الأول أنهم سمعوا أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم قتل ، والثانى القتل والجرح ، وقيل بالعكس ، فأنساهم موته الغم الأول وقيل الضمير المستكن فى أثاب عائد إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والمعنى سلواكم فى الاغتمام ، لأنه اغتم بعصيانهم بالمخالفة مع حرمانهم من الغنيمة ، وبقتل أقاربهم وجرحهم ، واغتموا بما سمعوا من موته ، وموت عمه حمزة وشجه ، وكسر رباعيته . { لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ } بعد من نفع كغنيمة ونصر . { وَلاَ مَآ أَصَابَكُمْ } من ضر بعد كقتل وجرح وذل ، وقيل على ما فاتكم أو أصابكم فى تلك الواقعة ، وقد مر أن سماعهم بموته ، صلى الله عليه وسلم ، أنساهم غيره ، مما اغتموا به ، واللام متعلق بقوله { أثابكم غما بغم } ووجه كو إثابة الغم بالغم علة لزوال الحزن أنهم يعتادوا لذلك ، وقيل متعلق بعفا ، فإن عفو الله يزيل كل غم ، وقيل لا صلة للتأكيد فى الموضعين واللام متعلق بأثاب أى لتحزنوا على ما فاتكم من الظفر والغم ، وما أصابكم من جرح وهزيمة عقاباً لكم . { وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } بعملكم أو بما تعملونه ، وبقصدكم فيجازيكم بذلك .