Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 105-105)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ } نزلت هذه الآية فى طعمة بن أبيرق بن أبى ظفر بن الحارث من بنى ظفر ، ويقال له أيضا طعيمة بن أبيرق ، وله ثلاثة أخوة بشر وبشير ومبشر ، وكان بشير رجلا منافقا يهجو أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى أشعاره وينسبها لغيره ، فكان المسلمون يقولون والله ما هو الا شعر الخبيث ، فقال شعرا ينتفى من ذلك @ أفكلما قال الرجال قصيدة نحلت وقالوا ابن أبيرق قالها @@ قال قتادة بن النعمان " كان بنو أبيرق أهل فاقة ، فابتاع عمى رفاعه بن زيد دقيقا من دقيق الشام فجعله فى مشربة له ، وفى المشربة درعان له وسيفان ، فعدى على المشربة من الليل ، فلما أصبح أتانى عمى رفاعة فقال يا ابن أخى أتعلم أنه قد عدى علينا فى ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا ، وذهب بطعامنا وسلاحنا ، قال فتحسسنا فى الدار وسألنا فقيل لنا قد رأينا بنى أبيرق استوقدوا نارا فى هذه الليلة ، ولا نراه الا على بعض طعامكم ، وقد قال بنو أبيرق نحن نسأل الله ، والله ما نرى صاحبكم الا لبيد بن سهل . قال قتادة ولبيد هذا رجل صالح مسلم ، فسمع لبيد ذلك ، فاخترط سيفه ثم آتى بنى أبيرق فقال والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة ، فقالوا اليك عنا أيها الرجل ، فوالله ما أنت بصاحبها ، فسألنا فى الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها ، فقال لى عمى يا ابن أخى لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بهذه القصة ، فأتيته صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه فقال أنظر فى ذلك ، فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له أسير بن عروة ، فكلموه فى ذلك ، واجتمع اليه ناس من أهل الدار ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ان قتادة بن النعمان وعمه عمدا الى أهل بيت منا أهل صلاح واسلام يرمونهم بالسرقة على غير بينة . قال قتادة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته فقال عمدت الى أهل بيت ذكر منهم اسلام وصلاح فرميتهم بالسرقة من غير بينة ، فرجعت ووددت أن أخرج من بعض مالى ولم أكلمه ، فأتيت عمى فقال ما صنعت فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الله المستعان فلم نلبث أن نزلت الآيات ، وارتد بعد ذلك طعمة صريحا وهرب الى مكة ، فروى أنه نقب حائط بيت ليسرقه ، فانهدم الحائط عليه فقتله " ، ويروى أنه تبع قوما من العرب فسرق منهم فقتلوه ، وقيل انه لما نزل القرآن فيه ارتد صريحا فهرب لمكة ، ثم نقب الحجاج بن غلاط حائطا ليسرق فوقعه عليه حجرا ضره ، ولما أصبح أخرجه أهل مكة ، فلقى قوما من العرب فقال لهم ابن سبيل ومنقطع به فحملوه ، ولما جن الليل سرقهم ثم ركبوا فى أثره ولحقوه وضربوه بالحجارة حتى قتلوه ، ويجمع بين هذا وما مر بأن ما مر من أنه مات تحت النقب أنه يشارف فيه الموت . وقال ابن عباس " ان طعمة هذا سرق درعا من جار له اسمه قتادة ابن النعمان فى جراب دقيق " ، ويجمع بين هذا وما قبله بأن قتادة هذا سكن مع عمه رفاعة فى دار عمه ، فذكر ابن عباس أن السرقة من قتادة ، وما كانت من مال عمه وداره ، قال ابن عباس " فجعل الدقيق ينتثر من خرق وخبأها عند رجل من اليهود يسمى زيد بن السمين ، فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد ، وحلف ما أخذها ولا له بها علم ، فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى الى منزل اليهودى ، فأخذوها فقال دفعها الىَّ طعمة وشهد له ناس من اليهود ، فقال بنو ظفر انطلقوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقوا فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا ان لم تفعلوا هلك ، وافتضح وبرىء اليهودى ، فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل لقول قومه أن طعمة وأهله أهل اسلام وصلاح ، وهمَّ أن يعاقب اليهودى ، وقيل همَّ أن يقطع يده فنزلت الآية " . وذكر الحسن أنه لما اتهم طعمة بالسرقة ، وفشا القول فيه استودع السرقة عند الرجل اليهودى ، ثم قال انكم اتهمتمونى بالدرع ، وما زلت أبحث وأسأل حتى وجدتها عند فلان اليهودى ، فجاء قوم طعمة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه أن يعذر صاحبهم فنزلت الآيات . وقيل ان زيد بن السمين ما ودع درعا عند طعمة فجحده ، فنزلت الآيات ولعله كان ذلك كله . { بِمَا أَرَاكَ اللهُ } أى بما أعلمك الله أياه بالوحى به اليك حقا أو بما أعلمك الله حقا بالوحى به اليك ، والرؤية علمية ، والمفعول الثانى والثالث مقدران تعدت اليهما بنفسهما ، وللأول بالهمزة ، ويجوز أن يكون من الرؤية المتعدية لواحد بمعنى العرفان ، وتعدت للأول بالهمزة ، فصار له اثنان ، أى بما عرفك الله بتشديد راء عرفك وصيرك معتقدا له ، ويجوز أن يكون مستعار من رؤية البصر برؤية العرفان للتأكيد ، كأنما علمه بالوحى شىء يراه بالبصر ، قال عمر رضى الله عنه يقول لا يقولن أحدكم قضيت بما أرانى الله تعالى ، فان الله تعالى لم يجعل ذلك الا لنبيه عليه الصلاة والسلام ، وأما الواحد منها فرؤيته بحق لا معرفة . { وَلا تَكُن لِّلخَآئِنِينَ خَصِيماً } أى لا تكن من جهة الخائنين تخاصم لهم من يدعى عليهم أنهم خانوه ، فاللام متعلق بخصيما لا على التقوية ، بل على التعليل أو النفع ، فليس الخائنين مفعولا لخصيما ، والخائنون طعمة ومن ركن اليه من بنى ظفر ، والمدعون عليه اليهود وقتادة ورفاعة .