Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 18-18)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحنُ أَبنَاءُ اللهِ وأَحِبَّاؤُهُ } أى نحن أبناء ابنى الله ، فاليهود قالوا نحن أبناء ابن الله عزيز ، والنصارى قالوا نحن أبناء ابن الله المسيح ، واليهود ولو لم يكونوا ولد عزير ، والنصرى ولو لم يكونوا ولد عيسى ، لكن اليهود أشياع عزير ، والنصارى أشياع عيسى ، فنسبوا النبوة من الله لأشياع من هو ابن عندهم ، لعنهم الله عز وجل . والمنتسب الى انسان فى أمر ينسب اليه ما ينسب لذلك الشىء لما انتسبوا اليهما بالمشايعة نسبت اليهم نبوتهما المكذوبة ، وكما نسب مؤمن آل فرعون الملك لقوم فرعون { يا قوم لكم الملك اليوم } وانما هو لفرعون ، وكما كنى عبد الله بن الزبير أبا خبيب بصيغة التصغير فنسب اليه أشياعه فقيل الخبيبيون ، وقيل له وأخيه مصعب وابنه ، وقيل أيضاً الخببيان له ولابنه ، أو له ولأخيه مصعب ، وقد روى قدنى من بصر الخبيبين قدى بالتثنية والجمع ورويته أنا بالتثنية . وقال الفخر فى المطول على الشواهد بعدما ذكر ذلك كله ويحتمل على الجمع أن لا يكون ذلك تغليب ، بل الأصل الخبيبين فحذفت ياء النسب كقولهم الأشعرين وكالأعجمين عجمين ، لأنه يقال أعجمين ، وقيل مراد اليهود نحن أبناء رسل الله ، فحذفوا المضاف ، ومراد النصارى أنهم تأولوا يحكون عن المسيح أنه يقول فى الله أنه أبى الذى فى السماء ، وانى لا أشرب الخمر حتى أشربها فى جوار أبى فى الجنة ، وأذهب الى أبى وأبيكم ، واذا صليتم فقولوا يا أبانا الذى فى السماء ، تقدس اسمك . وفى الباب الثامن من الانجيل لمتى يكتبون كتباً بأيديهم ، ويزيدون فيها وينقصون ، ويسمونها أناجيل ، وينسبون لمتى وغيره ، قال عيسى للحواريين ، فليضىء نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذى فى السماوات . وقال فى الفصل التاسع أحسنوا الى من أبغضكم ، وصلوا من يطردكم ويغتصبكم لكيما تكونوا أبناء أبيكم الذى فى السماوات . وقال أيضاً كونوا مثل أبيكم السمائى ، فهو كامل ، وقال فى دعاء عندهم ، هو كالفاتحه الكريمة عندنا ، وهو فى الانجيل الذى زعموه انجيلا أن يقولوا وأبوينا الذى فى السماء . وذكروا عن متى فى الباب التاسع والثمانين قال عيسى أقول لكم انى لا أشرب عصير هذه الكرمة الى اليوم الذى أشربه معكم جديداً فى ملكوت أبى ، ولا يصح عند المسلمين أن عيسى قال ذلك ، فلو صح لم يرد بالأب الا التعظيم والعطف كفر الوالدانية ، وتعظيم الابن أباه كما قال أحمد بن قاسم الأندلسى الحجرى لا يفهم من تسمية عيسى ابن الله الا أنه نبى مقبول عند الله ، قال وقد قرأت فى الانجيل أن واحداً من الحواريين قال لسيدنا عيسى عليه السلام أنت ابن الله حقيقة ؟ قال له سيدنا عيسى عليه السلام أنت قلت ، ولم يقبل منه ذلك ، وعندهم أناجيل وقال ان دينهم مفتوح للزيادة والنقصان . قال وأما الانجيل الذى كتبت منه هذه النصوص ، فحذفوا منه ذلك ، وبرهان ما قلنا أن المراد بالنبوة الصلاح ما مر من قوله لكى ما تكونوا أبناء أبيكم الذى فى السماوات . وعن السدى أوحى الله تعالى الى اسرائيل أول ولدك بكرى ، فظلت اليهود بذلك ، وانما المعنى أنه بكر فى التشريف أو النبوة . وعن ابن عباس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن أصار ، ويحرز بن عمرو ، وشاس بن عدى فكلموه ، وكلمهم صلى الله عليه وسلم ودعاهم الى الله ، وحذرهم نقمته ، فقالوا ما تخوفنا يا محمد نحن أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى ، فنزلت الآية تكذيباً لهم قبحهم الله . وزعم اليهود أنهم يقيمون فى النار أربعين يوماً ثم ينادى مناد أن أخرجوا من النار كل مختون من بنى اسرائيل ، فاما أن يقول أوائل اليهود والنصارى بالبنوة على حقيقة ، واما أن يقولوه على معنى الرحمة والتعظيم كما قال الحسن انهم قالوا قربنا من الله وحبه ايانا كقرب الولد من والده ، وحب الوالد لولده ، وعلى كل حال يحرم ذلك ، فان كل ما يوهم الشرك والنقص فى الله حرام ولو لم يرد المتكلم به ما لا يجوز ، وقد يقول بعض أهل المغرب الأقصى ، وبعض أهل مغربنا هذا بأنه ربى وهو حرام لا يجوز ، ولو لم يرد الشرك لأنه لفظ شرك . { قُل } يا محمد ان كان ذاكم . { فَلِمَ يُعَذِبُكُم بِذُنُوبِكُم } كما أقرت اليهود بتعذيب أيام معدودة يا اخوان القردة والخنازير ، فبعضكم صيره قردة ، وبعضكم خنازير مسخاً بذنوبهم ، ومن ورائهم النار الدائمة وهى أيضا لكلكم ، كأنى أراكم مواقعيها الا من اتبع ما أمر الله به ، واجتنب ما نهى الله كما قال الله . { بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّن خَلَقَ يَغفِرُ لِمَن يَشَآءَ } الغفران له بأن يوفقه للتوبة . { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءَ } تعذيبه بأن يخذله لا مزية لكم على سائر البشر ، فهل رأيتم أبا يعذب ابنه أو يمسخه ؟ ! وهل رأيتم حبيباً يعصى حبيبه ؟ ! { وَللهِ مُلكُ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } كل ذلك ملك له لا شىء منه ابناً له ولا صاحبة له ، ومن يملك ذلك لا شبه له ، والولد والصاحبة لا بد من شبههما الزوج والأب . { وَإِلَيهِ المَصِيرُ } بالبعث للأجسام والأرواح للجزاء بما فعلوا من خير وشر ، فلا يقل أحد انى حبيب الله ، ولا شريف لا يعذبنى ، اذ لا يؤمن مكر الله ، ولا يعبر الحب والشرف ، أو يتصور أن يغير التقوى عند الله .