Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 31-31)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنْ تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } وقرىء كبير بالإفراد على إرادة الجنس ، والناهى لله أو رسوله ، والسيئة الصغيرة ، والمدخل الكريم الجنة ، والمدخل إسم مكان من الثلاثى ، ولا مانع من أعمال الفعل الرباعى أو غيره فى اسم مكان الثلاثى ، أو إسم الزمان الثلاثى نحو أجلست إبنى مجلس الأمير أى موضع جلوس الأمير ، ولا مانع من ذلك ، فلا حاجة إلى ما قيل من أن عامله ثلاثى محذوف ، أى وندخلكم فتدخلوا بضم الخاء ، مدخلا كريماً ولا إلى ما قبل إنه إسم مكان من الرباعى بحذف الزيادة بمعنى أن أصله من أدخل ، حذفت همزته ، فكان من دخل كما هو وجه فى { نباتاً } من قوله تعالى { والله أنبتكم من الأرض نباتاً } أصله إنباتاً ، ويجوز أن يكون مصدراً ميمياً من ثلاثى يقدر له ، أى ندخلكم فتدخلوا دخولا كريماً ، أو ينصب بالرباعى قبله على حذف الزائد ، على حد ما ذكر ، وقرأ غير نافع بضم الميم على أنه إسم مكان رباعى أو مصدر ميمى رباعى ، أى إدخالا كريماً ، ومعنى كون الإدخال أو الدخول كريماً أنه ذو كرامة ، أى حسن وقبول ، فإذا كان مدخل بفتح الميم أو ضمها ، إسم مكان فهو معمول لدخل ، ظرف ، أو مفعول به ، أو منصوب على نزع الخافض ، على الخلاف فى منصوب دخل الثلاثى ، وإذا كان مصدراً ميمياً ، فمفعول ندخل محذوف ، أى ندخلكم الجنة إدخالا كريماً ، والكبيرة ما رتب الشارع عليه حداً أو وعيداً ، قال على بن أبى طالب وابن عباس فى رواية كل ذنب ختمه الله بالنار أو غضب أو لعنة أو عذاب فهو كبيرة . وأراد بالعذاب الحد أو عذاب الآخرة . قال عبد الله بن عمرو ابن العاص ، إن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الكبائر الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس " وروى أن إعرابياً سأله فأجابه بذلك ، أراد صلى الله عليه وسلم التمثيل بهذه لا الحصر فإنه إذا ذكر لهم ذلك ، عرفوا أن حكم مثلها حكمهما لإجتماع الكل فى الوعيد ، والنهى ، ويدل لذلك ذكره صلى الله عليه وسلم غيرهن فى الأحاديث والنقض منهن ، فقد جاء " أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الكبائر ؟ قال " الشرك بالله " ، قال ثم ماذا ؟ قال " اليمين الغموس " قال واليمين الغموس ؟ قال " يقتطع مال امرء مسلم بيمين هو فيها كاذب " وقال صلى الله عليه وسلم " " من الكبائر شتم الرجل والديه " قالوا وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال " يسب الرجل أبا الرجل وأمه فيسب أباه وأمه " وعنه صلى الله عليه وسلم " " من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه " قالوا وهل يلعن الرجل والديه ؟ قال " نعم يلعن الرجل منهم أبا الرجل وأمه فيلعن أباه وأمه " وعن ابن مسعود رضى الله عنه " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أى الذنب أعظم عند الله ؟ قال " أن يجعل لله نداً وهو خلقك " قلت ثم أى ؟ قال " أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك " ثم قلت أى قال " أن تزنى بحليلة جارك " ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم قد كان عنده ما يلى الأولى وما يلى الثانية ، ثم لم يذكره حتى كان ابن مسعود رضى الله عنه يقول ثم ماذا ؟ ثم ماذا ؟ فهذا يناسب أنه إذا ذكر شيئاً من الكبائر علمنا أنه أراد التمثيل لا الحصر ، وعن أنس بن مالك ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال " الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس " ، وقال " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قول الزور أ " ، أو قال " شهادة الزور " ، وفى رواية أبى بكر رضى الله عنه ، قال ثلاثاً " " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " قلنا بلى يا رسول الله . قال " الشرك بالله " وساق الحديث إلا أنه قال " إلا وشهادة الزور وقول الزور " وكان متكئاً فجلس ، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " وعن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " " اجتنبوا السبع الموبقات " قيل يا رسول الله ما هن ؟ قال " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، والزنى ، والتولى يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " وعن ابن مسعود أكبر الكبائر الشرك بالله ، والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ، والإياس من روح الله . وعن سعيد بن جبير أن رجلا سال ابن عباس عن الكبائر أسبع هى ؟ قال هى إلى سبعمائة أقرب وفى رواية إلى السبعين إلا أنه لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار ، وقال كل ما عصى الله به ، وفى رواية كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة ، وعن سفيان الثورى الكبائر ما كان فيه المظالم فيما بينك وبين العباد ، والصغائر ما كان بينك وبين الله تعالى ، يعنى غير ما ذكر فى الحديث من المظالم التى بينك وبين الله ، أنهُ كبيرة ومع هذا التأويل فلعله لا تصح عنه هذه الرواية ، وروى أنه قال بذلك محتجاً برواية أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم " أنه ينادى يوم القيامة مناد من بطنان العرش يا أمة محمد إنَّ الله قد عفا عنكم جميعاً المؤمنين والمؤمنات تواهبوا المظالم وادخلوا الجنة برحمتى " ولا حجة له وهذا فيما ثبت عنه . وقيل - الكبائر ذنوب العمد ، والسيئات الخطأ والنسيان ، وما أكره عليه . وحديث النفس المرفوع عن هذه الأمة ، وليس كذلك لأن هذه الأنواع لا ذنب فيها ولا عقاب ، اجتنبت الكبائر أو لم تجتنب ، وقال السدى الكبائر ما نهى الله عنه من الذنوب والسيئات مقدماتها وتوابعها ، الذى يقع فيها الصالح والفاسق ، مثل النظرة واللمسة والقبلة ولبس كما قال فإن النظرة واللمسة والقبلة كبائر ، ودليل النظرة الحديث " من نظر نظرة حراماً بشهوة كحلت عيناه بمسامير من النار " والحديث " إن العين تزنى وكذا ما بعد النظر ولو كذبهن الفرج " بمعنى أنهن زنى هو دون الزنى بالفرج ، وأنهن زنى مقدمات للزنى بالفرج ، لكن لم يقع والقبلة ولو لم تذكر فى الحديث لكن فيه القلب يهوى ويتمنى ، والقلب نمرة تمنى القلب ، وكل جارحة عملت عملها فى مقدمات الزنى فقد زنت ، لأنها عملت عن تمنية الزنى ولفظ الحديث فى بعض الروايات عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى وهو مدرك ذلك لا محالة العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها اللمس ، والرِّجل زناها الخطى ، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه " وقيل الكبائر الشرك وما يؤدى إليه ، وما دونه فهو من السيئات . وليس كذلك فكم كبيرة صح فى الحديث أنها كبيرة ، ولا يظهر لنا أنها تؤدى إلى الشرك إلا بوجه تشترك معها الصغيرة ، وعن على الكبائر سبع الشرك ، والقتل ، والقذف ، والزنى ، ومال اليتيم ، والفرار من الزحف ، والتغرب بعد الهجرة . وزاد ابن عمر السحر ، واستحلال البيت الحرام . وعن أما الحرمين والباقلانى الكبيرة ما نهى الله عنه ، كما مر عن ابن عباس وليس كذلك لأن الصغائر منهى عنها لأنها معاصى ، ولا شىء من المعاصى غير منهى عنه ، والآية دليل إذ قال عز وجل { كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْن } احترازاً عن صغائر ما نهينا عنه وهى المكفرة ، باجتناب الكبائر ، وهذا التكفير قطعى عند الفقهاء والمحدثين ، وزعم قوم من الفقهاء المخالفين وأصحاب الأصول منهم وعنه صلى الله عليه وسلم " الكبائر تسع الإشراك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين المسلمين ، وقذف المحصنة ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والسحر ، والفرار عند الزحف ، واستحلال البيت الحرام قبلتكم التى إليها تتوجهون " وعن الحسن الفرار من الزحف يوم بدر من الكبائر ، وقال بعضهم الفرار يوم ملحمة الروم الكبرى من الكبائر لأن المسلمين يجتمعون يومئذ ، كما لم يكن يوم بدر من المسلمين إلا من حضر القتال ، وستكون هذه الوقعة قيل تكون فى قسطيلية ولعلها هى قسطينة المغرب التى هى آخر أعمال الجزائر إلى جهة تونس ، " قال الحسن ذكرت الكبائر عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال " اين تعدون اليمين الغموس " ، وذكروا أن أبا العالية الرياحى قال يقولون الكبائر السبع وأنا أراها سبعاً وسبعاً وسبعاً حتى عد أربعين أو أكثر . وعن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " " ما تعدون الزنى والسرقة وشرب الخمر " قالوا الله ورسوله أعلم . فقال " فواحش وفيهم عقوبة " ثم قال " أكبر الكبائر الإشراك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين " ، وكان متكئاً فجلس ثم قال " ألا وقَوْلِ الزورِ إلا وقول الزور إلا إن لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة بقدر عذرته يركز عند دبره " " وعن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يزنى الزانى وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن ، ولا يقتل النفس وهو مؤمن ، فإذا فعل ذلك فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه " وأعظم الكبائر الإشراك بالله سبحانه وتعالى عز وجل ، وبعده القتل ، قيل أكبر الكبائر الشرك ، وأصغر الصغائر حديث النفس ، وبينهما وسائط يصدق عليها الأمران فمن عرض له أمران منها ولم يتمالك فكف عن أكبرهما ، كفَّر عنه ما ارتكب لاجتناب الأكبر ، ولكثيراً ما يعد شىء ذنباً فى حق إنسان دون آخر ومن الكبائر أكل مال الناس بالكذب أو بالغش أو بالبخس أو بالسرقة أو الغصب أو المداراة ، وكل إتلاف مال ولو أقل قليل عندنا إلا ما تسمح به النفس ، أو بالزنى ، أو لمعصية ، وشرب ما يسكر أو أكله ، سواء شهر باسم الخمر ، أو باسم النبيذ أو غيره ، ولو أقل قليل ، والميسر ، والميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، والبول ، والغائط ، وإخراء بنى آذم وفضلاتهم ولو طاهرة ، وعقوق الأب أو الأم ، والقذف ، والكذب مطلقاً . وقيل على الله أو رسوله . وقيل على أحدهما أو كذب هرق به دم أو تلف به مال ، وترك الاختتان حين لا عذر ، والغيبة والنميمة ، والغلول وهو داخل فى أكل المال بالباطل ، والتنابز بالألقاب ، والإعزاء بين البهائم والطفال أو الناس ، وقسمة المواريث بغير ما أنزل الله ، والحكم بغير ما أنزل الله ، والرشوة فى الحكم ، وكتمان الشهادة ، وتحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله سبحانه وتعالى ، وهذان دخلا فى الشرك ، وترك الصلاة المفروضة ، ومنع الزكاة ، والإفطار فى رمضان ، وترك الحج والإيصاء له ، والكبر ، والحسد ، والرياء ، وسوء الظن بالمداومة عليه ، حتى يكون قاطعاً أو كالقاطع ، والإياس من رحمة الله تعالى ، ولو رحمة الدنيا . والأمن من عذاب الله ، ولو عذاب الدنيا ، وأما الإياس من مخلوق ، والأمن من مكره فليس من ذلك ، وطلب العلو ، وحب الثناء ، وسخط المقدور ، والمكر ، والخديعة ، والبخل ، والرغبة ، والرهبة ، وجهل الفرائض ، والفخر ، وتعظيم الأغنياء ، واحتقار الفقراء ، والمداهنة فى الدين ، وإتيان المرأة فى دبرها ، وإتيانها فى الحيض - الحديث أنهما ذنبان عظيمان - لا كما قيل إن إتيانها فى الحيض ليس كبيرة ، وإذا كنا نعد أنواع الشرك وأنواع أكل المال بالباطل ، وأنواع ترك الصلاة كترك الوضوء ، وترك الاستنجاء ، وترك الغسل من الجنابة أو الحيض أو النفاس ، وأنواع ما أشبه ذلك فقد يجتمع سبعمائة أو أكثر ، ومنها ضرب الطبل لعباً مع الاجتماع عليه ، والمزامير ونحوها من آلات اللهو ، والنداء بالقبائل والحمية ، والعجب والركون إلى الباطل ، ومنع الحق ، والزنى بالجارحة كاليد ، وسحاق النساء ، وكشف العورة ، وقطع الرحم ، والدخول بلا إذن ، خلافاً لمن وهم فى ذلك ، وترك رد السلام خلافاً لمن وهم فى ذلك ، واستقصاء المرأة الحرة صوتها بلا ضرورة ، وقيل ولو لم تستقص إذا جهرت قدر ما يسمع ، وبينه وبين السامع سبع حرمات كبار وقيل غير ذلك ، ونشوزها وعصيان الأمة والعبد سيدهما ، وبيع الحر ، ووضع السلاح للعدو ، وقيل إن لم يكن عنده آخر ، وقيل إن قتله به أو ضره به ، واللطمة ، وقيل صغيرة ، وأكل الطين ، وحلق اللحية أو قصها أو نتفها ، وعدم اعتدال فى الركوع على الصحيح ، وهو مما يدخل فى ترك الصلاة وترك إنفاق من لزمت نفقته ، وتعذيب الحيوان بما لا يجوز ، كالمثلة به ، والطعن فى الدين ، والهمز والغمز واللمز ، وقتل الحيوان بلا ذكاة ، والاستماع إلى استنجاء أو قضاء حاجة الإنسان أو قضاء حاجة الإنسان تلذذاً ، وقصد المرأة أن يشم الرجل رائحتها ، وقيل المراد أنواع الشرك فى الآية لقوله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به … } الآية وليس كذلك لأنه خلاف الظاهر ، ولأن الشرك وما دونه متعلقان بالمشيئة من حيث الغفران ، فلو شاء الله غفرهما بالتوفيق للتوبة وفيه صغر للذنوب ، وكبرها سىء .