Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 94-94)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُونَّكُمُ اللهُ بِشَىءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُم وَرِمَاحُكُمْ لِعْلَمَ اللهُ مَن يَخَافُهُ بِالغَيبِ } وقرأ ابراهيم يناله بالتحتية ، والله ليعاملنكم الله معاملة من يختبركم ، هل تحذرون ما حذركم عنه ، وهو تعالى عالم بكم بتحريم شىء مما يصاد من البر ، ليس فى اجتنابه صعوبة تنال أيديكم ما ضعف منه ، ورماحكم ما قوى منه ، ليعلم الله من يخاف الله وهو باطن عن حواسه فيجتنبه أن يصيده علماً مطابقاً حين اجتنبه ، لعلمه فى الأزل أنه سيجتنبه . ونزلت الآية عام الحديبية وهم محرمون بالعمرة ، وكانت الوحش تغشاهم فى رحالهم ، وكثرت وتمكنوا من أن يصيدوها بالأيدى والرماح ، فما ضعف أو قرب جداً أو كان فرخاً أو بيضاً أو وليداً لا يفوت برجليه أو جناحيه يمكن صيده بالأيدى ، وما قوى كالبقرة الوحشية يمكن صيده بالرماح ، ويقدر مضاف فى قوله بشىء أى بتحريم شىء ، ويجوز أن لا قدر لأن نفس الذى يصاد مبتلى به اذا رأى ، لأنه يراه الرائى فربما أسرع اليه ونكر شيئاً ووصفه بمن التبعيضية تحقيراً له ، وتقليلا وتسهيلا له كيف لا يجتنبونه ، وليس اجتنابه مما يصعب فضلا عن أن تزل أقدامهم بارتكاب صيده ، فمن لا يجتنبه فكيف يجتنب ما هو أعظم منه مما حرم عليه كبذل المال أو النفس لله تبارك وتعالى . ومن الصيد نعت لشىء كما مر ، ويجوز أن تكون من فيه للبيان لحقيقة الصيد ، ووجه التبعيض أنه ما خص لهم فى الحديبية اذ هو المراد فقط ، وأما العموم فمذكور بعد ، والصيد بمعنى الوحش الذى يصاد من دابة أو طائر ، وليس مصدراً لأن الصيد بالمعنى المصدرى ليس جسما تحبسه اليد أو الرمح ، ومعنى يعلم الله يتعلق العلم الأزلى بمن يخافه فى حين خوفه كما علم خوفه أنه سيخاف ، وقيل ليظهر المعلوم وهو خوف الخائف ، وقيل ليعلم أولياء الله من يخافه ، وجملة تناله أيديكم نعت لشىء أو حال منه أو من الضمير فيه من الصيد ، ومعنى يخافه يخاف عقابه أو يخافه اجلالا ، وبالغيب متعلق بيخاف ، والباء بمعنى الفاء ، أو بمحذوف حال من المستتر فى يخاف ، أو من الهاء فان الله باطن لا يشاهد بالحواس ، ولو كان لا يقال له غائب الا على معنى أنه حاضر لا يحس ، ويجوز أن المعنى يخاف فى خلوته عن الناس ، فلا يصيد كما لا يصيد بحضرتهم . { فَمَنِ اعتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ } المذكور من الابتلاء والتحريم ، فاصطاد حال احرامه فى موضع آخر غير الحديبية أو فيها ، أو احرام آخر أو عالم آخر . { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فى الآخرة ، فالصيد فى الاحرام ذنب كبير ، وقيل هو أن يوجع ظهره وبطنه عار بين ، ومن تخليط قومنا فى هذا أنه تؤخذ ثيابه كما تؤخذ ثياب المشرك ، قال بعض قومنا يسلب القاتل لصيد حرم المدينة ، والقاطع شجرها ، فظاهر اطلاق الأئمة أن السلب لا يتوقف على اتلافه ، بل بمجرد الاصطياد وسلبه كسلب قتيل الكفار عند الأكثر ، وقيل ثيابه فقط ، وقيل يترك له ساتر العورة فقط ، وهو الصحيح عندهم ، ثم هو للسالب ، وقيل لفقراء المدينة ، كجزاء الصيد ، وقيل لبيت المال .