Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 156-156)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ } أى كالمنافقين عبد الله بن أبىّ وأصحابه . { وَقَالُواْ } عطف على كفروا . { لإِخْوَانِهِمْ } أى المسلمين ، سمى المسلمين إخواناً للمنافقين ، لاتفاقهم للتسبب أو فى التلفظ بكلمة الشهادة ، ولو اختلفوا بالعمل أو فيهما ، وقيل المراد إخوانهم المنافقون ، واللام للتعليل ، أو بمعنى فى أى شأن إخوانهم لأنهم لم يخاطبوا إخوانهم بما قالوا لأن إخوانهم ماتوا ، وقتلوا كما ذكر فى الآية بعد . { إِذَا ضَرَبُواْ فِى الأَرْضِ } سافروا فيها لتجر أو غيره ، ومقتضى الظاهر أن يقال إذا ضربوا بإسكان الذال ، لأن ضربهم وغزوهم ماضيان ، ولكن جىء باذا لحكاية الحال الماضية ، وذلك أن الكفار قالوا لإخوانهم لو كانوا عزى إلخ قبل نزول الآية وقد ضرب إخوانهم فى الأرض ، أو غزوا قبل نزولها ، فجعل المؤمنين حال نزول الآية بمنزلة من كان قبل القول ، وما معه أو جعل القول وما معه بمنزلة ما يوجد بعد الآية كذا ذكر الصبان الوجهين ، فى حكاية الحال ، ذكرهما فى حتى وقالوا وضربوا وكانوا للاستمرار ، والمستمر حاضر مستقبل خاص ، بحسب أجزأ فاعتبر ما استقبل منه ، أو قالوا بمنزلة جواب إذا ، فهو مستقبل مثلهم من قوله تعالى { وهم بها لولا أن رأى برهان ربه } أى لولا أن رأى برهان ربه ، لهم بها . ومثل قول الأبوصيرى . @ جوزوا النسخ مثل ما جوزوا المسخ عليهم لو أنهم فقهاء @@ أى لو كانوا فقهاء لجوزوا النسخ مثل تجويزهم المسخ على المعتدين منهم فى السبت ، وأقروا به وكذا التقرير هنا أى لا تكونوا كالذين كفروا ، وإذا ضرب إخوانهم فى الأرض ، أو كانوا غزى ، وقالوا لهم لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ، والجملة إذا ضربوا … إلخ فى عبارتى ، هذا لا فى التلاوة معطوفة على الصلة ، فهى صلة والكفر فى الآية كفر دون الشرك ، على مذهبنا ، لأن المنافقين عندهم فى القرآن ليسوا مشركين فى السر ، والذى عندى غير ذلك . { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } جمع غاز كراكع وركع ، وساجد وسجد ، فوزنه فعل بضم الفاء وفتح العين مشددة وهو فصيح استثقالا وقياسه غزاة بتخفيف الزاى لاعتلال لامه كقاض وقضاة ، وأصله غروا بضم الغين وتشديد الزاء ، مفتوحة بعدها ومحركة الإعراب وهو فى الآية الفتحة فقلبت ألفاً لتحركها بعد فتح ، وحذفت الألف لفظاً لالتقاء الساكنين ، وكتبت خطاً ياءً ولو كانت عن واو ، لأنها فوق ثلاثة أحرف ، ومن ذلك قول الشاعر @ ومغبرة الآفاق خافية الصوى لها قُلبُ عفى الحياض أواجن @@ بضم العين وتشديد الفاء ، والإضافة إلى الحياض ، والصوى جمع صوة كقوة وقوى ، وهى الأعلام من الحجارة ، والقلب بضم القاف والباء جمع قليب ، وهى البئر التى لم تطو والعفى الدوارس والحياض جمع حوض ، وأواجن نعت قلب باعتبار مائها أى مغيرات الماء ، أى لو كانوا غازين ، وفى الكلام حذف تقدير 95 إذا ضربوا فى الأرض أو كانوا غزى فماتوا أو قتلوا بدليل قوله تعالى { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا } أى غير خارجين ، فى السفر أو الغزو . { مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } أعاد الموت إلى قوله { ضَرَبُواْ فِى الأَرْض } والقتل إلى قوله { أَوْ كَانُواْ غُزًّى } ويجوز عود كل إلى كل ، لأن المسافر يموت بقتل وبلا قتل ، وكذا الغازى . وقولهم بذلك ، قول بالأجلين كالمعتزلة فى القول إنه من مات بالقتل مات لأجل غير الأجل الذى قدره الله له ، فهؤلاء الكفار قالوا لو قعد فى بيته لعاش ، ولم يمت فى السفر أو الغزو . { لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِى قُلُوبِهِمْ } متعلق بتكونوا ، أى لا تكونوا مثلهم فى ذلك المقال ، ليجعل الله ذلك حسرة فى قلوبهم ، خاصة ولو قلتم كما قالوا ، لكنتم فى الحسرة معهم ، وذلك أن قولهم مقرون باعتقاده ، والإشارة إلى ما دل عليه القول من اعتقاده ، أو لا تكونوا مثلهم فى ذلك المقال ، واعتقاده ليجعل الله انتفاء مماثلتكم لهم فيه حسرة فى قلوبهم فإن عدم موافقتكم فى المقال المذكور ، مما يزيد غمهم ، لأن قولكم إن الموت بتقدير الله لا يدفع بتقدم أو تأخر ، ولا يدفع ما قضى الله من تقدم أو تأخر يناقض قولهم ، والإشارة فى هذا الوجه إلى امتثال النهى ، وهو انتفاء كونكم مثلهم فى ذلك المقال ، واللام فى الوجهين للتعليل ، ويجوز تعليقها بقالوا ، فتكون لام الصيرورة ، لأنهم إنما قالوا ذلك المقال يسلموا عن الموت والقتل ، ويتحسر أقارب من مات أو قتل ، وليثبط المؤمنين عن القتال لا ليكون ذلك حسرة فى قلوبهم ، والحسرة أشد الندم ، وهى فى الدنيا وقيل فى الآخرة ، إذا رأوا رفع درجات المجاهدين والشهداء ورأوا مزيد حزنهم أنفسهم ولعنهم . { وَاللَّهُ يُحْيِـى وَيُمِيتُ } من يشاء ، فقد يحيى المسافر والغازى ، ويميت القاعد عن ذلك ، وقد يحيى القاعد ويميتها ولا يقدر أن على أن لا يخرجا ، وقد قضى خروجهما وموتهما ، فذلك رد لمقالة هؤلاء الكافرين . { وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } بها المؤمنون فاحذروا أن تماثلوهم فيعاقبكم . وقرأ ابن كثير والكسائى وحمزة يعملون بالتحتية على أن الضمير للذين كفروا وذلك وعيد لهم على قولهم ذلك وغيره مما كسبوا .