Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 86-86)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ } اذا دعى لكم بدعاء حسن تسمعونه ، أو بلغكم على لسان أحد أو فى كتاب مثل السلام عليكم بدعاء ، ومثل رحمكم الله ، ومثل صبحكم الله بخير ونحو ذلك من الأدعية الحسنة الجائزة شرعا ، فأنه يجب الرد فى كل ذلك بأحسن منه أو بمثله ، ولكن رغبت السنة فى التحية بالسلام عليكم ، فكان هو السنة المرغب فيها ، لا يجزى فى أدائها غيره . وكان هو الواجب فى دخول البيوت ، فالبدء بالسلام فى غير دخول البيوت سنة غير واجبة ، وقال بعض المالكية واجبة ، وأما فى دخول البيوت قبل الدخول ففرض ، والرد فى ذلك كله واجب الا لعارض ، وأصل المعنى لفظ التحية من قولك حياك الله ، الإخبار بالحياة ، ثم استعمل اللفظ فى الدعاء بالحياة ، ثم قيل لكل دعاء ، ثم غلب السلام ، ويستعمل بمعنى الملك ، ومنه قيل التحيات المباركات لله ، أى الأملاك لأن من شأن مالك الأملاك العظام أن يحيى ، فاستعمل فى معنى الملك ، وتنكير التحية للتعميم أى بتحية . { فَحَيُّوا } من حياكم بها ولو طفلا . { بِأَحْسَنَ مِنْهَا } بزيادة الجهر بها ، وافصاح اللفظ وبلاغته ، وبزيادة على ما قال . { أَوْ رُدُّوهَا } أى أو ردوا مثلها اليه بلا زيادة ، وأما النقص فلا يجوز ، وأجاز بعض اسقاط أل من السلام فى الجواب ، ولو قرن بها فى البدء لا على النقص من المعنى ، بل على قصد التعظيم بالتنكير ، فهذا القصد تكون أحسن أن لم يقصد هذا من بدأ به ، فاذا قال السلام عليك ، قال المجيب وعليك السلام ورحمة الله ، وان قال السلام عليك ورحمة الله ، قال المجيب وعليك السلام ورحمة الله وبركاته الا أنه ان كان غير متول لم يقل ورحمة الله وبركاته ، ولو قاله البادىء بل يقتصر على السلام أو يزيد له ما يجوز . وقيل يجوز أن يزيدهما ويزيد بهما خير الدنيا ، وان شاء المجيب اقتصر على ما قال البادىء متول أو غيره ، والظاهر أن من الزيادة أن يقول المجيب وعليكم بلفظ الجماعة ، عانيا للبادىء والملائكة الذين معه ان قال البادىء بالإفراد ، وان قال بالجمع عانيا لهم أيضا كان أحسن من الإفراد ، وان جمع وأفرد المجيب فقد نقص ، ولا يجوز . وينبغى أن يقول السلام عليكم يعنى الرجل والملكين ، فانهما يردان السلام ، ومن سلم عليه الملك فقد سلم من عذاب الله ، واذا سلم على اثنين أو جماعة قال السلام عليكم يريدهم ، ويريد ملائكتهم . وروى " أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم السلام عليك ، فقال صلى الله عليه وسلم وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، وقال آخر السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، فقال وعليك ، فقال الرجل انك نقصتنى فأين قول الله تعالى { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } فقال انك لم تترك لى فضلا فرددت عليك مثله " . قال القاضى وذلك لاستجماعه أقسام المطالب السلامة من المضار ، وحصول النفع وثباتها ، فالنهاية فى هذه الألفاظ اذا جىء بها هى لفظ بركاته ، وكذا سلم رجل على ابن عباس فقال السلام عليك ورحمة الله وبركاته وزاد شيئا ، فقال ابن عباس ان السلام انتهى الى البركة ، وكذا قال عمر وابن عمر ، ودل الحديث أن الاقتصار على لفظ وعليك فى الرد ليس نقصا ، فمراد الرجل بقوله نقصتنى أنك نقصت اللفظ ، فأجابه بما تضمن أن نقض اللفظ اذا تضمن اللفظ المثل ، كما فى جوابه للرجل أو تضمن الزيادة ليس نقصا ، وواو العطف فى الجواب أولى من تركها . وروى أبو داود والترمذى ، عن عمران بن الحصين ، ورواه الشيخ هود ، ولم يرفعه الى عمران " أن رجلا جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم ، فرد عليه ، ثم جلس فقال رسول الله صلى الله عليه سلم عشر ، يعنى له عشر حسنات ، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله ، فرد عليه فجلس فقال عشرون ، فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد عليه فجلس فقال ثلاثون " . قال الترمذى حديث حسن ، زاد الشيخ هود ثم قال هكذا تفاضل الناس من قعد فليسلم ، ومن قام فليسلم ، ثم قام رجل ولم يسلم ، فقال رسول الله ما أسرع ما نسى هذا . وكذلك روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم " أنه لما خلق الله آدم عليه السلام قال اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة الجلوس فاستمع ما يحيونك به فانها تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم ، فقالوا السلام عليكم ورحمة الله " فزادوه الرحمة ، ودل أن الرد يجوز أيضا بلفظ البدء بتقديم السلام على لفظ عليك ، وأنه يجوز بلا واو كما يجوز بالواو ، والسنة الجهر بالسلام ليسمع منه فيجاب ، ومن سمع فلم يجب على الفور ، وقد أمكنه الرد ثم رد ، أثم بالتأخير عمدا ان كان قد قصد أن سيرد ، وأما ان ترك الرد عمدا ولم يقصد أن سيرد ، فانه يكفر بترك الرد عندى ، وقال من تقدم من العلماء ما قال وقد أولته الى ما قلته ، والابتداء سنة كفاية ، والرد فرض كفاية . قال على بن أبى طالب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجزى عن الجماعة اذا مروا ان يسلم أحدهم ، ويجزى عن الجلوس أن يرد أحدهم " والجلوس جمع جالس ، من السنة السلام على جماعة الصبيان ، روى أن أنساً مر على الصبيان فسلم عليهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله رواه البخارى ومسلم ، وروى أبو داود أن النبى صلى الله عليه وسلم مر على غلمان يلعبون فسلم عليهم . ويكره السلام على من شغل عن الرد كنائم وناعس ، ومن فى بول وغائط أو جماع ، وقيل ان لم يكن بإزار أو صلاة أو اقامة أو أذان أو قراءة أو خطبة ومبتدع ، ومعلن بظلم لا يتستر فيه ، ومن فى معصية حال الميسور به ، أو الالتقاء به ، ولا على طاعن الدين ومانع الحق ، والناشزة والآبق والقاعد على الفراش الحرام ، ولا يوجب الرد على هؤلاء الا على المبتدع ومن بعده . روى أن رجلا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه وهو يبول ، فلما قام لم يرد عليه . ولا يجوز أن يبدأ المسلم مشركا بالسلام عند الجمهور ، وقيل مكروه . وعنه صلى الله عليه وسلم " لا تبتدىء اليهود والنصارى بالسلام ، واذا سلم يهودى أو نصرانى رد عليه المسلم فقال وعليك فانهم يدعون علينا ، فيجاب لنا عليهم ، ولا يجاب لهم علينا " كذا قيل ، والذى عندى أنه يرد عليه بلا واو ، لأنك اذا رددت بالواو قد أقررت ما دعوا علينا ، وبلا واو قد استأنفت جزاءهم بمثل ما قالوا ، وعن الحسن لا تقل فى الرد على الكافر ورحمة الله ، فانها استغفار ، وعن الشعبى أنه رد لنصرانى وعليك السلام ورحمة الله فقيل له ، فقال أليس فى رحمة الله يعيش ، ورخص بعض العلماء كالشعبى أن يبدأ الكافر بالسلام اذا دعت الحاجة لذلك . قال عطاء الآية فى المؤمنين ، وكانت تحية العرب عم صباحا ، حياك الله ، والنصارى وضع اليد على الفم ، واليهود الاشارة بالأصابع ، والمجوس الانحناء والمسلمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أولى الناس بالله من بدأ بالسلام " قال عبد الله بن عمرو بن العاص " ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الاسلام خير ؟ قال " تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف " وقالت فرقة معنى الآية اذا حييتم بتحية فان نقص المسلم من النهاية فحيوا بأحسن منها ، وان انتهى فردوها كذلك ، وزعم بعض والشافعى فى القديم أن التحية العطية ، فأحيوا رد ما أعطى أو الثواب وهو خطأ لكونه خلاف الظاهر ، ولأنه داع من الله على زعمه أن يعطى أكثر مما أخذ ، وأن يقصد المعطى أن يزاد ، وذلك باب من الربا ، وانما يجوز للمعطى أن يريد نفلا لا قصدا للربا ، ولا اساءة لقصد قاصده . { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ حَسِيباً } أى محاسبا على كل شىء من التحية وردها بأحسن أو بمثلها ، وعدم الرد فيجازى خيرا على الرد ، وشرا على عدمه ، كما مر أن ترك الرد ذنب كبير ، فحسيب بمعنى محاسب ، كالأكيل بمعنى المواكل ، والجليس بمعنى المجالس ، وقيل الحسيب بمعنى الكافى ، كما تقول حسبك درهم أى يكفيك وقيل بمعنى الحفظ .