Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 121-121)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } بأن ذكر عليه اسم الصنم أو لم يذكر عليه شيئا ومات بلا ذكاة ، فلو ذبح مسلم ونسى التسمية أكلت ، وقيل لا وإن تعمد لم تؤكل ، وقيل تؤكل ، ووجهه أن المراد عند هذا القائل بما لم يذكر اسم الله عليه ما ذكر للصنم ، كقوله تعالى { أو فسقاً أهل لغير الله به } فإنهُ ما ذكر عليه اسم الصنم ، وقد قال فى هذا إنهُ فسق . { وإنَّهُ لفسقٌ } فالفسق هنا ما هنالك ، وهو ما ذكر عليه اسم الصنم فالهاء ما لم يذكر اسم الله عليه ، أى وإنه لمفسوق به ، أو سمى فسقا مبالغة ، والأولى ردها إلى الأكل ، أى وإن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه لفسق نفاق ، وقيل المراد أكله بإباحة فالمراد فسق شرك ، ودل عليه لا تأكلوا ، أخذ أحمد وداود الظاهرى والشعبى وابن سيرين وابن عمرو ، ونقله الفخر عن مالك بظاهر الآية ، فقال ما لم يذكر عليه اسم الله عمداً أو نسياناً حرام ، وهذا فى ذكاة الحيوان ، وهو قول عطاء ، وزعم عطاء مع ذلك أن كل طعام أو شراب لم يذكر عليه اسم الله فهو حرام ، فمن أكل أو شرب ولم يسم فقد أكل حراماً أو شرب حراماً ، واختص بذلك وحده ، فإن نسى فقال إذ ذكر الحمد لله أوله وآخره حل ما أكل قبل . والمجتهد ليفسق من خالف من المقلدين اجتهاده ، إلا إن أخذ بمذهب مجتهد آخر ، فمن رأى أن المذبوح بلا ذكر الله ميتة حكم يفسق أكله ومبيحه من المقلدين ، لا كما قيل إن المسلمين أجمعوا أنه لا يفسق بأكل ذبيحة المؤمن الذى ترك التسمية ولو عمداً ، وأما ما ذبح الكتابى بغير ذكر فقيل حلال ، وقيل لا والذى عندنا أن الذبيحة بلا ذكر لله عمداً ميتة ، وبلا عمد قولان ، سواء من الكتابى أو من المؤمن ، والظاهر أن ذبيحة أهل الكتاب أباحها الله مطلقا بديانة ، والقول بأنها تحل بلا ذكر الله ولو عمداً منسوب للشافعى ومالك وأحمد فى رواية عنهم وهو رواية عن ابن عباس ، ذلك ما لم يكن إن تارك مستخففا وإلا فسدت . واحتجوا بأن المؤمن على ذكر الله تعالى ما دام مؤمناً إن لم يذكر فى الذبح ، وبما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله عليها " وهذا عام فى الترك عمداً ونسياناً ، ولو كان سبب حديث آخر النسيان حيث " روى أنه سئل صلى الله عليه وسلم عن تارك التسمية نسياناً فقال " كلوا فإن تسمية الله فى قلب كل مؤمن " فإن لفظ الجواب عام وحمله بعض على النسيان فقال لا تفسد بالنسيان وتفسد بالعمد ، وهو رواية عن أحمد ، وهو قول أبى خليفة وسفيان ، واحتج بأن الهاء عائدة إلى ما يدل عليه أقرب مذكور ، وهو لم يذكر أى ، وإن عدم الذكر لفسق ، ومعلوم أن الفسق إنما هو بالعمد ، وبحديث جواب السؤال عن الناسى ، واعتبر سبب الحديث فحرم ما ترك عمداً فقط ، ونسب هذا القول للجمهور ، ومما احتج به الشافعى على حلها ولو تعمد الترك قوله { إنَّ الشَّياطين ليوحُون إلى أوليائكم ليجُادلُوكم } وقوله تعالى { وإنْ أطعْتُموهم إنكُم لمشْركونَ } وذلك أن الجدال قولهم أخبرنا يا محمد عن الشاة إذا ماتت من قتلها ؟ قال " الله قتلها " فقالوا كيف تحلون ما قتلتموه أنتم أو كلابكم أو صقوركم فتأكلونه وتحرمون ما قتله الله ولا تأكلونه ؟ وقولهم نأكل مما ذبح باسم إلهكم ولا تأكلون ما ذبح باسم آلهتنا ، والمجوس أرسلوا إلى قريش لما نزل تحريم الميتة بهذا الجدال ، وعلموهم إياه ، وكانت بينهم مكاتبات على الروم ، فدل على أن الكلام فى الميتة ، والمذكور عليه اسم غير الله ، وذكر الله الإشراك وهو بإباحة الميتة ، وما ذبح باسم غير الله ، وعلمت من ذلك أن الشياطين المجوس مجوس فارس ، وهم الذين أوحوا أى أرسلوا بهذا الجدال إلى قريش ، وهو قول عكرمة ، وأن أولياءهم قريش ، وأن الإيحاء هو هذا المذكور ، وسأل الجدال . والظاهر أن الشياطين يعم المجوس وشياطين الجن ، لأن الكل يوسوس ، بل لو قيل شياطين الجن لأمكن ، لأنهم الموسوسون للمجوس بالإرسال ، ولقريش بالمواطأة ، ثم رأيت هذا قول ابن زيد وعبد الله ابن كثير ، ووحى شياطين الجن بالوسوسة وألسنة الكهان ، ولما جادل قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، وقع فى نفوس بعض المؤمنين فنزل { وإن الشياطين } إلى { لمشركون } ومذهبنا ومذهب الأشعرية ، ومذهب المعتزلة وغيرهم أن المعنى وإن أطعتموهم فى إباحة الميتة كنتم مشركين . وقالت الصفرية بأنواعهم إن أطعتموهم فى أكلها ولو بدون إباحة أشركتم ، والهاء فى أطعتموهم عائدة إلى الأولياء الراجع إليهم واو يجادل ، والكلام محطة ذلك ، ولو أمكن عودها إلى الشياطين وحدهم أو إليهم وإلى الأولياء { وإنكم لمشركون } جواب قسم مقدر قبل إرادة الشرط يغنى عن جواب الشرط ، وقيل جواب إن حذفت منه الفاء على القلة ، وقيل لكون الشرط ماضياً ، وقيل جواب إن محذوف أى هلكتم أو فسقتم .