Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 18-18)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّه } أى بأنه ، بالشأن . { لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ } أى أخبر الله عن نفسه أنه لا إله إلا هو فى القرآن وسائر كتبه ، وقيل بكل ما يدل على وجوده ووحدانيته ، وهو كل ما خلق من جسم ، وعَرَض ، وقيل بمعنى علم ، أو قضى أو حكم أو بين . { وَالْمَلاَئِكَةُ } شهادتهم بإقرار ونطق وكذا فى قوله { وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ } جميع العلماء بالله ، المحققين ، العدول من كل أمة إلى آخر الدهر . وقيل علماء مؤمنى أهل الكتاب ، كعبد الله بن سلام ، وقيل علماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من المهاجرين والأنصار وقيل الأنبياء ، لأنهم أعلم الخلق بالله جل وعلا ، وقيل معنى شهادة أولى العلم ، التصديق بآيات الوحدانية ، والاحتجاج على الوحدانية والأولى ما ذكرته ، من حمل الشهادة فى ذلك كله ، على الإخبار بها ، وإن شئت فقل بمعنى الإثبات فى ذلك ، كله وإما تفسيرها فى حق الله بمعنى وفى حق الملائكة بمعنى آخر ، وفى حق العلماء بآخر ، وفى حقهما بآخر ففيه أما الجمع بين الحقيقة والمجاز ، وأما عموم المجاز بخلاف ما ذكرت ، فإنهُ حقيقة كلهُ على أن الشهادة فى الأصل الإخبار بالشىء ، على جهة إثباته أو نفيهِ ، أو أنهُ مجاز كله على أن الشهادة لصاحب الحق ، على منكره فى الخصام ، بأن شبه دلالة الله تعالى على الوحدانية بما نصبه من الأدلة العقلية ، وأنزله من الآيات السمعية بشهادة الشاهد ، فى بيان الحق ، وكذا الإقرار والاحتجاج مثلا من الملائكة وأولى العلم . { قَائِمَاً بِالْقِسْطِ } الباء للتعدية ، تقول قام بالقسط بمعنى أقام القسط ، فكأنه قيل مقيما القسط ، أى العدل فى قوله وفى فعله ، وفى قضائه وقدره ، ولا يأمر بالجور ، ولم يترك النهى عنه ، ومنهُ ، ومن قسطه جزاؤه إياهم على أعمالهم ورزقهم إياهم ، وأعطاؤهم مصالحهم ، و { قائِمَاً } حال من لفظ الجلالة ، فى نية التقديم ، أى شهد الله قائماً بالقسط أنهُ لا إله إلا هو ، وسوغ تأخير الحال ، أنهُ لا لبس ، إذ لا يتوهم أنهُ حال من الملائكة ، وأولى العلم ، أو من أحدهما ، أو منهما ، ومن الله ، لانه مفرد وكذلك كونه حالا من هو ، والعامل فيها على الأول ، وشهد على الثانى ، لفظ موجود المحذوف الذى هو خبر لا ، إذ هو مثبت فى حقه تعالى ، كما تقول ما جاء زيد إلا راكباً ، للفظ قبل إلاَّ ، نفى المجىء عن زيد ، والمعنى بإلاَّ وما بعدها إثباته ، له حال الركوب ، فظهر أنه لا يحتاج فى جعله حالا من { هو } إلى جعل العامل فيها معنى الجملة ، وإلى أنها مؤكدة ، أى تفرد قائماً ، أو أثبته قائماً ، وليس كونه حالا من " هو " أوجه من كونه حالا من لفظ الجلالة ، كما قيل ، وأجيز كونه مفعولا لمحذوف على المدح ، أن أعنى أو أمدح قائماً ، وأجيز كونه نعتاً لاسم { لا } نصب على محله ، وفيه ضعف بالفصل ، ودخل قائماً بالقسط فى المشهود به ، إذا جعل حالا من " هو " ، أو نعتاً لإسم " لا " ، بخلاف ما إذا جعل حالا من لفظ الجلالة ، وقرأ أبو حنيفة قيِّماً بالقسط بتشديد الياء مكسورة بعد قاف مفتوحة لا ألف لها ، وقرأ عبد الله بن مسعود القائم بالتعريف ، والرفع على أنهُ صفة للفظ الجلالة ، أو بدل من " هو " ، أو خبر لمحذوف ، أى هو القائم ، وفى الوجهين الأولين الفصل ، والملائكة ، وأولوا العلم معطوفان على لفظ الجلالة ، وقرىء بكسر همزة إن على على تضمين شهد معنى قال . وقرأ عبد الله بن مسعود أن لا إله إلا هو بتخفيف " أن " بالفتح ، وحذف اسمها . وقرأ شهدا لله بالنصب على الحالية من واو يقولون ، وبالرفع على أنهُ خبر لمحذوف أى هم شهداء الله ، وعلى القراءتين ، فيعطف الملائكة على المستتر فى شهداء ، للفصل وأنهُ لا إله إلا هو ، معمول لشهداءَ على حدما مر فى القراءة بالفعل . { لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ } كرره للتأكيد ، ولتزييد عناية هذه الأمة بذكر هذه الجملة ، بسبب معرفتهم أولا وحدانيته تعالى ، والحكم بها بعد إقامة الحجة وكأنه قيل قولوا أنتم يا أمة محمد على وفق شهادتى ، وشهادة ملائكتى ، وعلمائى ، لا إله إلا هو ، وليبنى عليه قوله . { الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فيعلم العلم الكامل ، أن الله تعالى هو الموصوف بالعزة ، والحكم ، فان الألوهية ، والقيام بالقسط ، لا يتمان إلا لمن كان عالماً بمقادير الحاجة ، وقادراً على تحصيل المهمات ، وقدم وصف العزة ، لتقدم العلم بقدرته ، على العلم ، بحكمته ، والعزيز بدل من " هو " ، أو صفة للفظ الجلالة ، وفيه الفصل ، أو نعت لهو ، على مذهب الكسائى ، أو خبر لمحذوف ، أى هو العزيز الحكيم ، روى أن حبرين من أحبار الشام قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أبصرا المدينة قال أحدهما لصاحبه ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبى الذى يخرج فى آخر الزمان ، صلى الله عليه وسلم ، فلما دخلا على النبى صلى الله عليه وسلم عرفاه بالصفة ، فقالا أنت محمد ؟ قال نعم ، قالا وأنت أحمد ؟ قال نعم . قالا فإنا نسألك عن شىء فإن أنت أخبرتنا به آمنا بك وصدقناك . قال اسألانى . قالا أخبرنا عن أعظم شهادة فى كتاب الله عز وجل ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية ، فأسلم الحبران ، وقيل نزلت فى وفد نجران ، رد الله عليهم عزَّ وجل عليهم قولهم فى عيسى أنه إله ، وعن ابى عباس رضى الله عنهما خلق الله تعالى الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة ، وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة ، وشهد لنفسه بنفسهِ قبل أن يخلق شيئاً ، فقال { شهد الله أنه لا إله إلا هو } إلى قوله { العزيز الحكيم } وأنا أذكر لك حديثاً من صحيح البخارى ، وحديثاً من نوادر الأصول للحاكم ، وهو الترمذى . فقال البخارى بسنده عنه صلى الله عليه وسلم " أسعد الناس بشفاعتى يوم القيامة ، مَنْ قال لا إله إلا الله مخلصاً من قبل نفسه فاعتبر قوله مخلصاً " وقال الحاكم بسنده عن زيد بن أرقم عن النبى صلى الله عليه وسلم " " من قال لا إله إلا الله مُخْلصاً دخل الجنة " قيل يا رسول الله وما إخلاصها ؟ . قال " أن تجره عن محارم الله " قال غالب القطان أتيت الكوفة فى تجارة فنزلت قريباً من الأعمش ، فكنت أختلف إليه ، ولما كان ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة ، قام من الليل يتهجد ، فمر بهذه الآية { شهد الله أنهُ لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } زاد البغوى { إن الدّينَ عِندَ اللهِ الإسلام } وقال وأنا أشهد بما شهد الله به ، وأستودع الله هذه الشهادة ، وهى لى عند الله وديعة ، قالها مراراً ، قال غالب القطان فقلت سمع فيها شيئاً فصليت الصبح معه وودعته ، فقلت له إنى سمعتك ترددها ، فما بَلَغَكَ فيها . قال والله لا أحدثك بها إلى سنة ، فكتبت على بابه ذلك اليوم وأقمت سنة ، ولما مضت السنة ، قلت يا أبا محمد ، لقد مضت السنة … فقال حدثنى أبو وائل عن عبد الله قال قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم " يُجَاءُ بصَاحِبَهَا يوم القيامة فيقول الله عز وجل إن لعبدى هذا عندى عهداً ، وأنا أحق بمن وَفَى بالعهد ، أدخلوا عبدى الجنة " .