Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 73-73)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وهُو الذِى خَلق السَّماوات والأرْض بالحقِّ } أى قائما بالحق ، فقائما حال ، أو إقامة بالحق ، فإقامة مفعول لأجله ، أو الباء بمعنى اللام متعلق بمفعول لأجله ، أى إظهاراً للحق ، ولا واجب على الله ، وتصرفه فى الخلق حق على الإطلاق ، وقال المعتزلة معنى كونه حقاً أنه على وفق المصالح ، وزعموا أنه تجب مصلحة العبد على الله ويجوز أن يكون الحق بمعنى كمال القدرة وإحكام الصنعة ، فتعلق بخلق ، وتم مقول قل فى قوله بالحق . { ويَومَ يقُول كنْ فيكونُ قولُه الحقُّ } يوم متعلق بمحذوف وجوبا خبر مقدم ، وقوله مبتدأ مؤخر ، أى قوله الحق ثابت يوم يقول كن فيكون ، ويوم بمعنى مطلق الزمان لا مقابل الليل ولا مجموع الليل والنهار ، والنعت للمدح ، فإن قوله أبدا حق أو للكشف لذلك ، كقولك الجسم الآخذ حيزاً مركب ، فإن الجسم أبدا آخذ حيزا ، واسم الزمان يكون خبراً للمعانى ، والقول معنى ، وليس اليوم يوم القيامة ، بل كل زمان يوم القيامة وغيره ، وإن شئت قدرت الكون خاصاً ، أى قوله الحق نافذ يوم يقول بما يشاء كن فيكون ، وليس ذلك احترازاً عن يوم لا ينفذ فيه قوله ، لأنه لا يصح ذلك ، لأن قوله لا يكون إلا نافذاً قبل وجود الزمان وبعد وجوده ، وكأنه قال قوله الحق نافذ كل وقت يقول كن فيكون ، وهذه الجملة الاسمية معطوفة على قوله { هو الذى خلق السماوات والأرض بالحق } وكن مجاز عن سرعة التكوين ، لا تكلم بالكاف والنون ، ولا خلق لفظ كن فى الهواء أو فى شئ ، وقد لا هواء ولا مخلوق ، ومتعلق قل محذوف أى يوم يقول لشئ كن ، فضمير يكون عائد إلى هذا الشئ المقدر . والمعنى هو الخالق للسماوات والأرض بالحق ، وقوله الحق نافذ بسرعة فى كل ما توجهت إليه إرادة كونه ، فإن قوله هو توجه إرادته إلى شئ حسبما قضى فى الأزل ، وقيل يوم مفعول به معطوف على السماوات لا ظرف ، أى خلق السماوات والأرض ، ويوم يقول لما أراد كونه كن فيكون ، أى خلق ذلك اليوم ، أى خلق لوقوع الأشياء زماناً ، ولعله أراد بيوم يقول يوم القيامة ، ويجوز عطفه على هاء اتقوه ، فيكون بمعنى القيامة وهو مفعول به ، أى اتقوا الله واتقوا يوم يقول كن فيكون ، أى اعملوا لذلك اليوم ، ويجوز أن يكون ظرفاً يتعلق مما يتعلق به بالحق ، أى خلق السماوات والأرض قائما بالحق يوم يقول فيكون قائماً حالا مقدراً ، أو يقدر المفعول من أجله يتعلق به بالحق ، ويتعلق به يوم على ما مر فإذا عطفت يوم على السماوات أو على الهاء ، أو علقته بما تعلق به بالحق فالمقول يقل تم فى قوله فيكون وفاعل يكون عائد بمتعلق يقول ، أى يقول لما أراد كونه كن فيكون ، والذى أراد كونه هو حياة الموتى بالبعث ، فيكون قوله مبتدأ والحق خبره ، والجملة مستأنفة ، وقوله فاعل يكون ، أى ويوم يقول بقوله الحق كن فيكون قولهُ الحق . ومعنى قوله الحق مقضية الحق أو معلومة ، وهو يوم القيامة أو كلما أراد ، أو قوله الحق تقديره الشئ وقضاؤه فى الخارج ، وإذا جعلنا قوله فاعل يكون ، وعطفنا يوم على السماوات أو على الهاء ، أو علقناه بما تعلق به بالحق كان تمام ما نصب بقل هو قوله الحق ، ويجوز أن يكون تمامه هو قوله الخبير ، ويجوز أن يكون يوم مفعولا به لمحذوف ، أى واذكر يوم فيتم ما نصب بقل قبله ، فيعطف اذكر على قل . { وله المُلْك يَومَ يُنفخُ فى الصُّور } قدم له للحصر ، أى له لا لغيره الملك يوم النفخ ، بخلاف الدنيا ، فإن الفراعنة والجبابرة يدعون الملك بالباطل ، وأيضا أعطى الله جل وعلا العوارى يوم يتعلق بما يتعلق به له ، أو بله لنيابته عنه ، وفى الصُّور نائب فاعل ينفخ ، والصور قرنه دارته كدارة السماوات والأرض ، وضع فيه إسرائيل فيه من حين خلق ينتظر متى يؤذن له فى النفخ ، والمراد فى الآية نفخة البعث ، قال تعالى { ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام } ومن قبلها نفخة الموت ، ومن قبل هذه نفخة الفزع ، وهو كالبوق يجمع فيه الأرواح فينفخ فيه فتذهب الروح إلى جسدها فيحيا ، وذلك بين السماء ، ويوم بمعنى مطلق الزمان لا مقابل والأرض عند ابن مسعود ، وقيل على صخرة المقدس فتجيبه الأجساد إلى بيت أنفسها المبلغ لا مجموع الليل والنهار ، ويجمع هذا المراد فى العموم على الصخر . قال عبد الله بن عمرو بن العاص " جاء أعرابى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الصور ؟ قالقرن ينفخ فيه " هذا قول الجمهور وبه قال الحسن ومقاتل . { عالمُ الغيبِ والشَّهادة } أى هو عالم الغيب والشهادة ، فلا يفوت عمل عامل يوم الجزاء { وهُو الحَكيمُ } فى كل ما يفعل { الخَبيرُ } العليم بدقائق الأمور ، وكل ما يفعلونه ، وهذه الجملة كالنتيجة لكمال قدرته حتى قدر البعث ، وكمال علمه حتى شمل الغيب .