Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 19-19)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَد جَآءَكُم رَسُولُنَا } محمد صلى الله عليه وسلم . { يُبَيِّنُ لَكُم } ديننا وهو دين الاسلام ، وحذف المفعول لظهوره من كون وظيفة الرسول بالذات هو بيان الشرع ، أو يبين لكم ما تكتمون ، فحذف لتقدم ذكره ، ويجوز أن يكون لا مفعول له على طريق العرب فى تنزيل المتعدى منزلة اللازم ، اذا عدم تعلق الغرض بمفعوله أى يوقع لكم البيان . { عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ } على متعلق بجاء أو بمحذوف حال من الضمير فى يبين ، أو حال من رسولنا ومن الرسل نعت لفترة ، والفترة السكون عن الشىء ، والمراد انقطاع الارسال والوحى ، كأنه قيل على انقطاع من مجىء الرسل . قال البخارى الفترة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد ، وبين عيسى عليه السلام ستمائة سنة ، واشتهر سبعمائة سنة ، وما ذكره البخارى رواه عن سلمان ، وقيل خمسمائة سنة . قال قتادة الفترة بينهما ستمائة سنة ، لكن قال أو ما شاء من ذلك ، ولعله أراد بقوله أو ما شاء الله أنها ستمائة أو ما يقرب منها كما يدل له ما روى عنه أنها بينهما خمسمائة وستون سنة . وقال ابن السائب خمسمائة وأربعون . وقال الضحاك أربعمائة وبضع وثلاثون . وعن ابن عباس بين ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم وميلاد عيسى عليه السلام خمسمائة سنة وتسع وستون سنة ، وقال ابن عباس قال معاذ بن جبل ، وسعد بن عبادة ، وعقبة بن وهب لليهود يا معشر اليهود اتقوا الله ، فوالله انكم لتعلمون انه رسول الله ، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته ، فقال نافع ووهب بن يهوذ اليهوديان ما قلنا ذلك لكم ، وما أرسل الله رسولا ، ولا أنزل كتاباً بعد موسى عليه السلام ، فنزل قوله تعالى { يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَد جَآءَكُم رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُم عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ } الآية . وكذبهم الله بأنه أرسل بعده محمداً صلى الله عليه وسلم ، وأنزل عليه القرآن وكذلك كذبهم بأنه أرسل عيسى عليه السلام ، وأنزل عليه الانجيل ، وأرسل أنبياء كثيرين بين موسى وعيسى عليهما السلام ، وشهر أيضا أن الله جل وعلا أرسل خالد بن ستان بعد عيسى عليه السلام وهو من العرب ، وزاد بعض بعد عيسى ثلاثة فسر بها قوله تعالى { اذ أرسلنا اليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } وهم من بنى اسرائيل قال والثلاثة وبالأربعة يقول الكل بينهما خالد والثلاثة . وروى فى خالد بن سنان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خالد بن سنان نبى ضيعه قومه ، وكان من عبس ، فهو خالد بن سنان العبسى ، وقيل عنه صلى الله عليه وسلم " أنا أولى الناس بعيسى لأنه ليس بينى وبينه نبى " فان صح أن خالد بن سنان نبى فلعله أراد أنه ليس بيننا نبى مشهور ، أو نبى أرسل اليه كتاب ، وقد قيل كان بين موسى وعيسى عليهم السلام ألف سنة وسبعمائة سنة ، وألف نبى . { أَن تَقُولُوا مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ } مبشر لنا بالجنة على أن نفعل كذا ونترك كذا . { وَلا نَذِيرٍ } منذر بالعذاب على فعل كذا ، أو ترك كذا ، ومن صلة للتأكيد ، وبشير فاعل جاء ، وأن تقولوا على تقدير لا النافية أى لئلا تقولوا ، أو يقدر مضاف ، أى كراهة أن تقولوا ، وهذا المضاف مفعول لأجله ، اذ لو لم يرسل لأمكن أن يقولوا ربنا لو أرسلت الينا رسولا ما أشركنا ، أو يقولوا عرفنا أنك اله معبود ، ولكن لا نعرف كيف نعبدك ، وذلك أنه طالت مدة الفترة ، وكثر التحريف ، ولبس الحق بالباطل ، والكذب بالصدق ، فقد يعتذرون بذلك ، ولا يخفى عن الله عز وجل شىء . { فَقَد جَآءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } رسول عظيم جامع بين التبشير والانذار ، وتفصيل الشريعة ، فلا عذر لكم فى الشرك والمعصية ، وذلك منة من الله عز وجل ، اذ بعثه صلى الله عليه وسلم حين كان الناس أحوج ما كانوا اليه . { واللهُ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ } فهو قادر على بعث رسل متتابعة ، كما بين موسى وعيسى عليهم السلام ، وعلى بعث الرسل على الفترة ، وعلى تعذيبكم ان لم تتبعوا رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى البعث حين الحاجة والضلال من شاء ، وهداية من شاء .