Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 61-61)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَمَنْ حَآجَّكَ } أى اجتهد فى أن يقطع اعتقادك ، أو فى قصد قطعه من النصارى . { فِيهِ } أى فى عيسى ، أو فى الحق . { مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } بأن عيسى عبد الله ورسوله ، أو بأن الحق كما هو . { فَقُلْ تَعَالَوْاْ } أى ائتوا ، وأصله طلب الإتيان إلى وضع عال فقط محسوس أو معقول ، ثم استعمل فى مطلق طلب الإتيان ، والمراد هنا ، الأمر بأن يأتـوا بعزمهم ورأيهم بأنه إذا حاجه أحد فقد حضر عنده فأمر بالحضور تحصيل الحاصل ، فيصرف الأمر بالإتيان إلى الأمر بإحضار العزم والرأى فى الملاعنة ، ثم إنه لا مانع من أن يراد أن يأمرهم بالرجوع ، فيروا رأيهم فى الملاعنة ، ثم يأتوا . { نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ } أى يدع كل منا أبناءه ونساءه ونفسه إلى الابتهال ، وهو الالتعان ، وقدم الأبناء والنساء لأن الرجل يخاطر بنفس لهم ، ويحارب دونهم ، أعنى أن الرجل يكون لولده وزوجته حِصْناً فأرْهَبَهُم صلى الله عليه وسلم لتيقنه بالفوز فى الحجة ، بطلب تقديم من يعز عليهم هلاكه ، ثم إنه يجوز أن يريد أن يقدموا من تحت أيديهم من الولدان ولو كباراً بالغين ، والنساء ومن يعز عليهم سواء كانوا آباء لهم وأزواجاً أم لا ، ثم ظهر لى أن هذا هو المراد ، لأنهُ صلى الله عليه وسلم جاء بالحسن والحسين وأبيهما على مع فاطمة ومعنى دعاء الإنسان نفسه ، حمل نفسه على أمر وهو واضح ، فلا حاجة إلى ما قال بعضهم أنه أراد بالأنفس بنى العم ، والعرب تخبر عن ابن العم ، بأنه نفس ابن عمه ، فعنى ابن عمه علياً ، ولا إلى ما قال بعضهم أراد بالأنفس الأزواج ولا إلى ما قال أراد القرابة القريبة ، وقيل أراد بالأنفس الإخـ ان فى الدين . { ثُمَّ نَبْتَهِلْ } نَفْتَعِلْ والبُهْلة - بضم الباء وفتحهما - وهى اللعنة لمعنى المفاعلة ، أى يلعن بعضنا بعضاً ، وفى معناه ما قيل نلعن الكاذب منا ، لأن كلا من المتخاصمين يرى الآخر كاذباً تحقيقاً ، أو عناداً … يقال بهلة الله ، أى لعنه ، وعليه بهلة الله أى لعنته ، وأصلها معنى الترك ، يقال بهله أى أهمله ، وبهل الناقة تركها بلا صدار ، ويستعمل الابتهال أيضاً فى كل دعاء يجتهد فيه ، وإن لم يكن التعانا . { فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } عطف تفسير وبيان للابتهال ، فقيل هموا بالمباهلة ، أعنى وفد نجران من النصارى ، ثم خافوا فنكصوا . " روى أنهُ دعاهم للمباهلة صلى الله عليه وسلم فقالوا حتى ننظر ، ولما خلا بعضهم ببعض قالوا للعاقب وهو ذو رأيهم كما مر أول السورة كلام فى ذلك ما ترى ؟ فقال والله لقد عرفتم نبوته ، ولقد جاءكم بالفصل فى أمر صاحبكم والله ما بأهل قوم نبياً إلا هلكوا ، فإن أبيتم إلا ألف دينكم ، فوادعوا الرجل وانصرفوا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد جاء أول النهار صلى الله عليه وسلم ، وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، حاملا الحسين فيما دون إبطه ، آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشى خلفه ، وعلى خلفها ، وهو يقول إذا أنا دعوت فآمنوا فقال أُسْقُفُّهم وهو رئيس النصارى فى دينهم وأعلمهم بأمور دينهم " - بضم الهمزة وإسكان السين وضم القاف وتشديد الفاء " يا معشر النصارى إنى لأرى وجوهاً لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه ، لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصرانى إلى يوم القيامة ، فذعنوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبذلوا له الجزية ألفى حلة حمراء ، وثلاثين درعاً من حديد " ، وروى أبو داود " أنهم صالحوه على ألفى حلة ، النصف فى صفر ، والنصف فى رجب ، وثلاثين درعاً ، وثلاثين فرساً ، وثلاثين بعيراً ، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح ، وذلك بعد أن أبوا من المباهلة . فقال لهم اسملوا ليكون لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم ، فأبوا فقال أنابذكم ؟ فقالوا ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحكم على ذلك ، ونبقى على ديننا . فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، وقال " والذى نفسى بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لا عنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادى ناراً ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رءوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلهم أينما كانوا حتى يهلكوا " وعن ابن عباس لو خرج الذين يباهلون لم يجدوا مالا ولا أهلا . وروى الطبرانى لو خرجوا لاحترقوا ، وإنما أدخل الأطفال فى الابتهال ولا ذنب لهم لأن الله أباح له ذلك ، لأن عقوبة الدنيا تعم الأولاد والنساء والعامة ، ويبعث كل على حاله .