Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 68-68)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذا رأيتَ } يا محمد أو يا كل من يمكن منه أن يرى ، وعلى كل حال يدخل غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن حد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحد غيره سواء ، لا بدليل الخصوصية ، ولقوله تعالى { ولقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله } الآية . { الذين يخُوضُون فى آياتِنا فأعْرِض عَنْهم حتَّى يخُوضُوا فى حَديثٍ غَيرِه } المفعول الثانى لرأيت محذوف ، أى إذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا يخوضون فيها ، أى إذا علمتم يخوضون ، لأنه من رأى إنساناً يفعل شيئا علم أنه يفعله ، وباعتبار هذا صح فى كل رؤية بصر أن تجعل علمية باعتبار ما يحصل من العلم فى القلب برؤية العين ، والرؤية بمعنى العلم تعم ما سمع وما أبصر ، وما حكى منه أن يقال إنهم يخوضون فلا يمشى إليهم بالقعود معهم ، ومعنى الخوض فى آيات الله عز وجل التكلم فيها بالباطل ، كالكذب واللهو واللعب ، فأصل الخوض الدخول فى الماء مع الانتقال فيه ، ويستعار للشروع فى الحديث وغيره ، وأكثر ما يستعار لهُ إذا كان بوجه باطل ، أو كانوا إذا جلسوا خاضوا فى آيات الله بالتكذيب والاستهزاء والطعن فيها ، فهذا الخوض خوض بباطل بقرينة المقام ، وفى قوله { حتى يخوضوا فى حديث غيره } مطلق الشروع فى الحديث الذى ليس بذنب ، لأن الحديث الذى هو ذنب لا يجوز القعود إليه أيضاً ، ويجوز أيضاً أن يراد بالخوض الأول مطلق الشروع فى ذكر آيات الله ، من حيث إنه إذا تناولوها فلا بد أن يخطوا أمر الله ورسوله والمؤمنين أن يقوموا عن مجلس فيه الخوض فى آياته تعالى ، بحيث لو نهوا الخائضين لم ينتهوا ليكف الخائضون عن الخوض بالقيام إذا قاموا . ومعنى الإعراض عنهم القيام عنهم ، وإن كانوا قياماً أو ماشين ، فالذهاب عنهم ، والهاء فى غيره عائدة إلى القرآن المدلول عليه بذكر الآيات فى قوله { وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا } ولا مانع أن يراد بالآيات مطلق الدلائل ، فيفرد الضمير لأن المعنى البرهان ، ولا شك أن الخوض المنهى عنه ، وعن الجلوس عنده هو الخوض فى آيات الله بالباطل ، وأما الدخول فى التكلم فى صفات الله كما هو شأن المتكلمين ، فلا يدخل فى هذا الخوض كما زعمت الحشوية متمسكين بالآية . { وإمَّا } إن الشرطية وما التى هى صلة للتأكيد ، أدغمت النون فى الميم { يُنْسينَّك الشَّيْطان } النهى عن القعود إليهم حال الخوض أو أن ما هم فيه خوض فتقعد معهم وهم يخوضون ، وقرأ ابن عامر ، وابن عباس بفتح النون وتشديد السين { فَلا تَقْعد بعْد الذِّكْرى } بعد تذكرك أنك نهيت عن الجلوس إليهم حال الخوض ، أو بعد تذكر إنما هم فيه خوض { مَع القَوم الظَّالمِينَ } أى معهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر ، ليصفهم بأنهم ظلموا أنفسهم وغيرهم بالخوض فى آيات الله ، وليصفهم بالإشراك تنبيها على أن ذلك الخوض شرك ، والشرك ظلم { إن الشرك لظلم عظيم } أو ليصفهم بأنهم حمق إذ وضعوا الشئ فى غير موضعه ، ومن معانى الظلم وضع الشئ فى غير موضعه ، وذلك أنهم وضعوا التكذيب والاستهزاء فى موضع التصديق والاستعظام ، ويجوز أن يكون المعنى وإما ينسينك الشيطان قبح القعود عند الخوض فى الآيات ، فلا تقعد بعد أن ذكرناك قبحة ، فلا تجالسهم وقم عنهم ، فإن مجالسة المستهزئ ينكرها العقل .