Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 69-69)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومَا عَلى الَّذينَ يتَّقُون مِنْ حِسابِهِم مِنْ شَئٍ } ما على الذين اتقوا المعاصى والخوض شئ من حساب هؤلاء الخائضين على معاصيهم وخوضهم ، قيل لما نزل { وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا } الآية قال المؤمنون إذا كنا لا نقرب المشركين ولا نسمع أقوالهم ، فما يمكننا طواف ولا قضاء عبادة فى الحرم ، فنزل { وما على الذين يتقون } الآية ، وفى رواية عن ابن عباس لما نزل { وإذا رأيت الذين } الآية قال المسلمون كيف نقعد فى المسجد الحرام أو نطوف بالبيت وهم يخوضون أبداً ؟ وفى رواية قال المسلمون إنا نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم ، فأنزل الله هذه الآية ، وما على الذين يتقون لا يصح عطف ذكرى على حساب ، أو على شئ إلا أن لكن لا تعطف بعد الواو ، وإذا كانت الواو قبلها فهى العاطفة للجملة ولا للمفرد ، وليست لكن عاطفة ، وأيضا لو عطف على شئ لزم تسلط من الزيادة ، على مثبت ، لأن ما بعد لكن مثبت ولزم تقييده بقوله { من حسابهم } لأن من شئ مقيد به ، وسواء العطف على لفظ شئ أو تقديره ، إلا أن العطف على تقديره يضعف ، فيكون من لا تكون زائدة فى الإثبات ، وقد يجوز ذلك كله بناء على جواز زيادة من فى الإثبات . ولظهور أن من حسابهم لا يكون قيداً فى ذكرى ولو كان قيداً فى شئ . { ولكنْ ذِكْرى } ولكن عليهم ذكرى أى تذكيرهم بالنهى عن الخوض والاستهزاء ، فذكرى اسم مصدر بمعنى تذكير مبتدأ خبره محذوف كما رأيت ، ويجوز أن يكون مفعولا مطلقاً ، أى ولكن ذكروهم ذكرى أى تذكيراً ، ويجوز أن يكون خبر المحذوف ، أى ولكن نهيهم تذكير لهم عن موافقة الخائضين والسكون لهم ، أو ولكن نهيهم تذكير للخائضين لعلهم يتركون الخوض بالنهى عن القعود إليهم . { لعلَّهم يتَّقُون } أى لعل الخائضين يتقون الخوض بتذكيرنا إياكم على القعود إليهم عند الخوض ، أو لعل الخائضين يتقون الخوض بتذكير الذين يتقون إياهم ، وتركهم الخوض لعله يكون بأن يؤمنون أو يستحيوا من الذين يتقون إذا نهوهم ، ويكرهوا مساءتهم ، ويجوز عود الضميرين إلى الذين يتقون أى لعل الذين يتقون يزيدون التقوى أو يدومون عليها ، ولا يفسخونها بمجالسة الخائضين . واختلفوا فى قوله { وما على الذين يتقون } الآية ، فقيل ترخيص ونسخ للنهى عن القعود مع الخائضين بشرط النهى ، وقيل إن النهى ورد أولا مطلقا ، وقيده فى هذه الآية ، وهو أنه يجوز القعود مع النهى ، ويحتمل أن الأولى فيمن كان منظوراً إليه ، فينهى وإن لم ينتهوا قام ، والثانية فى غير المنظور إليه بنهى إن قدر ، وإن لم ينتهوا قعد منكراً لذلك ، أى ولكن ذكروهم إن قدرتم ، وكذلك هذه الآية قيل لقوله تعالى { ولقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر } الآية ، فإنه مطلق ، ويقيد بهذه الآية أى ولقد نزل عليكم فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ، فلا تقعدوا معهم إلا أن تذكروهم ، هذا مذهب الجمهور وهو أصح . وقال سعيد بن المسيب وابن جريج ومقاتل هذه الآية نسخت بقوله { ولقد نزل عليكم فى الكتاب } الآية ، ثم إنه قيل الآية مختصة بالمسجد وفى شأنه نزلت ، من قدر على الإنكار فى المسجد فلينكر ، ومن لم يقدر قعد بلا إنكار ، ومن أنكر ولم يقبل عنه قعد ، وقال بعض السوق كالمسجد للحاجة ، وقيل كل من أنكر بلسانه جاز لهُ القعود إذا دعته حاجة مهمة ، ولا يحسن هذا إلا لضرورة .