Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 41-41)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِّى } وسكن الياء غير نافع وأبى عمرو . { آيَةً } علامة أعرف بها الحمل ، لأستقبله بالبشاشة والشكر بزيادة العبادة عليه ، والفرح ، ولأزيل مشقة الانتظار ، وذلك أن النطفة المخلقة ، لا يحس بها فى البطن من أول نقلها وحصولها فى الرحم ، بل حتى ينتفخ بها البطن ، أو يتحرك الجنين ، فطلب هو علامة عاجلة قبل ذلك ، أو قبل حصولها فى رحم زوجته . { قَالَ آيَتُكَ } آية ولادتك ، أو الآية المنتسبة إليك بطلبك إياها . { أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً } أى لا تقدر على الكلام للناس ثلاثة أيام لتتخلص فيهن للعبادة شكراً ، بالذكر بالقلب واللسان ، وإلا كان يخرس الله لسانهُ عن الكلام للناس ، فلا يطيقه لو أراده ، وأطلقه لذكر الله تعالى سبحانهُ القادر على ما يشاء ، وأحسن الجواب ما يقتضيه السؤال ويتفرع السؤال لما طلب الآية ، ليزيد شكراً أجيب بها مع قطع ما يشغله الشكر ، وهو تكلم الناس ، ودل على هذا قوله تعالى { وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً } فى تلك الأيام الثلاثة باللسان ، وقيل المراد الذكر بالقلب ، لأن من استغرق فى المعرفة كان ذكره فى القلب ، وكل لسانه أمره الله أن يستحضر فى قلبه معانى الذكر . { وَسَبِّحْ بِالْعَشِىِّ وَالإِبْكَارِ } وقال قتادة أمسك الله لسانه عن الكلام عقوبة لسؤاله الآية بعد مشافهة الملائكة إياه بالولد ، ومع ذلك لا شك له . وقيل عدم التكلم إلا رمزاً كناية عن الصوم ، لأنهم كانوا إذا صاموا لم يتكلموا ، والصحيح الأول لموافقة اللغة ، والاستثناءُ فى قوله { إِلاَّ رَمْزاً } منقطع ، لأن الرمز بالعين أو الحاجب ، أو اليد ، أو الرأس ، أو الشفة ، أو غيرهن ، ليس كلاماً باللسان ، لكن يفيد ما يفيد اللسان ، وقيل إنه متصل باعتبار أنه يسمى كلاماً مجازاً ، وقيل حقيقة فى أصل اللغة على الكلام ، كلما دل على ما فى القلب ، وأصل الرمز التحرك ، كما يقال للبحر الراموز ، لأنه دائماً يتحرك ، وكان فى تلك الأيام الثلاثة . يشير بأصبعه المسبحة . وقال مجاهد بالشفتين . وقال الكلبى بهما وبالحاجبين واليدين . وقيل إن هذا الرمز كلام باللسان ، خفى قليل ، شبه بالإشارة . فالاستثناء متصل . وقرأ يحيى بن وثاب رمزا - بضم الراء والميم - جمع رموز - بفتح الراى وضم الميم - كرسول ورسل ، وقرىء رمزاً بفتح الراء والميم ، وعلى القراءتين حال هو من المستتر فى تكلم ، ومن الناس أى إلا مترامزين ، بأن يرمز لهُ الناس ، كما يرمز لهم ، ومن مجىء الحال من الفاعل والمفعول معاً قوله @ متى ما تلقنى فردين ترجف روانف إليتيك وتستطارا @@ ففردين حال من المستتر فى تلقنى ، ومن الياء ، وترجف تضطرب ، والرانفة ما يلي الأرض من مقعدة الإنسان إذا كان قائماً ، وجمع لأمن اللبس ، لأن للإنسان رانفتين فقط ، وألف تستطارا الراتفتين المرادتين من الجمع ، والنون حذفت للجر ، وقيل أصله تستطارن بنون التوكيد الخفيفة ، قلبت ألفاً ، وكثيراً مفعول مطلق ، أى ذكر كثيراً ، ولو لم يذكر كثير ، لم يدل عليه اذكر ، لأن الفعل لا يدل على الكثرة إلا بقرينة ، ومعنى " سبح ربك " نزهه عن النقائص ، فعطفه على { اذكر } عطف خاص على عام ، وقيل بمعنى صل ، والصلاة تسبيح لاشتمالهما عليه . قال الأعشى @ وسبح على حين العشية والضحا @@ والأول أنسب للذكر وللاستغراب مع امتناع الكلام مع الناس ، ولو كان أيضاً فى الصلاة ذكر بلسان وذلك معجزة لهُ . و { العشى } واحدة عشية ، وهى من الزوال للغروب ، ولذلك سميت الظهر والعصر صلاة العشى . وقيل من العصر أو الغروب ، إلى ذهاب صدر الليل . و { الإبكار } بكسر الهمزة ، ونقلهُ مصدر أبكر ، أى دخل فى البكرة ، نائب عن اسم الزمان ، أى وقت الدخول فى البكرة ، وهى من طلوع الفجر إلى الضحى ، وقيل إلى طلوع الشمس . وقرىء الأبكار بفتح الهمزة ، جمع بكر - بفتح الباء والكاف ، كسحر وأسحار ، أو جمع بكرة - بضم فإسكان - كما سمع جمع صفات على أصفاء ، و { بِالْعَشِىّ } متعلق " بسبح " ، والباء بمعنى فى ، ويجوز أن يتنازعه ، اذكر وسبح ، أى استغرق بالذكر والتسبيح ، والأول أولى ، لأن الذكر قد ذكر له قوله كثيراً .