Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 128-128)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإنِ امْرأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً } فجعل نوبتها لعائشة كما فعلت ، فأمسكها وذكر النشوز تعميما فى الحكم لسائر الخلق ، والا فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينشز ، وأما الاعراض فقد يمكن منه لأنه لا تجب عليه العلالة ، لكنه قد التزمها ، والمعنى ان توقعت امرأة من زوجها ، وقيل ظنت ، وقيل علمت ترفعا عن حقوقها لكراهتها غير مسبوق بترفع آخر ، ومسبوق به ، واعراضا بوجهه عنها ، أو بتقليل مجالسه ، وتكلم لكبر سنها أو ذمامتها فلا اثم عليهما فى أن يصلحا بينهما ، بأن تترك له حقوقها وبعضها ، فينبسط اليها ويشفق لها ، تزوج عليها أو لم يتزوج ، فامرأة فاعل لخافت محذوفا ناب عنه المذكور ، المؤكد له باعتبار أقبل النيابة ، وأجاز الكوفيون أن يكون امرأة فاعلا مقدما . وأجازوا هم والأخفش أن يكون امرأة مبتدأ ، والصحيح أن الفاعل لا يتقدم ، وأداة الشرط لا تليها الجملة الاسمية ، والبعل الزوج ، والجناح الاثم ، وأن يصالحا على تقدير فى ، والأصل يتصالحا أبدلت الطاء صادا ، وأدغمت فى الصاد ، وصلحا مفعول مطلق اسم مصدر نائب عن مصدر تصالح . وقال مجاهد نزلت الآية فى أبى السائب كانت له زوجة له منها أولاد ، وكانت قبيحة فهم بطلاقها ، فقالت لا تطلقنى دعنى أشتغل عندك بمصالح أولادى ، وأقسم لى فى كل شهر ليالى قليلة ، فقال ان كان الأمر كذلك فهو أصلح له . وقيل كانت كبيرة ، وأنه أراد أن يتزوج غيرها ، وأنها قالت أقسم لى فى كل شهرين ان شئت ، وان شئت فلا تقسم لى ، فذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك ، فأنزل الله هذه الآية . وقال ابن المسيب ان سعد بن الربيع ويسمى أيضا رافع بن خديج ، تزوج عمرة بنت محمد بن مسلمة ، وتسمى أيضا خولة ، وهى شابة ، ولما كبرت تزوج عليها امرأة أخرى شابة ، وفضلها وجفى عمرة ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها ، فنزلت الآية . وعن عائشة رضى الله عنها نزلت الآية فى امرأة كانت عند رجل ، وأراد الرجل أن يستبدل بها غيرها ، فقالت أمسكنى وتزوج بغيرى ، وأنت فى حل من النفقة والقسم ، وفى لفظ آخر عنها نزلت فى المرأة تكون عند الرجل ، ليس بمستكبر منها ، يريد أن يفارقها فتقول أجعلك من شأنى فى حل . وفى الحديث فما اصطلحا عليه من شىء فهو جائز ، وقرأ الكوفيون أن يصلحا بضم الياء واسكان الصاد وكسر اللام من أصلح يصلح اصلاحا فصلحا مفعول مطلق اسم مصدر نائب عن اصلاح ، وأجيز أن يكون مفعولا به بمعنى ما يصلحانه بينهما ، وأما على الوجه الأول فى قراءة الكوفيين فالظاهر أنه لا مفعول ليصلحا لعدم تعلق الغرض به ، لأن المعنى أن يوقعا الاصلاح بينهما . وقيل يقدر له مفعول به أى أن يصلحا حالهما أن يجعل بين مفعولا به له على التوسع ، والأولى فى بين فى جميع الأوجه أن يجعل متعلقا بالفعل قبله ، قيل أو لمحذوف حال من صلحا ، وانما يصح على كون الحال مقدرة لا محكية ولا مقارنة ، وقرىء يصلحا بتشديد الصاد والألف بعدها ، والأصل يصلحا أبدلت الطاء صادا وأدغمت الصاد فى الصاد ، وأصل هذه الصاد تاء . { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } من الطلاق أو من الامساك وسوء العشرة ، أو من الخصومة ، وانما صح التفضيل ، لأن الزوج قد يعتقد أن الطلاق والاستبدال يحسنان ، أو أن الامساك وسوء العشرة فيهما نفع بأن تطلب منه الفداء ، وكذا الخصام ، فأخبرنا الله جل وعلا بأن الصلح أفضل ، فليس كما قيل انه لا يصح التفضيل ، ويجوز أن يكون خير غير صفة ، بل اسم بمعنى منفعة ، وال فى الصلح للعهد الذكرى اذ قال قبل ذلك أن يصالح بينهما صلحا ، فهو الصلح للذى يقع بين الزوجين ، ويجوز أن يكون جنس الصلح الصادق بذلك وغيره ، والجملة معترضة وكذا قوله { وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَ } بين قوله { وَإنِ امْرأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً } الى { صُلْحاً } وقوله { وَإِن تَحْسِنُوا وتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } لأن قوله { إِن تَحْسِنُوا } الخ معطوف على قوله { إنِ امْرأَةٌ } الخ اذ المعنى أن تحسنوا العشرة ، وافيتم بحقوقهن وتتقوا النشوز والاعراض ، فان الله عليم بذلك علما دقيقا محيطا ، أى أثابكم الله على ذلك ، لأنه عالم به ، فجملة أن الله00الخ تعليل قائم مقام الجواب ، أو بسبب قام مقام المسبب ، أو ملزوم قام مقام اللازم . وأجاز أبو حبان أن يكون قوله { وَالصُّلْحُ } الى { رحيما } معترضا بين قوله { وَإنِ امْرأَةٌ } وقوله { وان يتفرقا } ومعنى احضار الأنفس الشح ، أن الله سبحانه وتعالى قرن النفس بالشح يكون حيث كانت لا يفارقها ، فهى شحيحة طبعا فاغتفر عدم تجانس الزوجين ، فهو لا يسمح أن يوفيها حقوقها ، أو يزيد فضلا ، والحال أنه كرهها وطمحت عينه الى غيرها ، وهى تأبى ترك حقها أو بعضه ، والظاهر أن الأنفس مفعول ثان ناب عن الفاعل ، والشح مفعول أول ، فيكون ذلك من نيابة المفعول الثانى من باب أعطى لعدم اللبس اذ لا يخفى أن الشح هو الذى يحيى الى النفس ، ويكون حاضرا عندها ، وليس الشح مستقلا عن النفس تحيى النفس اليه ، وتحضره فهو الفاعل فى المعنى فهو الذى يكون هو المفعول الأول ، ولو تأخر فى باب أعطى فكأنه قيل يصير الله الشح حاضرا للأنفس ، اللهم الا أن يقال ان النفس لما مالت الى الشح جعلت هو المفعول الأول ، وكانت نائبة عن الفاعل ، ثم رأيت والحمد لله فى الكشاف ما وافق ما ذكرته أولا ، اذ قال ان الشح جعل حاضرا لها لا يغيب عنها . وروى أن عمران بن حطان رحمه الله أذم بنى آدم وامرأته من أجملهم ، فأجالت فى وجهه نظرا فقالت عقب هذا النظر الحمد لله ، فقال مالك ؟ قالت حمدت الله على أنى واياك من أهل الجنة ، قال كيف ؟ قالت لأنك رزقت مثلى فشكرت ، ورزقت مثلك فصبرت ، وقد وعد الله الجنة لعباده الصابرين والشاكرين .