Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 135-135)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُل يا قومِ } كفار قريش { اعْملُوا على مَكانتِكُم } اعملوا فى المكر والمعاصى على قدر قوتكم وتمكنكم ، لا تتركوا منها شيئا ، وهو مصدر مكن يمكن بمعنى قوى على الشئ وهو ثلاثى ، أو اعملوا على جهتكم التى أنتم عليها من العناد والكفر والمعاصى ، لا تتحول عنها على أن المكانة مفعلة من الكون اسم مكان الكون والثبوت ، سميت الحالة التى هم عليها باسم المكان مجازاً ، والمكانة بمعنى التمكن أو الجهة صالحة للكثير والقليل ، والمراد الكثير لأن إضافته للاستغراق ولا سيما المصدر ، ففيه أصلح ، والتاء فيهما ليس للوحدة ، والأمر فى ذلك كله للتهديد كحال من يريد إهلاك أحد فيغريه بما يوجب هلاكه ، وفيه تلويح بأنهم لا ينفكون عن اكفر ، ولو طولبوا فى الانفكاك ، لأنذروا بوعيده ، وقرأ أبو بكر عن عاصم مكاناتكم بالجمع فى كل القرآن ، ووجه الجمع أو الاستغراق فى وجه كون المكانة بمعنى الجهة ، والحالة أن أنواع نفاقهم ومعاصيهم وكفرهم كثيرة . { إنِّى عامِلٌ } فى رضا ربى وطاعته ، والصبر على مخالفة من عصاه على مكانتى { فَسوفَ تعْلمُون مَنْ تكونُ له عاقبةُ الدَّار } من استفهامية مبتدأ ، والجملة بعده خبره ، والمجموع علق تعلم عن العمل فى لفظه واعمل فى محله نائبا عن مفعولين ، والمعلق الاستفهام ، ويجوز جعلها موصولة مفعولا ليعلم تعدى لواحد فى هذا الوجه لكونه بمعنى يعرفون ، وهذه الجملة إنذار أيضا مع الإنصاف والأدب والمعتادين فى محاورة المنصفين ، إذ كان اللفظ بعبارة تصلح لأن يكون لهم عاقبة إدراكها يصلح أن تكون للمؤمنين ، والمراد أنها للمؤمنين خاصة ، وذلك معلوم أيضا من اللفظ وفى الآية تنبيه على أن الذى ينذرهم بها على وثوق بأنه محق ، وأن له عاقبة الدار لا لهم وهى الجنة ، وعاقبة الشئ خاتمته التى تجئ بعده عقبه ، فالعاقبة الجنة ، والدار الدنيا أى الجنة التى تجئ بعد الدار الدنيا ، ويجوز أن تكون العاقبة وهى الجنة التى عقب الدنيا ، وإنما نعلم أنها الجنة لسباق الكلام فى التحبب إلى الله مع ذكر عاقبة الدار فى القرآن بمعنى الجنة ، كقوله تعالى { أولئك لهم عقبى الدار * جنات عدن } ويحتمل أن يكون المراد بعاقبة الدار النار تهديداً فهى للكفار وحدهم لا للمؤمنين ، وجئ أيضا بلفظ الإنصاف والأدب كذلك ، ويناسب هذا قوله { إنَّهُ لا يفلحُ الظَّالمونَ } لا يفوز بالجنة عن النار من ظلم نفسه بالشرك والمعاصى ، فمن كانت هذه صفته لم يفلح ، فيجدون هذه الصفة فى أنفسهم لا فى المؤمنين ، ولم يقل الكافرون لأن الظلم أقبح من حيث إن فيه تنقيص حظ الإنسان لنفسه بنفسه ، وأما من حيث العموم فإن الكفر والظلم كليهما يطلقان على الشرك ، وما دونهما من الكبائر فليس الظلم أعم ، ومعنى الآية باقٍ ولو مع نزول القتال بعد ، ومن زعم أن المعنى أمره بترك القتال قال نسخها القتال ، وقرأ حمزة والكسائى يكون بالتحتية ، لأن اسمه ظاهر مؤنث مجازاً ، ولأنه مفعول .