Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 19-19)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنّ الدّينَ عِندَ اللهِ الإسلاَمُ } أى الانقياد إلى الله تعالى بتوحيده وبالعمل بما أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم ، من أمر ونهى وغيرهما ، افتخر المشركون بأديانهم ، فقال كل فريق لا دين إلا ديننا ، وهو دين الله منذ بعث آدم عليه السلام ، فكذبهم الله - تعالى - فقال { إنّ الدّينَ عِندَ اللهِ الإِسلامُ } الذى جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو الدين الحق منذ بعث الله آدم - عليهِ السلام - و ما سواه باطل . ذكره ابن عباس . والجملة مستأنفة مؤكدة لقوله { شهد الله أنهُ لا إله إلا هو } الآية . وقرأ الكسائى بفتح الهمزة فيكون قوله إن الدين عند الإسلام بدلا من قوله إنه لا إله إلا هو ، والإسلام عنده هنا بمعنى العمل الصالح ، وترك المعاصى ، أو الشريعة بعد التوحيد ، فيكون البدل بدل اشتمال ، لأن ذلك من ملابسات التوحيد ، وهو تفسير جائز لا بأس به ، كأنه قيل إن الدين عند الله الإسلام ، المبنى على التوحيد ، وإن فسر الكسائى الإسلام بالتوحيد ، كان البدل بدل بعض ، وهو أيضاً جائز ، وقرأ أبى إن الدين عند الله الإسلام بكسر همزة " إن " وقرن خبرها بلام التوكيد ، وقرأ بكسر همزة إنهُ لا إله إلا هو ، وبفتح همزة أن الدين … إلخ ، فيكون معمول لشهد ، وأنهُ لا إله إلا هو معترض ، أو يكون الدين بالفتح بدلا على حد ما مر ، فيكون اعتبر فى قوله أنه بالكسر تضمين شهد ، معنى قال ، وفى قوله إن الدين بقاءه على معنى علم ، مثلا فى ذلك إبدال مفرد من جُملة ، لأنهما مستويان فى المعنى ، يرد أحدهما الآخر ، وأيضاً لفظ البدل جملة ، وهو مفرد بالتأويل ، ويجوز الإبدال أيضاً فى قراءة كسر " إن " ، الأولى والثانية أيضاً . { وَمَا اخْتَلفَ الذَّينَ أوتُوا الكِتابَ إلاَّ مِنْ بَعدِ مَا جَاءهم الْعِلْمُ } بأن دين الله التوحيد ، والعمل بما أوحى الله ، فبعد ما جاء ذلك لليهود ، قالوا عزير ابن الله ، وخالف بعضهم بعضاً فى غير ذلك أيضاً ، وبعد ما جاء ذلك للنصارى ، قالوا المسيح ابن الله ، وقالوا ثالث ثلاثة ، وقالوا إنه . الله فكان الاختلاف بين اليهود والنصارى ، وكان أيضاً بين النصارى ، وقيل المراد بالذين أتوا الكتاب اليهود ، لما حضر الموت موسى ، دعا سبعين رجلا من بنى إسرائيل ، فاستدوعهم التوراة ، واستخلف عليهم يوشع بن نون ، فمضى القرن الأول ، والثانى ، والثالث ، فوقعت الفرقة بين ذرية السبعين ، وبذلك قال الربيع بن أنس وقيل المراد بأهل الكتاب النصارى إذا اختلفوا فى عيسى ، بين أن يكون ابناً لله ، أو إلهاً ثالثاً ، أو الله . قال محمد بن جعفر نزلت فى نصارى نجران ، إذ اختلف أهل الإنجيل فى أمر عيسى ، وفرقوا القول فيه ، بعد ما جاءهم العلم ، بأن الله واحد ، وأن عيسى عبده ورسوله ، وقيل المراد اليهود والنصارى ، وقيل هم وغيرهم ممن أوتى الكتاب ، إذ اختلفوا فى أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فزعم كفار منهم أنه باطل ، وزعم كفار آخرون أنه مبعوث إلى العرب فقط ، فقال فريق مسلمون منهم إنه حق مبعوث إلى الناس كلهم . { بَغْيا - بَيْنَهُم } بطلب الرياسة والحسد بينهم ، مثل أن يتقربوا إلى ملوكهم ، بما أحب ملوكهم ، من الكفر فيتم جاههم عندهم ، وأن يخافوا لو أقروا بالحق أن يرجع الناس إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - والحق فتزول رياستهم وعطايهم ، لا لشبهة وخفاء فى أمر صلى الله عليه وسلم وأمر عيسى عليه السلام والحق . { ومن يَكْفُر بِآيَاتِ اللهِ فإنّ اللهَ سَريعُ الحِسَابِ } أى الجزاء ، وهذا وعيد لمن كفر ، كاليهود والنصارى ومشركى العرب ، والربط محذوف أى فإن الله سريع الحساب له ، وقد علمت أن الحساب مستعمل فى معنى الجزاء ، ومعنى سرعته أنه لا يتوقف على فكر ووعد ، وهذا قول مجاهد . أو أنه قرب يوم القيامة ، إذ كل آتٍ قريب ، وتقدم كلام فى ذلك .