Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 138-138)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَجاوَزْنا } قطعنا { بِبنِى } هذه الباء هى المعاقبة لهمزة التعدية { إسْرائيلَ } هو يعقوب ، وقرئ وجوزنا بتشديد المبالغة ، وقيل هو موافق لجاوزنا ، وبالتشديد قرأ الحسن ، ويجوز أن يكون التشديد للتعدية لاثنين ، فالباء زائدة فى المعمول الأول { البَحْر } بحر القلزم على الصحيح ، جاوزوه عرضا على المشهور ، وقيل طولا من ضفة إلى موضع آخر من تلك الضفة بقدر ما يكفى فرعون وقومه ، وذلك بوحى من الله ، يضرب البحر بعصاه فسلكوا حيث كانت الطرق بالضرب ، والظاهر أن ضربه على العرض أو الطول بالوحى أيضا ، وأجاز بعضهم أن يكون باجتهاد موسى أن يكون فى الموضع الذى لم يضرب عليه من عرض أو طول أو عار . وقيل بحر النيل ، قال بعض وهو خطأ ، قيل قطع بهم البحر يوم عاشوراء ، وأغرق عدوهم فصلوا بقيته شكرا لله ، وإن كان القطع ليلا فهم أصبحوا صائمين له ، وبالأول قال الكلبى ، وعن الحسن لما جاوزوا البحر خرجوا إلى أرض بيضاء ليس معهم فيها طعام ولا شراب ولا بناء ، فظلل الله عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى . { فأتْوا } مرُّوا { عَلى قوم } من العمالقة الذين أمر موسى بقتالهم ، وكانوا على ساحل البحر ، وقيل من الكنعانيين الذين أمر بقتالهم ، وبه قال قتادة ، وقال أبو عمران ، الجونى من لخم وجذام ، وقيل من لخم ، ومنهم كانت ملوك العرب فى الجاهلية ، ويأتى كلام فى لفظ قوم فى الحجرات إن شاء الله . { يعْكُفُون } يقيمون ويواظبون ، وقرأ حمزة والكسائى بكسر الكاف ، وكذا أبو عمرو فى رواية عبد الوارث ، وقرأ ابن أبى عبلة بضم الياء وفتح العين وتشديد الكاف مكسورة ، وذلك مبالغة { عَلَى } عبادة { أصْنامٍ } وقوله { لَهم } نعت أصنام ، وكانت على صور البقر فيما قال ابن جريج ، وذلك أول شأن العجل ، وكانت من حجر وعيدان وغيرها ، وقيل كانت بقرا حقيقة يعبدونها . { قالُوا يا مُوسَى اجْعَل لَنا إلهاً } نعكف على عبادته تقربا به إلى الله ، ظنوا أن هذا لا يضر الديانة ، فأرادوا - لما استحسنوا ذلك من القوم - أن يكون فى شرع موسى ولم يكن ذلك شكا من بنى إسرائيل فى وحدانية الله تعالى ، وقيل قصدوا بذلك الكفر ، ويبعد أن يقولوا لموسى اجعل لنا إلهاً نفرده بالعبادة ونكفر بربك ، وذلك نص فى غباوة وجهالة بنى إسرائيل ، إذ توهموا أنه تجوز عبادة غير الله مع ما رأوا من الآيات الدالة على الوحدانية ، وهذه حال الإنسان أنه ظلوم كفَّار ، جهول ، كنود ، إلا من عصم ، وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما رأى من بنى إسرائيل بالمدينة . وقال يهودى لعلى بن أبى طالب ما لكم لم تلبثوا بعد نبيكم إلا خمس عشرة سنة حتى تقاتلهم ؟ فقال على ، ولله دره مجيبا ولم أنتم لم تجف أقدامكم من البلل حتى قلتم يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ؟ وقيل قال اليهودى اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه ؟ فقال على ما اختلفنا فيه ، ولكن اختلفنا عنه ، وأنتم لم تجف أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم اجعل لنا إلهاً . { كما لَهم آلهةٌ } ما مصدرية عند مجيز دخولها على الجملة الاسمية مطلقا أو كافة وهو أولى { قالَ إنَّكم قومٌ تَجْهلونَ } عظمة الله ، وأنه مخصوص بالعبادة ، لأنه خالق الآيات والنعم التى رأيتم ، أو من عادتكم الجهل المتكرر العام حيث قلتم ذلك إثر آيات عظام شاهدتموها ، وهذا عجيب ، فإن جعل الصنم لو كان فى نفسه جائزا لمن يقربا لله لتطرق إليه التحريم من حيث إنه يجر إلى إفراد الأصنام بالعبادة ، كيف وهو فى نفسه إشراك بالله ، " ومر أبو واقد الليثى فى خروجهم إلى غزوة حنين على سدرة عظيمة خضراء ، فقال يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، شجرة لبعض المشركين يعلقون بها أسلحتهم ، ولها يوم يجتمعون إليها فيه ، وأنكر عليه ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه ذريعة إلى عبادة الشجرة وقال " الله أكبر قلتم والله كما قال بنو إسرائيل اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة والذى نفسى بيده لتتبعن سنن من قبلكم حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " ولم يقصد أبو واقد بذلك فساداً .