Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 17-17)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الصَّابِرِينَ والصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } ولحمل المطلق على المفيد ألا ترى إلى قوله تعالى فى كثير من المواضع ، وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، وقوله تعالى { وَلَمْ يَلْبَسُوا إيمانَهم بِظُلْمِ } وقوله عز وجل { لَمْ تَكنْ آمَنَتْ مِنْ قََبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمانَهم خيراً } أو غير ذلك ، وهذه الأدلة لا يقاومها ما قد يقول الخصم من أنه لو كان الصبر والصدق وما بعدهما شرطاً للمغفرة ، لقدمها على طلب المغفرة ، ورتبتها عليهن ، بل نقول إن الله وصف الطالبين للمغفرة بأن حالهم كذا وكذا ، لا مجرد إيمان ولأن طلب المغفرة ممن وصفته ذلك توبة نصوح لا يبقى معها ذنب ، ولا يتهاون فيها بغرض ، والواجب مطلق الاستغفار ، وأما كونه بالأسحار ، فأفضل ، لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة ، لخلو القلب فيها ، وصفائه ، ولأن العبادة فيها أشق ولا سيما المتهجدون . قال الحسن فإنهم يصلون إلى السحر ، ثم يستغفرون فى السحر ، ويدعون الله جل وعلا ، وكذا لا يجب الانفاق للعيال ، والزكاة ، والضيف ، والتنجية من الموت ، ونحو ذلك ، وقيل المستغفرون بالأسحار ، هم الذين يصلون صلاة الفجر فى جماعة ، سمى الوقت سحراً لاتصاله بالسحر ، وبقية ظلامه ، والصلاة استغفار ، لأنهم يطلبون فيها المغفرة . وعن أبى هريرة ، وأبى سعيد ، قال النبى صلى الله عليه وسلم " إن الله ليمهل حتى يمضى شطر الليل الأول ، ثم يأمر منادياً يقول هل من داع يستجاب له ؟ هل من مستغفر يغفر له ؟ هل من سائل يعطى ؟ " قيل السحر ، الشطر الأخير من الليل ، وقيل السدس الأخير ، وقيل الثلث الأخير ، قال نافع كان ابن عمر يحيى الليل صلاة ثم يقول يا نافع أسحرنا ، فيقول لا ، فيعاود الصلاة ، ثم يسأل ، فإذا قلت نعم ، قعد يستغفر . وعن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم " يَنزل ربنا تَبارَكَ وتَعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الأخير ، فيقول من يدعونى فأستجيب له ؟ من يسألنى فأعطيه ؟ من يستغفرنى فأغفر له ؟ " وفى رواية " أناالملك ، " وفى رواية " فيقول هل من سائل فيعطى ؟ هل من داع فيستجاب له ؟ هل من مستغفر فيغفر له ؟ حتى ينفجر الصبح " . ومعنى نزول الله نزول رحمته ، أو نزول ملك له من ملائكته ، يقول ذلك على لسانه ، كما يقول القرآن على لسانه ، مثل إننى أنا الله ، لا إله إلا أنا فاعبدون ، وترك مثل هذا الحديث على ظاهره ، من كيفية النزول شرك - تعالى الله - وأبقاه بلا تأويل ولا إجراء ظاهره على المذكور نفاق ، وهو إعراض عن العلم ، و رجوع عنه ، تراهم ينزهون الله عن الحلول والتحول ، ثم إذا رأوا مثل هذا قالوا نجريه على ظاهره بلا تكييف ، أو نؤمن به . وروى أن لقمان قال لابنه يا بنى لا تكن أعجز من الديك ، فإنه يصوت بالأسحار وأنت نائم على فراشك . والمراد بالصابرين الصابرون على أداء الفرض ، وعلى الطاعات والمصائب ، وعن المعاصى ، ومعنى الصادقين من صدق قوله وفعله واعتقاده بموافقة الشرع ، ومن عصى بقوله أو فعله أو قلبه ، فليس بصادق ، وأيضاً يكون كاذب بالمخالفة ، مقتضى قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله وما جاء به حق ، وسائر كلام التوحيد ، والمراد بالقانتين المدوامون على الطاعة ، والمراد بالمنفقين المنفقون لأموالهم حيث يجب إنفاقها ، كالزكاة ، وحيث يستحب ، وختم بالمغفرة ، لأنها أعظم المطالب لأن فيها رضى الله تعالى والفوز بالجنة ، والنجاة من النار ، وعندى فى تلك الواوات وجهان الأول أنها لعطف من يكثر من نوع ويشارك غيره فى غيره ، أو فى أداء الواجب . أى الذين بالغوا فى الصبر ، والآخرين الذين بالغوا فى الصدق ، والآخرين الذين بالغوا فى القنوت … وهكذا . والثانى أنها للعطف الصفات ، الموصوف واحد ، أى الجامعين بين الصبر والصدق والقنوت .