Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 83-83)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ } بالنصر لسرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم . { أَوِ الخَوْفِ } بالهزيمة من الكفار ، سواء أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحى عما أصابت السرية ، أو أصابها أو أخبرهم غيره بسؤالهم أو بلا سؤال منهم ، والهاء للمنافقين ، أو لضعفة المسلمين ، أو من قلت تجربته منهم أو لهؤلاء كلهم . { أَذَاعُوا بِهِ } أى صرحوا به ، وتحدثوا به ، ولذلك تعدى بالباء أو هى زائدة أى أظهروه وشهروه ، فما كان من أمن يذكره المنافقون منافقة بذكره ، ليظهروا أنهم يحبون النصر للمؤمنين ، أو يذكروه على وجه التحقير له ، وما كان من خوف يذكروه منافقة باظهار أنهم توجعوا به . وفى ضمن ذكره تعظيم له وكسر لقلوب المؤمنين ، وأما من ضعف ايمانه ففيه طرف مما لحق المنافقين ، وأما من قلت تجربته فما يؤتى الا من قبل قلتها ، والجمهور أنها فى المنافقين ، واعلم أن ضعفاء المؤمنين ومن قلَّت تجربته يسمعون الأمن أو الخوف من مخبر ، أو وحى كما مر ، أو من المنافين يرجعون بالخوف أو التحقير ، واذا سمعوه أفشوه ، فكان ذلك مفسدة ووبالا على المؤمنين ، واذاء النبى صلى الله عليه وسلم . { وَلَوْ رَدُّوهُ } أى لو ردوا ذلك الأمر الذى جاء وسمعوه . { إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الأَمْرِ مِنْهُم } كأبى بكر وعمر وغيرهما من ذوى البصائر ، وقيل أصحاب السرايا والبعوث ، كعلى وخالد بن الوليد وغيرهما من أمراء السرايا والبعوث ، وانما قال منهم مع أن أولى الأمر ليسوا من المنافقين ، لأن المنافقين فى الظاهر من جملة المؤمنين ، ولا إشكال فى ضعفاء المؤمنين ومن قلت تجاربه ومنهم حال من أولى . { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ } يستخرجون تدابيره وعلمه ، والاستنباط اخراج النبط وهو أول ما يخرج من البئر من الماء أول ما تحفر ، استعير لما يستخرج بقوة الفهم ، والذين يستنبطونه هم الرسول وأولوا الأمر منهم من جملة الناس ، ومن للتبعيض كالتى قبلها ، وتتعلق بمحذوف وجوبا حال من الواو أى لعلمه من هو من أهل الاستنباط منهم ما هو ، وهل صح ، وهل الفائدة فى اذاعته ، وهل هى فى ترك اذاعته وعلم إما على بابه ومفعوله الثانى محذوف كما علمت ، أو بمعنى عرف أو الذين يستنبطونه هم المنافقون أو ضعفاء المؤمنين ، ومن قل تجربته أو كلهم ، ومنهم متعلق بيستنبطونه ، ومن للابتداء ، والهاء فى منهم عائدة الى الرسول وأولى الأمر ، أى لعلمه هؤلاء المذيعون ، ويحصل لهم تحقيقه من الرسول وأولى الأمر ، ويجوز تعليق من بعلم أى لعلمه هؤلاء من الرسول وأولى الأمر . وروى " أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه جاء وقوم فى المسجد يقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال فقلت يا رسول الله أطلقت نساءك ؟ فقال لا . قال عمر فقمت على باب المسجد فقلت ألا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلق نساءه ، فأنزل الله هذه الآية { وَإِذّا جَآءَهُمْ آَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ } الآية قال وأنا الذى استنبطه " ، وقرىء بسكون لام لعلمه الثانية تخفيفا من كسره . { وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } ببيان الشريعة بالوحى الى رسوله ، فانه فضل من الله وانعام ، أو فضله بالاسلام ورحمته بالقرآن . وقال الشيخ هود فضل الله ورحمته القرآن . { لاتَبَعْتُمُ الشَّيطَانَ } فى كفره وضلاله . { إِلا قَلِيلاً } منكم كزيد بن عمرو بن نفيل ، وورقة بن نوفل ، وقس بن ساعدة الايادى ، وان قلت قال أبو عبيدة انما كره العلماء أن يجعلوا الاستثناء من قوله { لاتَبَعْتُمُ الشَّيطَانَ } لأنه لا وجه له ، لأنه لولا فضل الله ورحمته لاتبعتم الشيطان كلكم . قلت بل هو صحيح ، لأن المعنى لولا فضل الله عليكم ورحمته بالقرآن والرسول ، بقيتم على الضلال الا ذلك القليل ، فانه على هدى قبل نزول القرآن ، وبإرسال الرسول . وعن ابن عباس ، وابن زيد ، والفراء الاستثناء من قوله أذاعوا ، ورجحه الطبرى ، وقال قتادة والحسن والشيخ هود وابن قتيبة والضحاك والزجاج من قوله يستنبطونه ، ويجوز أن يكون قليلا مفعولا مطلقا ، أو ظرف زمان أى الا اتباعا قليلا بأن يتبعوه فى بعض الأشياء فقط ، أو بأن يقل زمان بقائهم على الاسلام ، ثم يرتدوا فانه ان ارتدوا عن قريب كان اتباعهم قليلا ، ولو اتبعوه فى كل شىء ، وكذا وجه الظرفية اذا ارتدوا عن قريب كان زمان اتباعهم قليلا ، ولو اتبعوه فى كل شىء فبفضل الله ورحمته لم يرتدوا ، والصحيح أن الاستثناء من قوله { لاتَبَعْتُمُ } لقربه وفيه وجهان أحدهما ما مر من أنه لولا فضل الله بالقرآن والرسول لاتبعتم الشيطان فى الضلال لعدم بيان الشريعة ، وقد كانت شريعة عيسى وما لم ينسخ من التوراة كافيين قبل الوحى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يعذر حينئذ فى جهلهما الا قليلا ، فقد كانوا على التوحيد ، وما وصل اليهم منهما صافيا لم يرتب فى تفسيره . الثانى أن المعنى لولا فضل الله عليكم ورحمته بالنصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لاتبعتم الشيطان فى الكفر ، وقلتم لو كان رسولا لكان منصورا الا قليلا يؤمن به ، ولو لم ينصر ولكنه والحمد لله منصور .