Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 51-51)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } جملة { يُؤْمِنُونَ } حال من { الَّذِين } لا من واو { أُوتُوا } كما قيل ، لأنهم حين أوتوا ليسوا مؤمنين بالجبت والطاغوت فيما يتبادر ، إلا أن يقال حال مقدرة ، أى أوتوا مقدراً لهم الإيمان بالجبت والطاغوت أو مستأنفة جواب سؤال ، كأنه قيل إلا تعجب من الذين أوتوا نصيباً من الكتاب ؟ فقيل وما حالهم ؟ قال يؤمنون بالجبت والطاغوت ، نزلت الآية فى قوم من اليهود بالغوا فى العناد حتى قالوا إن عبادة الأصنام أرضى عند الله مما يدعو إليه محمد ، وقد علموا أن دين محمد صلى الله عليه وسلم الحق ، وروى أن حيى بن أخطب وكعب بن الأشرف وجمعاً من اليهود جملتهم سبعون راكباً خرجوا بعد وقعة أحد إلى مكة يحالفون قريشاً على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد جرى قبل وقعة أحد بين اليهود ورسول الله صلى الله عليه ، وسلم عهد على أنهم لم يكونوا فى نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكونوا عليه فنقضوا العهد للذهاب إلى مكة فى محالفة قريش ، فنزل كعب على أبى سفيان فأحسن مثواه ، ونزل باقى اليهود على قريش فى دورهم ، فقال لهم أهل مكة أنتم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب وبلدكم أقرب إلى بلده فلانا من أن يكون هذا مكراً منكم فإن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لهذين الصنمين ، وهما صنمان أحدهما يسمى الجبت ، والآخر الطاغوت ، وهما المذكوران فى الآية ، فسجدوا لهما ، وفى رواية ، إن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لآلهتنا وآمنوا بها حتى تطمئن قلوبنا إليكم ، ففعلوا ، فذلك قوله تعالى { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } ثم قال كعب ابن الأشرف لأهل مكة ليجىء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون فنلزق أكبادنا بالكعبة ، فنعاهد رب هذا البيت ، لنجتهد على قتال محمد ففعلوا ، ثم قال أبو سفيان لكعب إنك سيدنا وسيد قومك ، وإنك لامرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم فأينا أهدى طريقاً نحن أو محمد ؟ فقال كعب اعرضوا على دينكم ودينه ، فقال أبو سفيان نحن نذبح للحجيج الكوماء أى الناقة السمينة الجسيمة - والمراد الجنس - ونسقيهم ، الماء ونقرى الضيف ، ونفك العانى - أى الأسير - ونعمر بيت ربنا ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ، ومحمد فارق الحرم ودين آبائه ، وقطع الرحم ، وديننا قديم ودين محمد حديث ، ومحمد يأمر بعبادة الله وحده ، وينهى عن الشرك ، ونحن نعبد آلهتنا التى وجدنا عليها آباءنا . فقال كعب أنتم والله أهدى سبيلا ، فنزلت الآية . وقال مجاهد { الجبت } الكاهن ، و { الطاغوت } الشيطان فى صورة إنسان . وقال بعضهم كنا نحدث إن الجبت الشيطان والطاغوت الكاهن ، وعن الحسن { الجبت } الساحر ، و { الطاغوت } الكاهن . وقيل الجبت اسم للأصنام ، والطاغوت اسم لشياطين الأصنام . والمراد الجنس ولو أفرد لفظهما وكان قبل لكل صنم شيطان يكلم الناس من جوفه فيفترون بذلك . وقيل الجبت اسم صنم واحد ثم أطلق على كل صنم وعلى كل ما عبد من دون الله وقيل أصله الجبس وهو من لا خير فيه ، ثم قلبت السين تاء ، والطاغوت اسم لكل باطل من معبود او غيره . وقيل الجبت ما حرم الله ، والطاغوت ما يطغى الإنسان . وقيل الجبت هو حيى بن أخطب ، والطاغوت كعب بن أشرف ، ففى هذا القول { الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَاب } ومن اتبعهما من اليهود على ضلالهما ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " العيافة والطيرة والطرق من الجبت " فقيل الطرق زجر الطائر فإن مر يميناً مضى فى أمره ، وإّلا رجع ، والعيافة ضرب الرمل لاستخراج الضمير ، والطيرة أن يرى الشؤم من شىء يتفاءل به . وقيل الطرق ضرب الحجارة تكهناً . وقيل الطيرة زجر الطائر والطرق . { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أى لكفار قريش أى يقولون فيهم . { هَؤُلاءِ } أى كفار قريش . { أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً } أى طريقاً ، أى ديناً ، وهذا شامل لقولهم لقريش لما عدوا مناقبهم - كما مر آنفاً أنتم والله أهدى سبيلا ولقولهم لأناس لغطفان أنتم أهدى سبيلا ، فإنهم لما قالوا لقريش أنتم أهدى سبيلا قال عيينة ومن معه ومن غطفان أما قريش فقد عدوا ما فيهم ففضلوا عل محمد وأصحابه فنناشدكم الله أنحن أهدى أو محمد وأصحابه ؟ . فقالوا لا والله ، بل أنتم أفضل . وجملة { يقولون } معطوفة على { يؤمنون } ، وقيل نزلت الآية فى كعب وحيى ، لقيا قريشاً بالموسم فقال لهما المشركون نحن أهدى ؟ أم محمد وأصحابه ؟ فأتى أهل السدانة وأهل السقاية وأهل الحرم . فقالا بل أنتم أهدى من محمد . وقيل الذين كفروا هم اليهود . قال حيى وكعب ونحوهما من اليهود الذين أوتوا نصيباً من الكتاب هؤلاء ، أى اليهود أهدى من الذين آمنوا سبيلا .