Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 11-11)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَتَ اللهِ علَيكُم إِذ هَمَّ قَومٌ أَن يَبسُطُوا } بأن يبسطوا . { إِليكُم أَيدِيَهُم فَكَفَّ أَيْدِيَهُم عَنكُم } القوم مشركو العرب ، اذ هموا أن يمدوا أيديهم الى المسلمين أن يقتلوهم وهم فى الصلاة ، فمنعها الله عز وجل ، وذلك أنهم رأوا رسول الله صلى الله وعليه وسلم والمؤمنون يصلون صلاة الظهر معاً جماعة بعسفان ، فى غزوة ذى أنمار ، وهى غزوة ذى المجاز بينهم وبين مكة مرحلتان ، وكانوا يهتمون بذلك ، حتى كان المؤمنون يصلون ولم يفعلوا حتى صلوا فندموا لو فعلوا فقالوا اذا صلوا العصر جماعة كذلك قتلناهم فى الصلاة ، فأنزل الله صلاة الخوف ، فكف الله أيديهم فى صلاة الظهر ، وفى صلاة العصر . وقال قتادة ان ذلك ببطن نخلة ، وان الذين هموا ببسط أيديهم بنو ثعلبة ، وبنو محاربة ، حال الصلاة ، فنزلت صلاة الخوف وهى الغزوة السابقة ، وهذان متبادران فى الكف عن نفس كل مؤمن ، وقيل المراد اهتمام اليهود بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اذ جاءهم فى الدية ، ولكن قتله قتل للمؤمنين كلهم لعظمه ، وانطماس الدين بقتله ، وذل المؤمنين وانكسارهم بقتله ، فيقتلوا لو قتل ، وذلك أنه روى أبو سعيد النيسابورى وابن اسحاق ، واللفظ لأبى سعيد الواقدى ، عن جماعة من شيوخه ، والواقدى هذا هو مؤلف فتوح الشام . قالوا " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بنى النضير يكلمهم أن يعينوه فى دية الرجلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى رضى الله عنه ، فقالوا نفعل يا أبا القاسم ما أحببت ، قد آن لك أن تزورنا ، وأن تأتينا اجلس حتى نطعمك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مستند الى بيت من بيوتهم ، ثم خلا بعضهم الى بعض ، ثم تناجوا فقال حيى بن أخطب يا معشر يهود قد جاءكم محمد فى نفر من أصحابه ، لا يبلغون عشرة ، وذلك أنه كان معه أبو بكر ، وعمر ، وعلى ، والزبير ، وطلحة ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وسعد بن عبادة ، فاطرحوا عليه حجارة من فوق هذا البيت الذى هو تحته فاقتلوه ، فلن تجدوه أخلى من الساعة ، فان هو قتل تفرق أصحابه ، فلحق من كان معه من قريش بمكة ، وبقى من كان معه هاهنا من الأوس والخزرج ، والأوس حلفاءكم ، كما كنتم تريدون أن تصنعوا يوماً من الدهر فمن الآن . فقال عمرو بن جحاش النضيرى أنا أظهر على هذا البيت ، فأطرح عليه صخرة ، فقال لهم سلام بن مشكم يا قوم أطيعونى هذه المرة وخالفونى الدهر ، والله لئن فعلتم هذا الذى تريدون ليقومن لهذا الدين منهم قائم الى قيام الساعة ، فيستأصل يهود ، ويظهر دينه ، وهيأ عمرو ابن جحاش الصخرة ليرسلها ، قلت حفظت أنها شق الرحى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أشرف بها جاء نبى الله صلى الله عليه وسلم الخبر يعنى الوحى بما هموا به ، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعاً كأنه يريد حاجة ، وتوجه الى المدينة ، وجلس أصحابه يتحدثون وهم يظنون أنه قام يقضى حاجته ، فلما يئسوا من ذلك قال أبو بكر رضى الله تعالى عنه ما مقامنا هاهنا بشىء لقد توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ، فقال حيى بن أخطب عجل أبو القاسم ، كنا نريد أن نقضى حاجته ونفديه ، وندمت يهود على ما فعلوا . فقال لهم كنانة بن صوريا أتدرون لم قام محمد ؟ قالوا لا والله ما ندرى ، ولا تدرى أنت ، قال بلى والتوراة أنى لأدرى ، قد أخبر محمد بما هممتم به من الغدر ، فلا تخذلوا أنفسكم ، والله انه لرسول الله حقاً ، وما قام حتى أخبر بما هممتم به ، يعنى خبر الوحى وأنه آخر الأنبياء عليهم السلام ، كيف تطمعون أن يكون من بنى هارون وقد جعله الله حيث شاء ، وان فى كتبنا التى درسنا فى التوراة التى لم تغير ولم تبدل ، أن مولده بمكة ، وأن مهاجره بيثرب ، وصفته بعينها ، ما تخالف حرفاً مما فى كتبنا ، وكأنى أنظر اليكم ظاعنين تتشاغر صبيانكم ، قد تركتم دياركم خالية ، وأموالكم وانما هو بشرفكم ، فأطيعونى فى خصلتين ، قالوا وما هما ، قال تسلمون وتدخلون مع محمد فى دينه فتأمنون على أموالكم وأولادكم ، وتكونون من أعز أصحابه عليه ، وتبقى بأيديكم أموالكم ، ولا تخرجون من دياركم . فقالوا لا نفارق التوراة وعهد موسى ، قال فانه مرسل اليكم أن اخرجوا من بلادى فقولوا نعم ، فانه لا يستحل لكم دماً ولا مالا ، وتبقى أموالكم لكم ان شئتم بعتم ، وان شئتم أمسكتم ، قالوا أما هذه فنعم ، قال أما والله لولا أنى أفضحكم لأسلمت ، لكن لا تعير شعثاء باسلامى بعدى أبدا حتى يصيبنى ما أصابكم وشعثاء ابنته . فقال سلام بن مشكم قد كنت لما صنعتكم كارهاً وهو مرسل أن اخرجوا من ديارى ، فلا تعقب يا حيى كلامه ، وأنعم له بالخروج ، واخرج من بلاده ، قال أفعل اذا أخرج . فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة ، تبعه أصحابه فلقوا رجلا خارجاً من المدينة ، فسألوه هل لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم لقيته داخلا الى المدينة ، فلما انتهى أصحابه اليه وجدوه قد أرسل الى محمد بن مسلمة يدعوه ، فقال أبو بكر يا رسول الله قمت ولم نشعر ، فقال صلى الله عليه وسلم بغدرى فأخبرنى الله عز وجل بذلك فقمت ، وجاء محمد بن مسلمة فقال له اذهب الى يهود بنى النضير فقل لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسلنى اليكم برسالة . فأتاهم فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسلنى اليكم برسالة ، ولست أذكرها لكم حتى أعرفكم شيئاً تعرفونه ، فقالوا وما هو ؟ قال أنشدكم بالتوراة التى أنزل الله على قلب موسى ، أتعلمون أنى جئتكم قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم وبينكم التوراة ، فقلتم فى مجلسكم ذلك يا ابن مسلمة ان شئت أن تغديك غديناك ، وان شئت أن نهودك هودناك فقلت لكم غدونى ولا تهودونى ، فوالله لا أتهود أبداً فغديتمونى فى صحيفة لكم ، كأنى انظر اليها ، فقلتم لى ما يمنعك من ديننا الا أنه دين يهود ، فكأنك تريد الحنيفيه التى سمعت بها ، أما ان أبا عمرو الراهب ليس بصاحبها ، وانما صاحبها الضحوك القتال ، فى عينيه حمرة ، ويأتى من قبل اليمن ، يركب البعير ويلبس الشملة ، ويجترىء بالكسرة ، وسيفه على عاتقه ينطق بالحكمة ، والله ليكونن بقريتكم هذه سلب ومثل . قالوا اللهم نعم ، قد قلنا ذلك ، وليس به ، قال قد فرغت انه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أرسلنى اليكم يقول لكم انه قد انتقض العهد الذى جعلت لكم بما هممتم به من الغدر ، وأخبرهم بما كانوا ارتئوا من الرأى وظهور عمرو بن جحاش على البيت ليطرح الصخر ، فأسكتوا ولم يقولوا حرفاً ، ويقول اخرجوا من بلادى هذه فقد أجلتكم عشرة أيام ، فمن رؤى يعنى بعدها ضربت عنقه " . وساق أبو سعيد النيسابورى الحديث الى أن قال حيى بن أخطب " انا لا نخرج فليصنع محمد ما بدا له ، فقال له سلام بن مشكم يا حيى منتك نفسك الباطل فلا تفعل ، فوالله انك لتعلم ونعلم أنه رسول الله ، وان صفته عندنا ، وان لم نتبعه وحسدناه حين خرجت النبوة من بنى هارون فتعال فلنقبل ما أعطانا من الأمر ونخرج من بلاده ، فقد عرفت أنك خالفتنى فى الغدر به ، فاذا كان أوان التمر جئنا أو جاء منا الى تمره فباع أو صنع ما شاء ، ثم انصرف فكأنا لم نخرج من بلادنا ، فأبى عليه " . ثم ساق الحديث الى حصر النبى صلى الله عليه وسلم اياهم ، وقطعه نخلهم ، " فقالوا له نحن نعطيك الذى سألت وخرج من بلادك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أقبله اليوم ، ولكن اخرجوا منها ولكم ما حملت الابل الا الحلقة ، فأبى حيى أن يقبل ، فلما رأى ذلك يامين بن عمرو ، وأبو سعيد بن وهب ، قال أحدهما لصاحبه والله انا لنعلم انه لرسول الله حقاً فما ننظر أن نسلم فنأمن على دمائنا وأموالنا ، فنزلا من الليل وأسلما وأحرزا أموالهما " . قال ابن اسحاق " حدثنى بعض آل يامين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين " ألم تر ما لقيت من ابن عمكم وعمه ابن جحاش وما هم به من شأنى " فجعل يامين لرجل جُعْلا على أن يقتل عمرو بن جحاش فقتله " . قال عياض قيل ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يخاف قريشاً ، فلما نزلت هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَتَ اللهِ علَيكُم إِذ هَمَّ قَومٌ أَن يَبسُطُوا إِليكُم أَيدِيَهُم فَكَفَّ أَيْدِيَهُم عَنكُم } الآية استلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال " من شاء فليخذلنى " قلت وجاء مثل هذا فى غير هذه الآية . وروى " أن عمرو بن جحاش عمد الى رحى عظيمة ليطرحها على النبى صلى الله عليه وسلم ، فأمسك الله يديه ، ولصقت بهما ، فأخبر الله النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فخرج راجعاً الى المدينة ، وخرج معه على بن أبى طالب ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " يا على لا تبرح مكانك حتى يخرج اليك أصحابى فمن خرج اليك منهم وسألك عنى فقل توجه الى المدينة " ففعل ذلك حتى تناهوا اليه ، ثم تبعوه الى المدينة " الرجلان اللذان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع ديتهما كانا من بنى سليم . وكان بين بنى سليم ورسول الله صلى الله عليه وسلم موادعة ، وقتلهما رجلان من الصحابة ، لما انتسبا لهما الى بنى عامر ، والقاتلان من الركب الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ثلاثون راكباً من المهاجرين والأنصار ، وأمر عليهم المنذر بن عمرو الساعدى ، الذى كان ليلة العقبة أحد النقباء الى بنى عامر بن صعصة . خرجوا فلقيهم عامر بن الطفيل على بئر معونة من مياه بنى عامر ، فاقتتلوا فقتلوا المنذر وأصحابه رضى الله عنهم ، الا ثلاثة لم يحضروا القتال كانوا فى طلب ضالة لهم ، أحدهم عمرو بن أمية الضمرى ، وجاءوا من طلب الضالة ، ولم يرعهم الا الطير تحوم فى السماء يسقط من مناقرها علق الدم ، فقال أحد الثلاثة قتل أصحابنا ثم تولى يشتد حتى لقى رجلا من المشركين ، فاختلفا بضربتين ، ولما خالطته الضربة رفع رأسه الى السماء ، وفتح عينيه وقال الله أكبر الجنة ورب العالمين ، ورجع صاحباه ، فلقيا الرجلين من بنى سليم ، ذكر ذلك مجاهد وعكرمة والكلبى . قلت عمرو بن أمية الضمرى هو أحد القاتلين ، قتل الرجلين يحسبهما مشركين على ما فى الكشاف ، وما تقدم من أنهما قتلا ، لأن من قتلهما انتسبا له الى من لا عهد له أولى ، فجمع الدية لأنهما فى العهد لا لكونهما مسلمين ، وقيل ان الثلاثة قتلوهما . وقال الحسن " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محاصراً غطفان بنخل ، فقال رجل من المشركين هل لكم أن أقتل محمداً ؟ فقالوا وكيف تقتله ؟ قال أفتك به ، قالوا وددنا أنك فعلت ذلك ، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم والنبى صلى الله عليه وسلم متقلد سيفه ، فقال يا محمد أرنى سيفك فأعطاه اياه ، فجعل يهزه وينظر اليه مرة والى الرسول صلى الله عليه وسلم مرة ، ثم قال من يمنعك منى يا محمد ؟ قال الله ، فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأغمد السيف وتركه ومضى " ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية . وقيل " نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا ، وتفرق الناس فى العضاة يستظلون بها ، فعلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحه فى شجرة ، فجاء أعرابى فسل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقبل عليه فقال من يمنعك منى ؟ قال الله قاله ثلاثاً ، فأغمض الأعرابى السيف ، فصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فأخبرهم وأبى أن يعاقب " ، وفى رواية قال " من يمنعك منى ؟ قال الله ، فأسقطه جبريل من يده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يمنعك منى ؟ " قال لا أحد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم " فنزلت الآية . { وَاتَّقُوا اللهَ } فى أمره ونهيه . { وَعَلَى اللهِ } لا على غيره . { فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ } فانه هو الذى يدفع الشر ويأتى بالخير ، كما دفع من هم اليهم ببسط اليد ، والواضح عند بعض أن القوم الذين هموا ببسط الأيدى هم اليهود كما مرت القصة ، مستدلا بتعقيب ذلك بذكر أسلافهم بذمهم اذ قال { وَلَقَد أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ }