Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 127-127)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النِّسَاءِ } فى ميراث النساء ، وذلك أن " عيينة بن حصن أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال أخبرنا أنك تعطى الابنة النصف ، والأخت النصف ، وإنا كنا نورث من يشهد القتال ، ويحوز الغنيمة ، فقال عليه الصلاة والسلام " بذلك أمرت " فنزلت الآية ، وانما جمع مع ان السائل واحد ، لأنه ووفق على السؤال ، بأن حضر معه بعض قومه أو غيرهم ، وقد أحبوا سؤاله ، هذا ما ظهر لى . ثم رأيت الشيخ هود والحمد لله قال عن الكلبى كانوا لا يعطون الميراث الا من قاتل الأقوام ، وحاز الغنيمة ، وكانوا لا يورثون الجارية ، وكانوا يرون ذلك فى دينهم حسنا ، فلما أنزل الله فرائض الميراث وجدوا من ذلك وجدا شديدا ، فقال عيينة بن حصن لرهط من قومه " انطلقوا بنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم نذكر له فلعله يدعه الى غيره ، فأتوه فقالوا يا رسول الله أتعطى الجارية نصف ما ترك أبوها وأخوها ، ويعطى الصبى الميراث كله ، وتعطى المرأة الربع والثمن ، وليس من هؤلاء أحد يركب الفرس ولا يحوز الغنيمة ، ولا يقاتل أحدا ؟ فقال نعم بذلك أمرت " . { قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } يبين لكم ما أبهم من شأنهن ، فان الاستفتاء طلب الافتاء ، والافتاء تبيين المبهم . { وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الكِتَابِ } عطف على لفظ الجلالة ، فان الله أفنى بتنزيل الأحكام فى القرآن ، والقرآن وهو المراد بالكتاب أفتى مجازا ، لأن فيه ذكر الأحكام ، ولكون المفتى فى الحقيقة الله ، والقرآن انما هو محل الأحكام أفرد ضمير يفتى ، ولم يقل بفتياتكم ، ومع أن لفظ ما معطوف على لفظ الجلالة وأولى من ذلك عطف ما على المستتر فى يفتى لوجود الفصل ، وفتوى الله وما يتلى واحدة ، لكن عددت باعتبار تحقيقها لله ، وكون ما يتلى محلا لها ، تقول أغنانى الملك وعطاؤه . وان جعلنا ما مبتدأ ، وفى الكتاب خبره كان افتاء واحد ، أى وما يتلى من الافتاء الموعود به ثابت فى القرآن ، ويجوز أن يحذف جوازا أى مذكور فيه ، والذى أفتى الله به وتلى علينا فى القرآن هو آيات الميراث المذكورات أول السورة ، فالمضارعان بمعنى الماضى لتنزيل الماضى منزلة حاضر مشاهد ، أو المضارع للحال باعتبار أن الانزال ولو مضى لكن استتم الحكم ، فكان كنزول فى الحال ، ويجوز أن يراد بالكتاب اللوح المحفوظ ، فتكون يتلى للحال المستمر الشامل لمسألة الافتاء وغيره ، لأن جملة الشىء الذى مضى بعضه ، وحضر بعضه ، أو بقى أيضا بعض بعد الحاضر اذا اعتبر مجموعا صح التعبير فيه بصيغة الحال ، تقول زيد يصلى ، وأنت تريد أنه فى الصلاة ، ومضى بعضها ، ويجوز أن يكون ما مفعولا لمحذوف ، أى ويبين لكم ما يتلى عليكم فى الكتاب ، ويجوز أن يكون الواو للقسم ، ولا يصح أن يكون عاطفة على الهاء ، لأن الهاء ضمير متصل مجرور ، ولم يعد الخافض ، ولأن الافتاء فى شأنهن فيفضى العطف على من أن يكون الافتاء فى شأن ما يتلى لا فى نفس ما يتلى . { فِى يَتَامَى النِّسَاءِ } فى اليتيمات من النساء ، فالاضافة للتبعيض أو النساء اليتيمات ، فالاضافة اضافة صفة لموصوف ، وهو بدل من فيهن بدل بعض ، كأنه قيل فى يتامى النساء منهن ، على أن الاضافة اضافة الصفة للموصوف ، وأما على أن الاضافة للتبعيض فالرابط ذكر النساء من وضع الظاهر موضع المضمر ، فاذا جعلنا ما يتلى عليكم فى الكتاب مبتدأ وخبرا ، فالجملة معترضة بين البدل والمبدل منه لتعظيم المتلو ، ويجوز تعليقه بيفتيكم على أن فى هذه للسببية أى بسبب يتامى النساء ، لا على بقائها على الظرفية ، اذ لا يتعلق حرفا جر معناهما واحد بفعل واحد أو نحوه الا بتبعة ، ويجوز تعليقه بيتلى على بقاء الظرفية ، وهذا اذا عطف ما على قبله لا اذا جعلنا ما مبتدأ والا لزم الاخبار على الموصول قبل تمام صلته . وقرىء فى يتامى بمثناتين تحتيتين جمع أيم بفتح الهمزة وتشديد الياء مكسورة أصله بيايم بياء مكسورة ثم ميم ، ، أخرت الياء عن الميم وقلبت الياء ألفا بعد فتح الميم المكسورة تخفيفا . { الَّلاتِى لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } فرض لهن من الميراث ، والتى نعت لليتامى ، واذا جعلنا اضافة يتامى اضافة صفة لموصوف جاز أن يكون نعتا للنساء . { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } أى تقع فى شأن نكاحهن رغبتكم ، وهذا المعنى شامل لرغبتهم عن نكاحهن لفقرهن ، أو ذمامتهن ولرغبتهم فى نكاحهن لمالهن أو جمالهن كان أولياؤهن يرغبون فيهن ، فيتزوجوهن اذا كن جميلات ذوات مال ، وان لم يكن جميلات عضلوهن الى أن يمتن فيأخذوا مالهن . ووجه آخر أن الآية تحتمل تقدير عن وتقدير فى ، ووضعت مجملة ليقدر كل واحد منهما حيث يصلح على سبيل البديلة ، فانها نزلت فى رغبة الأولياء فيهن للمال والجمال ، ورغبتهم عنهن لغير ذلك ، والواو عاطفة لا حالية ، لأن المضارع مثبت مجرد من قد الا على تقدير مبتدأ ، أى وأنتم ترغبون . وقيل بجواز كون الحال جملة فعلها مضارع مثبت مجرد ، وعلى العطف فالعطف على مجموع لا تؤتونهن ، أى اللاتى انتفى ايتاؤكم ما كتب لهن ، وثبتت رغبتكم أن تنكحوهن أو على تؤتونهن أى ولا ترغبون فى أن تنكحوهن ، ويتبادر من الآية أن اليتيمة يجوز تزويجها قبل البلوغ ، لأن الأصل فى اليتم أن يكون فى الحال لا باعتبار ما مضى ، لكن لا يلزم ذلك لجواز أن يراد باليتيم مطلق التجرد عن الأب كما مر أول السورة ، ولو بلغت فليس نصا فى الصغيرة ، ولجواز أن يكون التزوج بعد البلوغ ، ولو وقعت الرغبة فيهن قبله ، الجواز مذهب الحنفية ، بعض أصحابنا ، والمنع للشافعية وجمهورنا . ثم أنه كان عمر رضى الله عنه اذا جاءه ولى يتيمة نظر ، فان كانت جميلة غنية قال زوجها غيرك والتمس لها من هو خير منك ، وان كانت ذميمة ولا مال لها قال تزوجها فأنت أحق بها . وقيل المعنى ويستفتونك فى مهر النساء قل الله يفتيكم فيهن بالعدل لهن ، وكان الولى اذا كانت له ولية غنية تزوجها بدون ما تستحق من مهرها ، وان كان له ولية ذميمة عضلها عن التزوج ينتفع بمالها ، وان ماتت ورثها فلا يشاركه زوجها لو تزوجت فى أرثه ، أو يمنعه قبل موتها فقوله { مَا كُتِبَ لَهُنَّ } على هذا التفسير هو المهر اللائق بها . { وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الوِلْدَانِ } عطف على يتامى ، وكانت العرب لا تورث الولدان ، كما لا تورث النساء ، ومن الولدان حال من المستضعفين ، ومن للبيان ، فالمراد بالمستضعفين هم الولدان ، ولو أريد بالولدان ما يعم الطفل والبالغ لكانت من للتبعيض ، فالمستضعفون من الولدان هم الولدان الأطفال . { وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالقِسْطِ } عطف على يتامى ، أو على المستضعفين ، والأول أولى ، أى وفى أن تقوموا لليتامى بالقسط ، ويجوز أن يكون التقدير ويأمركم أن تقوموا وهو خطاب للأئمة فى أن ينظروا لهم ، ويستوفوا لهم حقوقهم ، أو للقوام بالنصفة فى حقهم ، ويجوز عطفه على { فِى الكِتَابِ } اذا علقنا فى الكتاب بيتلى ، أى وما يتلى عليكم فى الكتاب ، وفى أن تقوموا لليتامى بالقسط ، أى بالعدل ويجوز عطفه على هاء فيهن ، ولو بلا اعادة الخافض لاطراد حذف الجار ، مع أن وان اذا أمن اللبس . { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } يثيبكم عليه ، وروى ابن عباس وجماعة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يفارق سودة بنت زمعة أم المؤمنين رضى الله عنها ، وقد عرفت مكان عائشة من قلبه فقالت له لا تطلقنى وقد وهبت يومى لعائشة ، فنزل قوله تعالى { وَإنِ امْرأَةٌ خَافَتْ } "