Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 56-56)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِنَا سَوفَ نُصلِيهم نَارًا } فلا بد منها لمن صد عنه ، اذا كان كل من كفر بآيات الله ، الدالة على وجوده ، وتنزهه عن الشبه ، وعلى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود وسائر المشركين ، أو أريد كل كافر من أمة ومعنى { نُصلِيهم } ندخلهم . { كُلمَا } ظرف متعلق ببدلنا بعده ، وما مصدرية ، والمصدر من صلتها أضيف اليه كل ، فهو مصدر ناب عن ظرف الزمان ، أضيف اليه كل ، فاكتسب منه الظرفية . { نَضَجَتْ جُلُودُهُم } احترقت جلودهم ، وقيل أجسادهم . { بَدَّلنَاهُم جُلُودًا غَيرَهَا } هذه الجملة حال من هاء { نُصلِيهم } ومعنى تبديل الجلود رد تلك الجلود المحترقة بعينها على حالها قبل أن تحترق ، كما يرد الأجسام الفانية بعينها يوم البعث ، فيزول أثر الاحراق ، أو تعاد على صورة أخرى ، وعلى كل حال فتتجدد قوة احساسهم بالاحراق ، كما قال { لِيَذُوقُوا العَذابَ } أى ليحدث لهم عذاب جديد يحسونه ، كمن يذوق طعاما جديدا ، أو ليدوم لهم ذوق العذاب ، كقولك للعزيز أعزك الله ، إذا أردت ابقاء عزه لا تبديله ، ولا الزيادة عليه ، وان قلت كيف تكون الجلود المبدلة عين الأولى ، وقد قال الله جل وعلا { غَيرَهَا } ؟ قلت لما كانت صفتها تبدل من الاحتراق الى عدمه ، نزل تغير الصفة منزلة تغاير الذات ، كما تقول هذا يسرا أفضل منه رطبا ، وكما تقول جاء زيد العالم والشاعر ، تزيد بهما زيدا ، وكما تقول بدلت خاتمى ، تريد أنه أذيب أو دق فصنع على كيفية أخرى . وقيل تجدد لهم جلود أخرى غير الأولى العاصية المحترقة ، ولا ظلم فى ذلك للجلود المبدلة ، لأن الجلود والأبدان لا تتألم بنفسها ، بل يتألم القلب . وقيل الجلود المبدلة سرابيل القطران ، وقيل يخرج من تحت الجلد جلد صر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تبدل جلودهم كل يوم سبع مرات " وعن الحسن يبدلون كل يوم سبعين جلدا بيضا ، وعنه صلى الله عليه وسلم " تبدل جلود الكافر فى كل ساعة مائة مرة ، كلما أكلتها النار وأحرقتها قيل لهم عودوا فيعودون كما كانوا " وهذا يدل أن التبديل اعادة نفس الأول . وعن الحسن بن أبى الحسن تبدل عليهم فى اليوم سبعين ألف مرة ، وعن ابن عباس يبدلون جلودا بيضا كأمثال القراطيس ، وقرئت هذه الآية عند عمر رضى الله عنه فقال للقارىء أعدها ، فأعادها وكان عند معاذ بن جبل ، فقال معاذ عندى تفسيرها تبدل فى كل ساعة مائة مرة ، فقال عمر هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن أبى هريرة " ما بين منكبى الكافر فى النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع ، وعنه أيضا ضرس الكافر ، أو قال ناب الكافر مثل أحد ، وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام " ، يرفع الحديثين الى رسول الله صلى الله عليه سلم ، وذكروا أن النار تأكل أجسادهم حتى تنتهى الى الفؤاد ، فينضج الفؤاد فلا تأكل فتخبو ، ثم يعادون خلقا جديدا . { إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزاً } فى انتقامه ، فمن كفر لا يعجزه ما أراد . { حَكِيماً } فى عقابه ، فانه يعاقب على وفق حكمته ، ومنها تعذيب الضعيف بالنار الشديدة ، وأنه لا يعذب إلا مستحق التعذيب ، ولا بد من وقوع وعيده كوعده ، صونا لكلامه عن الكذب ، وليس من الحكمة تركه لمستوجبه ، فأخطأت الأشعرية فى قولهم انه يتركه لبعض المكلفين الموحدين ، والمرجئة قبحهم الله إذ قالوا كل وعيد فى القرآن تخويف لا يحقق بالوقوع .