Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 83-83)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ } ؟ بالاستفهام التوبيخى والإنكارى والفاء عاطفة على محذوف ، والهمزة من المحذوف ، أى أتتلون فتبغون غير دين الله ، وليس تقدير القول ممنوعاً ولا واجباً ، أى قل لهم أتتولون فتبغون ، أو عاطفة على قوله { أولئك هم الفاسقون } ولو تخالفا غيبة وخطاباً ، وسمية وفعلية ، وخبراً وإنشاء ، ليفيد أن المخاطبين هم تفسير أولئك الموصوفين بكمال الفسق ، وأنهم يبغون ذلك فى الحالة الثابتة ، والهمزة حينئذ متوجهة إلى يبغون ، وقرأ عاصم فى رواية حفص وأبى عمرو ويعقوب يبغون بالتحتية ، والإعراب على حد ما مر ، وإذا قدر العطف فيه على محذوف قدر بالتحتية أيضاً ، أى أيتولون فيبغون ، وقدم غير ، وهو مفعول لتبغون ، لأنه المقصود بالإنكار ، والمعنى على كل حال كيف ترغبون عن دين الله عز وجل ، وهو دين إبراهيم ، وهو ما عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأمته وغير دين الله هو دين اليهود والنصارى ، وسائر ملل الشرك . { وَلَهُ أَسْلَمَ } إنقاد وقدم له للحصر . { مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً } انقاد من فى السماوات من الملائكة ، فآمنوا به طوعاً ، وكذا من فى الأرض من المؤمنين السعداء ، انقادوا فآمنوا به طوعاً يوم خرجوا ، كالذر البيض ، وانقاد الكفار له فأسلموا كرهاً ، يوم خرجوا كالذر الأسود ، ويجوز أن يكون المعنى أسا من فى السماوات من الملائكة وانقادوا للإيجاد ، وكذا كل من فى الأرض من السعداء والأشقياء ، وكذا سائر الخلق إنقادوا للإيجاد طوعاً ، وإنقاذ الملائكة والمؤمنون السعداء أيضاً طوعاً لما يحل بهم من المصائب . والتكليف وانقاد الأشقياء لما يصيبهم كرهاً ، ويجوز أن يكون المعنى انقاد المؤمنون والملائكة ، وأجسام الكفار للإيمان طوعاً ، وانقادت قلوب الكفار لما يصيبهم كرهاً ، بمعنى أنه لا طاقة لها على دفع ما قضى عليها ، ويجوز أن يكون المعنى انقاد المؤمنون والملائكة للإيمان ففعلوا وأحبوا وقوعه طوعاً ، وانقاد له الكفار كرهاً فوقع الإيمان ، وانتشر فى الناس ، وهم كارهون ولا طاقة لهم على دفعه ، وقال الحسن أسلم من فى السماوات طوعاً ، ومن فى الأرض بعضهم طوعاً ، وبعضهم كرهاً خوفاً من السيف والسبى ، قال لا يجعل الله من دخل فى الإسلام طوعاً ، كمن دخله كرهاً ، وقال قتادة أسلم المؤمنون والملائكة طوعاً قبل الموت ، وأسلم الكافر كرها عند معاينة الموت ، فلم ينفعه إسلامه ، ويلحق بمعاينة الموت ما يلجأ إلى الإيمان مثل نتق الجبل ، وإدراك الغرق وقال مجاهد وأبو العالية أسلم الملائكة والمؤمنون طوعاً ، وإقرار كل كافر بالصانع إسلام كرهاً ، وقيل أسلم المؤمن طوعاً وانقاد ظل الكافر كرها ، وهو قريب من الجواز الثانى والثالث ، وظهر لك أن الإسلام فى الآية انقياد لما يقدره الله أو للعمل الصالح ، أو إيمان والطوع يشترك فيه من فى السماوات وبعض أهل الأرض فى أمر الدين ، وكلهم فى غيره من وجه والكره يختص بأهل الأرض من وجه آخر ، والنصب على المفعولية المطلقة ، أى إسلام طوع وكره ، أو الحالية ، أى طائعين وكارهين ، أو ذوى طوع وكره ، والجملة مستأنفة عندهم ، وحال عندى داخلة فى الجواب مع قوله { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ } ، وكذا ما عطف على هذه الجملة وهو قوله { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره . { يُرْجَعُونَ } للجزاء ، أى كيف تبغون غير دين الله ، والحال أن إسلام من فى السماوات والأرض ورجوهم مختصان به ، وقرأ أبو عمرو وعاصم فى رواية حفص ويعقوب يرجعون بالتحتية ، وظاهر القاضى أن التحتية خارجة عن السبع ، بل العشر ولكن الواو فى قراءة التحتية عائد إلى من ، أو إلى من عاد إليه واو يبغون ، وصاحب الحال واو يبغون ، وأجاز بعضهم أن تكون جملة وإليه ترجعون ، مستأنفة ، وعن يونس بن عبيد بن دينار البصرى الشافعى ليس رجل يكون على دابة صعبة ، فيقول فى أذنها { أفغير دِيِنِ اللهِ تَبْغُونَ ولَهُ أسْلَم مَنُ فِى الْسَّمَاواتِ الأرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وإليه يُرْجَعُون } إلا وقفت بإذن الله تعالى . رواه ابن السنى وروى أيضاً عن ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فلينادى يا عباد الله أحبسوا فإن الله عز وجل حاصر يحبسها " قال النووى حكى لى بعض شيوخنا أنه فلتت له دابة ، أظنها بغلة ، وكان يعرف هذا الحديث ، فقالهُ ، فحبسها الله عليه فى الحال ، وكنت أنا مرة مع جماعة فانفلتت منا بهيمة فعجزوا عنها ، فقلتهُ فوقفت فى الحال بغير سبب سوى هذا الكلام ، ذكره الثعالبى ، وكذا نفرت للشيخ أبى عبد الله محمد بن بكر وهو بالبادية بغلة ، فتوجهت إلى أريغ فأعجزتهم ، فقال قولوا يا إخواننا ردوا على الشيخ الضعيف الأعمى بغلته ، ففعلوا فرجعت البغلة دون راد .