Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 150-150)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ هَلُمَّ شُهداءكُم } أى أحضروهم أو هاتوهم أو قربوهم ، وهى متعدية لأنها بمعنى ما يتعدى ، وكذا لو فسرناها بأدنوهم أمراً من أدنى بالهمزة أو بأجمعوهم ، فإن ذلك كله جائز ، وأما هلم إلينا فلازمة بمعنى أقبل أو ادن أمراً من دنا بلا همز ، أو تقرب وأقبل ، وهذا لأن اسم الفعل يتعدى إذا كان بمعنى المتعدى ، ويلزم إذا كان بمعنى اللازم ، وهى اسم فعل عند الحجازيين لفظها واحد فى الإفراد والتذكير وغيرهما ، وعند تميم فعل أمر تلحقها الضمائر ، ثم قيل هى هاء التنبيه ولم يضم الميم ، وفتح الميم أمر من لم يفتح اللام يلم بضمها حذفت ألف هاء التنبيه للتخفيف ، أو لعدم الاعتداء بالعارض ، لأن حركة اللام عارضة من الميم المدغمة ، أو دخلت على الميم بضم همزة الوصل أو بُدئ بما حذفت للدرج ، فحذف ألف هاء التنبيه للساكن بعدها وهو اللام ثم نقلت ضمة الميم الأولى باللام فأريد الإدغام ففتحت الميم الثانية ليمكن الإدغام ، ولا يلتقى ساكنان ، واختير الفتح للتخفيف . ومعنى لم يلم جمع الله شملنا وما تفرق منا ، فضمنت أحد المعانى التى فسرتها بها ، أو هى بمعنى أجمع كما مر أيضا ، وقيل معنى لم يلم الثلاثى بمعنى نزل ، ثم ضمن أحد المعانى المذكورة ، ويقال فى اللازم هلم إلينا ، أى احضر بنفسك إلينا أو لم وإذا اعتبرت أجمع نفسك إلينا فكأنها متعدية ، وليست كذلك ، والقولان لجمهور البصريين ، والأول للخليل وسيبويه ، وفى كليهما حذف ألف هاء التنبيه ، ونقل حركة الميم والإدغام ، ولا يختص النقل بالآخر كما قيل ، وقال الفراء وغيره من الكوفيين مركبة من هل التى للزجر ومن أم بمعنى قصد ، فضم الهمزة مبنيا للمفعول نقلت ضمة الهمزة للام ، وحذفت الهمزة وضمن أحد المعانى السابقة ، وأما أن يقال هل دخلت على أم بضم الهمز أمراً ، فلا يصح ، لأن همزة الأمر الثلاثى وصل لا حركة لها فضلا عن أن تنقل إلا أن يدعى أن اللام اختير لها ما للهمزة من الحركة لو ثبت ، وليس نقلا ، وهل الاستفهامية لا تدخل على الأمر ، وعبارة الفراء هل التى للزجر . { الَّذينَ يشْهدُون أنََّ الله حرَّم هذا } أى المذكور فى التحريم من البحيرة ونحوها ، ونصيب الأصنام ، والأمر بإحضار الشهداء هو على ظاهره إذا قلنا إنهم رؤساؤهم ، أمرهم أن يستحضروهم ليذكر لهم حجة بطلان دينهم ، وإن كان المراد من يشهد لهم على صحة ما دانوا به من ذلك ، ويحتج لهم بحجة صحيحة ، فالأمر للتعجيز والتبكيت ، إذ لا يجدون حجة صحيحة عند أحد ، والأول أظهر وأنسب فى اللفظ ، لأنه قيد الشهداء بالإضافة التى تفيد التعريف العهدى ، شهداء مخصوصون منتسبون إليهم ، ووصفهم بعمل آخر وهو أن لهم دعوى كدعواهم ، وهى أن الله حرمها هذا لو كان القصد أمرهم أن يتكلفوا عدداً ما من الرجال يشهدون لهم ، هلم شهداء يشهدون لكم أن الله حرم هذا ، ولكن مع ذلك يصح الوجه الثانى لجواز أن يضاف الشهود لمن يشهدون له ، ولو لم يعهدوا ، ويقال ائت بالشهود الذين تنفعكم شهادتكم ، ووجه ذلك أن المدعى من شأنه أن يستشهد من يشهد له وهذا مفهوم . { فإن شَهِدوا فلا تَشْهد مَعَهم } يا من يمكن للشهادة ، أو يا محمد لفظا ، والمراد غيره معنى ، لأنه لا يشهد ، وهذا مما يدل على الوجه الأول ، لأن الشاهد بحق لا ينهى عن الأخذ بشهادته ، ولا يلزم هذا ، لجواز أن يكون المعنى ليأتوا بمن يشهد لهم على دعواهم بالحق كائنا من كان ، فإن جاءوا بمن يزعمون أنه محق يشهد لهم فشهد لهم ، فإنه كاذب لا تتبعه فى شهادته ، إذ لا يجدون شاهدا لهم شهادة حق ، فمن شهد بكذبه وبين له بطلان شهادته لأنه مبطل البتة ولا تسكت ، وإنما أخذت ذلك من حيث إنه إذا طلبهم إن جاءوا بشهادة فأتوا ، فسكت فهموا أهم وغيرهم أنه أذعن لها وشهد بها على صدقها . { ولا تتَّبع أهْواء الَّذين كذَّبوا بآياتِنا } أى لا تتبع أهواءهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر ليصرح بأنهم على الهوى ، وأن كل مكذب بآيات الله متبع لهواه ، وإن كل من تتبع الحجة ولا يكابر عقله لا يكون إلا مصدقاً بآيات الله . { والَّذينَ لا يؤمنُونَ بالآخِرة } أنكروا البعث ، وهم المذكورون أيضا الذين يكفى عنهم الضمير ، ولكن أظهر لهم ليصفهم بعدم الإيمان بالبعث ، وهم عبدة للأوثان كما قال { وهُم بربِّهم يعْدِلون } أى يسوون الأصنام بربهم فى العبادة .