Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 8-8)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } هذا وما بعده دعاء الراسخين ، اعترضت فيه جملة { وما يَّذكَّرُ إلا أولو الألباب } فإنها ليست من كلامهم ، وقيل فى قوله { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ … } إلخ أنه مسـتأنف أمرنا أن نقوله ، أى قولوا { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } أى لا تملها عن دينك المستقيم ، بعد إذ هديتنا إليه ، ومنه الإيمان بالمحكم والمتشابه إلى اتباع المتشابه ، وسبيل الشيطان من سبائل الضلال ، إلا تأويله بتأويل حق فإنه دين الله ، وإزاغة القلب خذلانه ، لا جبر ، والقلوب قابلة للزيغ ، فدعا الراسخون فى العلم أن لا يميل قلوبهم عن الحق بعد الرسوخ فيه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن ، إن شاء أقامه على الحق ، وإن شاء أزاغه عنه " ولفظ مسلم عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أنه سمعه صلى الله عليه وسلم يقول " قلوب بنى آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن ، كقلب واحد ، يصرفها حيث يشاء " ثم قال صلى الله عليه وسلم " اللهم أدم قلوبنا على طاعتك " ، والمراد بالأصبيعين داعية الخير ، وداعية الشر شبههما بالأصبعين فى كونهما وسيلتين فى أمر التقليب . والمراد أن القلوب تحت قدرته تعالى - وعلى هذا ثنى الأصبع جرياً على ما اعتاده الإنسان فى التقلب . وقيل { لا تُزِغْ قُلُوبَنَا } عبارة عن السبب بالمسبب ، والمعنى لا تبلنا ببلايا تزيغ قلوبنا كالتاليف الشاقة ، والمصائب ، واسباب الكفران . و " إذ " مضاف إليه ، وزعم بعض أنها حرف مصدر هنا ، أى بعد هدايتك إيانا ، وقرىء لا تزغ ، ولا يزغ بمثناة مفتوحة تحتية ، وفوقية مع رفه القلوب نهى منهم لقلوبهم أن تزيغ ، والمراد دعاء الله ألا تكون زائغة . { وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً } توفيقاً وتثبيتاً على دينك . وقيل مغفرة . وقيل إنعاماً فى الدنيا بالكفاف والاستقامة وفى الآخرة بالجنة . { إنَّك أَنْتَ الْوَهَّابُ } هباتك عظيمات كثيرات ، فالهدى والضلال من الله ، يتفضل بالهدى على من يشاء ، تفضلا به عليه ، ولا واجب على الله تعالى .