Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 84-84)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللهِ } يجوز أن تكون الفاء عاطفة على ليقتل فى سبيل الله ، وأن تكون فى جواب شرط محذوف ، أى ان تركوك وثبطوا عنك فقاتل فى سبيل الله ولو وحدك ، فتنصر فان النصر بالله لا بالجنود . { لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ } حال من المستتر فى قاتل ، أو مستأنف ونفسك مفعول ثان ، والأول نائب الفاعل المستتر ، وقرأ عبد الله بن عمر بالياء للمفعول كذلك ، لكن بإسكان الفاء جزما بلا على أنها ناهية ، والمعنى لا نكلفك بالنون على طريقة العرب فى نهيهم أنفسهم . وقرىء لا نكلف بالنون وكسر اللام ، وضم الفاء ، والجملة على القراءتين مستأنفة ، والمعنى على كل قراءة أنك يا محمد غير مكلف بفعل أحد ، بل بفعل نفسك ، والنصر تابعك ، فلا تهتم بقعودهم عن القتال . وروى كما مر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان بعد أحد موسم بدر الصغرى من عام قابل ، أو فى ذى القعدة ، ولما بلغ الميعاد دعى الناس الى الخروج ، فكره بعضهم ، فأنزل الله تعالى { فَقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللهِ } الآية فحلف ليخرجن للقاء العدو ولو وحده ، ولأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتى ، فخرج وما خرج معه الا سبعون راكبا ، والصحيح أنهم خرجوا معه وهم خمس عشرة ومائة فيهم عشرة أفراس ، حتى وصلوا موضع الميعاد ، ولم يلقوا أحدا ، وتسامعت العرب بمجيئه ، وباعوا واشتروا ، ورجعوا سالمين رابحين ، وعاب الله كل من تخلف ، ولزم كل أحد أن يرغب فى الجهاد ، ويستشعر أن يجاهد ولو وحده ، كما رغب أبو بكر رضى الله عنه وقت الردة حتى قال لو خالفتنى يمينى فجاهدتها بشمالى . وقد قيل ان الخطاب فى اللفظ لرسول الله ، والمعنى أمته واحدا واحدا ، وكل أحد يكلف أن يجاهد بنفسه . { وَحَرِّضِ المُؤمِنِينَ } حثهم على الجهاد بذكر الثواب والعقاب ، فعليك تحريضهم فقط دون القهر ودون التعنيف . { عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأسًا } قال عكرمة وغيره عسى من الله واجبة بفضله ووعد الجميل ، بمعنى أنها جزم ولا واجب على الله ، بل الوجوب فى حقه بمعنى أنه لا يصح أن يوصف بخلف الوعد أو الوعيد ، وقد وقع ما وعد الله به من كف بأس الذين كفروا ، وهم فى الآية مشركو قريش ، وبأسهم حربهم ، أو مطلق ضرهم ، ومنه حربهم ، وقد كف الله عز وجل أبا سفيان عن موعده ، فلم يأت بدرا الصغرى ، وبأس الله ضره من شاء من الكفار ، أو حربه بأن سمى ضره وعقابه باسم الحرب للمشاكلة ، أى والله أشد مجازاة لهم على حربهم حيث ما وقع ، وأنى وقع قبل وبعد ، وبأس الله عقابه فى الدنيا ، وعقابه فى الآخرة . { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } تعذيبا بأنواع العذاب ، وفى ذلك تهديد لمن تحلف خوفا من حرب الكفار ، مع أن عذاب الواجب على من ترك المفروض أعظم من الحرب ، أو رغب فى الانضمام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه واتباعهم فى الجهاد ، وعن الانضمام الى من يتخلف أو ينافق لقوله { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً }