Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 69-69)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِينَ وَالصِدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءَ وَالصَّالِحِينَ } استئناف ترغيب فى طاعة الله ورسوله ، بكونه خيرا لهم وأشد تثبيتا ، وايتاء الأجر العظيم ، وبهداية الصراط المستقيم ، وزاد بمرافقة الذين أنعم الله عليهم فى الجنة ، وكأنه قيل ولرافقوا النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ومن النبيين الخ بيان لهاء عليهم حال منها . والمراد بالانعام عليهم التوفيق للايمان توحيدا وعبادة ، وانما لم أجعل من النبيين حالا من الذين ، لان الذين مضاف اليه ، ليس معه شروط مجىء الحال من المضاف اليه ، نعم أجاز بعض مجىء الحال من المضاف اليه بلا شرط ، والصديق المبالغ فى الصدق بحيث لا يقول بلسانه شيئا من الخير إلا حققته جوارحه وقلبه ، سواء أطلعه الله على ما لم يطلع عليه غيره أولا . وعلى كل حال فهو أخبر بشىء فصدق به ، بخلاف النبى فكمن يرى ويخبر عما يرى ، والشهيد الموفى بدين الله المقتول بالجهاد فى سبيل الله ، والصالح من خلا عن فساد اعتقاد وعمل وقول من أول مرة أو بالتوبة ، فمن الناس من لم يعص الله قط ، وليس نبى ، ومنهم من مات كما بلغ أو بعده قبل أن يعصى ، ومنهم من مات بعد التوحيد وقبل المعصية . وقيل من استوت علانيته وسريرته فى الخير ، ويكفى فى صدق الكون مع هؤلاء أن يكون الانسان فى الجنة كما هم فيها ، ولو تفاوتت الدرجات ، ويؤذن له فى زيارة من فوقه ، ثم يرجع الى منزله ، ومن يطع الله والرسول ، ولم يكن شهيدا ، ولم يبالغ فى الصدق ، شملته وهؤلاء الجنة ، ولو لم يبلغ درجتهم ، كان أيضا مع جملة الصالحين السابقين بالموت قبله ، مساويا من ساواه بعمله ، وفائقا من دونه منهم ودون من فاقه منهم والرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . وأجيز أن يكون الشهداء العلماء الراسخون الذين هم شهداء الله فى أرضه ، وأنا أعوذ بالله من تفسير الصوفية ، وكان الصواب إذ مالوا الى ما مالوا أن يقولوا ان آية كذا ، أو حديث كذا يتضمن بالمعنى كذا وكذا ، والآية على العموم . وقيل الصديقون أفاضل الصحابة ، كأبى بكر وعمر ، والشهداء شهداء أحد ، وقيل الصديقون من الصدقة ، وقد قيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصديقون المتصدقون . قال عبد الله بن زيد الأنصارى ، الذى روى عنه أنه رأى الأذان فى المنام قيل ان كانوا يؤذنون يا رسول الله اذا مت ومتنا كنت في عليين ، فلا نراك ولا نجتمع بك ، وذكر حزنه على ذلك ، فنزلت الآية . وعن الكلبى قال رجل " يا رسول الله لقد أحببتك حبا ما أحببته شيئا قط ، ولأنت أحب الى من والدى والناس اجمعين ، فكيف لى برؤيتك ، إن أنا دخلت الجنة ، ولم يرد اليه شيئا ، فأنزل الله { وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ } الآية فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه " . وروى " أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قليل الصبر عنه صلى الله عليه وسلم ، فأتاه يوما وقد تغير وجهه ، ونحل جسمه ، وعرف الحزن فى وجهه ، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حاله فقال يا رسول الله ما بى من وجع ، غير أنى اذا لم أرك اشتقت اليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، وذكرت الآخرة فعرفت أن لا أراك هناك ان دخلت الجنة ، لأنى عرفت أنك ترفع من النبيين ، وان دخلت الجنة وكنت فى منزل هو دون منزلك ، وان لم أدخل فذاك حين لا أراك أبدا ، فنزلت الآية ، فقال صلى الله عليه وسلم " والذى نفسى بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحب اليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين " . وروى أن رجلا من الأنصار ، لعله عبد الله بن زيد الأنصارى ، جاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال لأنت أحب الى من نفسى وأهلى ومالى وولدى ، ولولا أنى آتيك فأراك لظننت أنى سأموت ، أى حزنا وبكى ، فقال صلى الله عليه وسلم " ما يبكيك ؟ " قال ذكرت أنك ستموت ونموت ، فترفع مع الأنبياء ، ونحن ان دخلنا الجنة كنا دونك ، فلم يخبره النبى صلى الله عليه وسلم بشىء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقرأها عليه وقال " أبشر " ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الى ذلك الأنصارى رجل وهو فى حديقة له ، فأخبره بموت النبى صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أعمنى فلا أرى شيئا بعد حبيبى حتى ألقى حبيبى فعمى مكانه رضى الله عنه " . { وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا } تمييز محول عن الفاعل ، لأنه لو قيل وحسن رفيق هم أولئك لصح وهو جامد أو حال ، لأنه ولو جمد لكن صح تأويله بمرافقين ، وهو يطلق على الواحد فصاعدا ، ولذلك أفرد فى الوجهين ، أو أفرد على معنى وحسن كل واحد من النبيين ، وكل واحد من الصديقين ، وكل واحد من الشهداء ، وكل واحد من الصالحين رفيقا ، أعنى أن المراد حسن كل واحد من أفراد هؤلاء رفيقا ، أو هو تعجيب كأنه قيل ما أحسنهم أى تعجبوا أيها المؤمنون من حسنهم . وقرىء باسكان السين تخفيفا من الضم مع بقاء فتح الحاء ، وجاز فى الكلام أيضا ضم الحاء واسكان السين نقلا للضم منها الى الحاء . وروى محمد بن اسماعيل ، وأبو الحجاج المحدثان ، عن أنس " أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال متى الساعة ؟ قال " وما أعددت لها ؟ " قال لا شىء إلا أنى أحب الله ورسوله ، فقال " أنت مع من أحببت " قال لنا فما فرحنا بشىء أشد منه بقول النبى صلى الله عليه وسلم " أنت مع من أحببت " قال أنس فأنا أحب النبى صلى عليه وسلم وأبو بكر وعمر ، وأرجو أن أكون معهم بحبى اياهم ، وان لم أعمل بأعمالهم .