Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 4-4)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَآتُواْ النِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } الصدقات بفتح الصاد وضم الدال المهور ، والمفرد صدقة بذلك الضبط ، وذلك لغة الحجاز ، وقرئ صدقاتهن بفتح الصاد وإسكان الدال تخفيفاً من ضمها ، كسمرة بفتح السين وإسكان الميم ، فى سمرة بفتحها وضم الميم . وقرأ قتادة صدقاتهن بضم الصاد وإسكان الدال جمع صدقة ، كغرفة ، وقرأ مجاهد وابن أب عبلة صدقاتهن بضم الصاد والدال ، وإما ضم الصاد من السكون إتباعاً للدال ، كغرفات ، بضم الغين والراء فى جمع غرفة بضم الغين وإسكان الراء ، أو جمعاً لصدقة على لغة من يضم الصاد والدال ، كما قرأ ابن وثاب والنخعى صدقاتهن بضمهما مع الإفراد . والنحلة العطية عن طيب نفس ، بلا توقع عوض وإعطاء المرأة صداقها واجب يدان به ، ويكون بطيب نفس ، وبل مطالبة من المرأة ، وكيف إذا طلبت ؟ وتفسير قتادة وابن جريح وابن زيد { النحلة } الفريضة تفسير بالواقع ، لا بالوضع اللغوى ، وذلك أن إعطاء الصداق للمرأة فريضة ، وليس النحلة فى اللغة الفريضة ، وكذا تفسير ابن عرفة له بالدين تفسير بالواقع ، لأنه دين يدان به لله لا بالوضع اللغوى ، إذ لم يوضع بمعنى الدين ولا نسلم أن انتحل تدين بل بمعنى تناول الشىء بقلبه ، أو جارحته والظاهر أن مراد هؤلاء أنه موضوع لغة للدين وللفريضة ، ونصب نحلة على المفعولية المطلقة ، لآتوا ، لأنه بمعنى إيتاء ، أو على الحالية من واو آتوهن بمعنى ناحلين ، أو من صدقة بمعنى نحلة منحولة ، وعلى هذا الآخر الناحل الأزواج والأولياء ، والناحل الله ، أى نحلة من الله وتفضلا بها عليهن ، إذ فرضها لهن ، وعلى الذى قبله الناحلون الأزواج ، والأولياء . وعلى تفسيره بالديانة يكون حالا من الواو ، أو مفعولا لأجله أى متدينين ، أو تديناً أو حالا من صدقات والخطاب فى أتوهن للأزواج ، وقيل للأولياء ، لأن العادة فى الجاهلية أن يأكل الولى صداق وليته ، فإذا ولدت للرجل بنت قيل له هنياً لك النافحة ، أى المكثرة لمالك ، بضم صداقها إليه ، واختير الأول لأنهُ لم يجز للأولياء ذكر وحر للأزواج وعليه الأكثر ، قال عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن أحق الشروط أن يوفى ما استحللتم به الفروج " قال صهيب رضى الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أصدق امرأة صداقاً وهو مجمع على أن لا يوافيها إياه ثم مات ولم يعطها إياه ، لقى الله عز وجل زانياً " وقيل الآية نهى عن نكاح الشغار ، أى اثبتوا للنساء صدقات ، ولا يزوج أحدكم وليته لآخر بلا صداق على أن يزوج له الآخر وليتهُ بلا صداق ، فإنه إذا لم يف عنهما الصداق لم يؤتهما وإذا عقد لهما أو ثبتاه . { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ } فإن طابت النساء المتزوجات لكم يا معشر الأزواج . { عَن شَىْءٍ مِّنْهُ } أى من الصداق المدلول عليه ، بقوله صدقاتهن فى حوز عود الضمير للصدقات ، فتأويل المذكور وعوده على الإيتاء المدلول عليه بآتوا ، والمراد جنس الصداق ولأن كل واحدة بصداقها ، ومن للبيان ، أى عن شىء هو الصداق كله فيفهم منه بالأولى أنه يسوغ أن تهب بعضه أيضاً كما يسوغ أن تهبه كله ، ويصح للزوج ، ويجوز أن تكون للتبعيض ، فيفهم بالمساواة أنه يصح أن تهبه كله للزوج فيصح لهُ ، لأنه شرط طيب النفس ، ومعلوم أنه مع طيبها يصح له . { نَفْساً } تمييز محول عن الفاعل ، لأن المراد بيان الجنس . { فَكُلُوهُ } أى تصرفوا فيه بالإنفاق فى مصالحكم ، استعمل لفظ الخصوص فىالعموم . { هَنِيئاً } غير مكدر بعقاب فى الدنيا ولا فى الآخرة ولا رد . { مَّرِيئاً } شبيهاً بالطعام اللائق بالمعدة والقلب فى مطلق الحسن والقبول ويجوز أن يكونا بمعنى أولها أو ثانيهما تأكيداً ، وقيل هنيئاً طيباً مساغاً لا يكدره شىء كما تكدر اللقمة بالغص ، ومريئا محمود العاقبة لا ضرر فيه عليكم فى الآخرة ، وقيل الهنىء ما يلذه الإنسان ، والمرىء ما تحمد عاقبته نزلت الآية ردا على من كره هبة المرأة صداقها أو بعضه لزوجها ، أو تخرج عن هبتها ، فإذا وهبته بطيب نفس لزوجها صح لهُ ، ولو طلبت منه رده بعد ذلك ، لم يكن لها به ، وكذا ما وهبت لهُ من مالها ، ولو غير صداق وإن تبين أنه لم تطب ، ثم طلبته رده إليها ، وحكم عليه بالرد ، وكذا لو وهبت له على شرط ، ولم يف لها به مثل أن تهب له على أن لا يطلقها ، صرحت أو علم ذلك بإمارة ، أو تهب له لأنه يهددها ، أو يسىء عشرتها ، فإنه يرده إليها . قال ابن عباس رضى الله عنهما " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سئل عن هذه الآية فقال " إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة لا يقضى به عليكم سلطان ، ولا يؤاخذكم به فى الآخرة " . وعن عمر بن عبد العزيز أيما امرأة تصدقت على زوجها بطيب نفسها ، فهو جائز ، قال يقول ما طابت به نفسها فى غير كره أو هوان ، فقد أجل الله له ذلك . واختلف فيما إذا وهبت لزوجها ، ولم تتبين إمارة الطيب ولا إمارة غيره ، أو شىء مما يوجب الرد ، فقيل تحمل على الطيب ، فلا يرد إليها . وقيل على غيره فيرد إليها . روى أن عمراً رضى الله عنه كتب إلى عماله أن النساء يعطين رغبة ورهبة ، فأيما امرأة أعطت ثم أرادت أن ترجع فلها ذلك . وروى أن رجلا من آل أبى معيط أعطته امرأة ألف دينار صداقاً كان لها عليه فلبث شهراً ثم طلقها ، فخاصمته إلى عبد الملك ابن مروان ، فقال الرجل أعطتى طيبة بها نفسها . فقال عبد الملك فاين الآية التى بعدها فلا تأخذوا منه شيئاً ؟ اردده عليها . وروى عن الشعبى أتى مع امرأته شريحاً فى عطية أعطتها إياه ، وهى تطلب أن ترجع ، فقال شريح رد عليها . فقال الرجل ألم يقل الله تعالى { فإن طبن لكم عن شىء منه } فقال لو طابت نفسها عنه لما رجعت فيه . وعنه قبلها وهبت ولا أقبله ، لأنهن يخدعن . و { هنيئاً مريئاً } حالان من هاء كلوه ، العائد إلى الشىء أو مفعولان مطلقان نعتان لمصدر محذوف ، أى فكلوه أكلا هنيئاً مريئا ، وإسناد الهناءة والمراءة إلى الأكل بإسكان الكاف مجاز عقلى لأن حقيقتها للمأكول ، أو مفعولان مطلقان ، بمعنى المصدر على حذف مضاف ، أى أكل هناءة ومراءة وناصبهما كلوه ، أعنى فعل الأمر أو مفعولان مطلقان على طريق العرب ، فى الدعاء لأن الله لا يوصف بالدعاء على التضرع كسقيا ، كأنه قيل هناءة ومراءة ففاعلهما محذوف من لفظهما ، أو مفعولان مطلقان ، كذلك لكن على تقدير القول ، والقول حال من واو كلوه ، أى مفعولا لكم هناءة ومراءة .