Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 137-137)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وأوْرثْنا القَوم الَّذينَ كانُوا يُسْتضعَفُون } يطلب ضعفهم ويسعى فيه باستبعادهم ، وقتل أبنائهم ، فالسين المطلب على أصلها ، ويبالغون فى تضعيفهم ، فالسين للتأكيد وهم بنو إسرائيل { مَشَارِقَ } مفعول ثان لأورثنا { الأرضِ ومغَاربَها الَّتى } نعت مشارق ومغارب ، وقال الفراء مشارق ومغارب ظرفان ليُستضعفون ، والتى مفعول ثان لأورثنا وهو ضعيف { بارَكْنا فِيها } وهى أرض الشام ومصر ، ومشارقها ومغاربها نواحيها ، ملكوها بعد فرعون والعمالقة . وقال الحسن وقتادة أرض الشام وهو أولى للوصف بالبركة ، فإنها مبارك فيها بالخصب وسعة الرزق ، وبالأنبياء الكثيرة ، وقيل أرض مصر وعزاه النقاش للحسن ، وقالت فرقة يريد الأرض كلها تجوُّزاً لأنه ملَّكهم بلاداً كثيرة ، أو حقيقة لأنه مَلَّك سليمان الأرض كلها وهو منهم ، والظاهر غيره ، لأن لفظ الآية يعطى أنك ملَّك المستضعفين لا من يأتى بعدهم ، وعلى كل قول من هذه الأقوال ، فالمراد بالمشارق والمغارب التعميم لا أرض مخصوصة ، أو للأرض كلها لا شرقها وغربها فقط ، تقول ملكت مشرق هذا الجنان ومغربه ، تريد أنك ملكته كله بما ردت الجهتان ، وقال الكلبى أراد بالأرض الشام ، وبمشارقها فلسطين ، ومغاربها الأردن ، وأنهم ملكوهما فقط . { وتمَّت } وقعت { كلمةُ ربِّك الحُسْنى } هى ما قضى به فى علمه ووعده من النصر والظفر ، كذا يظهر لى ، ثم رأيته لمجاهد ، وقيل الوعد بالجنة ، وقال المهدوى ونريد أن نمنَّ على الذين استضعفوا الخ ، وقيل عسى ربكم أن يهلك عدوكم الآية ، وفى رواية عن أبى عمرو كلمات بالجمع لتعدد المواعيد ، وكذا قرأ عاصم ، والحُسنى مؤنث الأحسن فهو دال على التفضيل ، كما يدل عليه الأحسن { عَلَى بنى إسْرائيلَ } عبر بعلى دلالة على أن تلك الكلمة غمرتهم وغطتهم نعمتها { بما صَبَروا } ما مصدرية ، أى بصبرهم على أذى فرعون وقومه ، وقيل على دين الله . وفى الآية حث على الصبر ، ولا أجلب للفرج منه ، قال الحسن البصرى إذا قابل الناس البلاء بمثله ، وكلهم الله إليه ، وإذا قابلوه بالصبر وانتظار الفرج ، أتى الله بالفرج وقال أيضا عجبت ممن خف أى طاش جزعا كيف خف ، وقد سمع قول الله تعالى { وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا } . وقال أيضا إن الآية دليل على أنه ينبغي أن لا يخرج على ملوك السوء ، وإنما ينبغى أن يصبر عليهم ، فإن الله تبارك وتعالى يدمرهم ، وأقول لا دليل فى الآية على ذلك ، لأنهم لم يخرجوا عن فرعون لعدم استطاعتهم الخروج عنه ، فإنهم عبيد بين يديه ، وإنما أثنى الله عليهم بمجرد الصبر . وخلاصة القول فى ذلك عندنا معشر الأباضية أنه يجوز القعود تحت السلطان الجائر الموحد ، ويأمر القاعد بالمعروف ، وينهى عن المنكر إن استطاع وإن لم يستطع ذهب عن الموضع الذى فيه المنكر فى حينه ، وكذا إن نهى ولم ينتهوا ، وإن لم يستطع الذهاب عنه قعد واقتصر على الإنكار فى قلبه إلا المسجد والسوق ، فيجوز له القعود فيهما ما دامت له حاجة فيهما ، ولو نهى ولم ينتهوا ، وقدر على الخروج أو لم يقدر على النهى أصلا ، وإن أدى نهيه إلى قتله أو الإضرار به ، وفيه منفعة ، جاز له النهى والترك ، ويجوز أن يخرج عنه مع غيره شراة إن كانوا أربعين ، وتقييدى بالأربعين تقليد لمن تقدم لا شرط عندى ، كيف لا يجوز الخروج عنه وهو ظالم لنفسه والمؤمنين ودين الله ، بل أقول الخروج عنه واجب إن كانت فيه منفعة للإسلام . { ودمَّرنَا ما كَانَ } اسمها ضمير الشأن أو هى زائدة { يصْنَع فِرعَونُ } خبر كان على الأول ، وصلة ما على الثانى ، أو فرعون اسم كان ، وعليه ففى يصنع ضمير فرعون لأنه فى نية التقديم ، وإنما جاز تقديم خبرها الفعلى على اسمها لأمن اللبس لاحتياجها إلى الاسم { وقَومُه } أى خربنا ما صنعوا من قصور وعمارات وبناء { وما كانُوا يَعْرشُون } يرفعون من الأعناب والأشجار ، أو من الأبنية كمساكن فرعون والصرح الذى يناله هامان وغيرهما مما بالغوا فى رفعه ، أو ما كانوا يجعلونه عرشا أى سقفا ، وعرش البيت سقفه ، وقرأ عاصم فى رواية ، وابن عامر ، والحسن ، وأبو رجاء ، ومجاهد بضم الراء وهو رواية عن أبى بكر وابن كثير ، وكذا فى النمل ، قال يزيدى والكسر أفصح ، وقرأ ابن أبى عبلة بضم الياء وفتح العين وكسر الراء مشددة للمبالغة ، وقرأ بعض الناس يغرسون بالغين المعجمة والسين المهملة من غرس الشجر ، قال جار الله وما أحسبه إلا تصحيفا .