Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 194-194)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رَبَّنَا } مسلط عليه أيضاً تأكيداً ، وإن لم يسلط عليه فالثانى مسلط عليه بلا تأكيد اصطلاحى ، وأما التأكيد المعنوى فموجود مطلقاً ، اذكروا ربنا مبالغة فى الدعاء ، ودلالة على أن كل مطلوب من تلك المطالب غير الآخر ومسلط على محذوف ، أى ربنا افعل لنا من ذلك المذكور من الغفران وما بعده أو على قوله { وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } وإذا لم يسلطا على ما بعدهما ولا على محذوف بل جعلا تأكيدين كل تأكيد لسابقه أو سلطا على ما بعدهما ، فما بعدهما معطوف على ما قبلهما ، وإذا سلطا على محذوف فما بعدهما معطوف على ذلك المحذوف والمراد بالذنوب الكبائر ، وبالسيئات الصغائر ، لأن الصغائر ولو كن يكفرن باجتناب الكبائر ، لكن لا يتحقق لهم أنهم قد اجتنبوا الكبائر ، ولعلهم قد قصروا ، أو كان بعض الذنوب لا يدرون أنها كبائر أو صغائر ، أو اعتقدوا أنها غير كبائر ، فقد قال قوم بجواز ظهور الصغائر ، ويدرون لعل توبتهم من بعض الكبائر لم تقبل ، وظهر لى تقرير آخر ، وهو أن يراد بالذنوب الكبائر والصغائر ، وكذا يراد بالسيئات ، وكرر تأكيداً لأنه ينبغى التكرير فى الدعاء رغبة ، ثم رأيته قولا والحمد لله . وقيل كذلك أيضاً ، لكن اغفر لنا ذنوبنا أرادوا فيه ما مضى من ذنوبهم ، وكفر عنا سيئاتنا أرادوا فيه ما يأتى منها ، وقيل كذلك أيضاً الغفران فيما يزول بالتوبة والتفكير فيما يزول بالطاعة ومعنى التوفى مع الأبرار أن يميتهم مقدراً أن يكونوا معهم فى الجنة ، و { مع } على هذا متعلق بمحذوف حال مقدرة ، أو أن يميتهم والحال أنه يجعلهم . اسم الأبرار والمفرد بر ، غير مخفف من بار ، كرب وأرباب ، والمفرد بر مخففاً ، من بار المفرد بار ، وكلاهما كصاحب وأصحاب ، والأبرار الأنبياء والصالحون . قال الحسن طلبوا غفران ما مضى من الذنوب والسيئات والعصمة فيما بقى . ومَعْنَى { مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ } ما وعدتنا على ألسنة رسلك ، أو ما وعدتنا على تصديق رسلك ، فحذف المضاف . و { على } متعلقة بوعدتنا فى الوجهين . وزعم بعض أنه يتعلق فى الأول بآمن والمعنى على الثانى أجرة التصديق ويجوز تعليقه بمحذوف جوازاً ، والمحذوف حال ، أى ما وعدتنا منزلا على رسلك ، أو محمولا عليهم ، وصاحب الحال { ما } أو رابطها المحذوف ، ومعنى محمولا على رسلك أنهم يحملون جميع ما أنزل إليهم ، إنما عليه ما حمل ، وإن كسرت زاى منزلا كان حالا من التاء فى { وعدتنا } . سألوا إنجاز الوعد مع علمهم أنه - تعالى - لا يخلف الوعد تضرعاً إليه بالسؤال وإظهار الحاجة إليه تعالى ، أو تعبداً أو خوف ألا يكونوا ممتثلين ما أمروا به ، مجتنبين ما نهوا عنه لتقصير . فكأنه كناية عن طلب التوفيق إلى ما به يكون الثواب ويستلزمه ، أو اقشعراراً عما تصور فى خوفهم المقرون برجائهم من سوء العاقبة ، أو إظهارا لأن الثواب بالوعد لا بالاستحقاق والذى وعدهم الجنة ، والمتبادر لى أنه النصر على الأعداء ، ومعنى { ولا تخزنا يوم القيامة } لا تخذلنا اليوم ، بل وفقنا حتى لا نخزى يوم القيامة ، وحتى لا نكون من الذين بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحسبون فافتضحوا ، والمعياد مصدر ميمى ، بمعنى الوعد على غير ما يقاس عليه ، فياؤه عن ياء لتقدم الكسر عليها ، أى لا تخلف الوعد بإثابة المؤمن وإجابة الداعى . وعن ابن عباس رضى الله عنهما الميعاد البعث بعد الموت ، وأما أنه يريد أنه مصدر ميمى أى لا تخلف الوعد بالبعث ، وأما أن يريد أنه اسم زمان على غير ما يقاس عليه ، أى لا تخلف وقت إنجاز الوعد الأخروى ، وهو يوم القيامة . قال فخر الرازى قال جعفر الصادق من حزبه أمر أى غمه واشتد عليه فقال خمس مرات " ربنا " أنجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراد ، وقرأ هذه الآية . قال لأن الله تعالى حكى عنهم أنهم قالوا خمس مرات " ربنا " فأخبر أنه استجاب لهم ، إذ قال { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى } .