Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 146-146)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سأصْرفُ } أمنع بالطبع على القلوب { عَنْ آياتى } كلما يدل على وجود الله ووحدانيته ورسالة رسله ، وسكن بن عامر وحمزة الياء { الَّذينَ يَتكبَّرونَ } يدعون أنهم أعظم من غيرهم شأنا وفضلا { فى الأرْض بغَيرِ الحقِّ } حال من الواو ، أى يتكبرون مبطلين لا محققين وهى مؤسسة باعتبار أن الناس كانوا لا يعرفون أن التكبر الحق مختص بالله ، أو باعتبار أن التكبر قد يكون بحق كالكبر عن الفساق بفسقهم ، ومؤكدة بقطع النظر عن ذلك إلى أن من يتكبر وحق له التكبر على الإطلاق هو الله ، أو يتعلق بيتكبرون أى يتكبر بما ليس حقا من دينهم الباطل ، وبما لا مدخل له فى الفضل كمال وولد وجاه ، فإن الفضل بالتقوى ، وذلك التكبر أخذ من قلوبهم مكانه فلم يمكنهم التفكر والاعتبار فى الآيات ، وذلك خذلان من الله عقابا على تكبرهم ، وذلك دليل على أن الضلال من الله باختيار من العبد فى فعل ما يوجبه ، وكذا الهدى . واعلم أن الانهماك فى الشهوات مشغل عن الآيات ، قال صلى الله عليه وسلم " إذا عظَّمت أمتى الدنيا نُزعت هيبة الإسلام ، وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حرمت بركة الوحى " أو سأصرفهم عن إبطال آياتى وان اجتهدوا فيه كما كان أبو جهل يجتهد فى إبطال ما يجىء به سيدنا محمد بنحو تسميته سحرا ، وكما كان فرعون يجتهد فى إبطال آيات موسى التسع فأعلى الله الآيات وأهلكهم ، وقد جمع فرعون السحرة لإبطال آية موسى فانتكس عليه الأمر ، أو سأصرفهم عن الطعن فى الآيات والاستهانة بها ، وتسميتها سحرا بإهلاكهم . وقال سفيان بن عيينة سأصرفهم عن فهم القرآن ، وقيل عنه الآيات آيات كل كتاب ، وعلى كل حال فالآية عامة ، وذلك قول الأكثر ، وقيل إن ذلك من جملة ما قيل لموسى ، وإن الآيات آياته التسع ، والمتكبرون فرعون وقومه ، وعلى كل قول ففى الآية إنذار للمتكبرين أن يترك التكبر لئلا يسلك بهم ذلك المسلك السيىء . { وإنْ يَروْا } وقرأ مالك بن دينار رحمه الله بالبناء المفعول من أرى الرباعى ، والعطف على يتكبرون ، أى الذى من صفتهم التكبر وعدم الإيمان بالآيات ، واتخاذ سبيل الغى لا الرشد سبيلا { كُلَّ آيةٍ } من آيات كتب الله أو كل معجزة { لا يؤمنُوا بها } لعنادهم ، أو لاختلال عقولهم بانهماكهم فى الهوى والتقليد ، وهذا يقوى أن الصرف المذكور الطبع على القلب . { وإنْ يَروْا سَبيلَ الرُّشدِ } طريق الصواب ، وقرأ ابن عامر فى رواية عنه ، وأبو البرهسم بضم الشين اتباعا للراء أو جمعا للرشد بالإسكان ، أو للرشاد ، وقرأ حمزة والكسائى بفتح الراء والشين ، وقرأ أبو عبد الرحمن فيما ذكر أبو حاتم الرشاد والمعنى واحد ، وقال المعرى الرشد بضم الراء وإسكان الشين الصلاح فى النظر وبفتحهما أو مع ألف فى الدين { لا يتَّخذوهُ } وقرأ ابن أبى عبلة لا يتخذوها ، لأن السبيل يذكر ويؤنث { سَبيلاً وإنْ يَروْا سَبيلَ الغىِّ } خلاف الرشد { يتَّخذوهُ } وقرأ ابن عبلة يتخذوها { سَبيلاً } والسبيلان مستعاران ، أى لما يأخذ به الإنسان فينجوا ويهلك ، والقرينة الرشد والغى ، أو شبه ما ينجو به فى الآخرة ، أو يهلك بما ينجو به فى الأرض ، أو يهلك تشبيها مضمرا فى النفس . وذكر السبيل رمز ، وأولى من ذلك أن يجعل الكلام كله استعارة تمثيلية بأن يشبه ركوب الخطأ فى الديانة ، والإعراض عن الصواب فيها بالإعراض عن الطريق المستقيم فى المفازة ، والأخذ فى غيره المهلك على العمد ، ولا أسفه من فعل ذلك ولا أشد استيلاء من الشيطان عليه منه . { ذَلكَ } الصرف والمذكور من عدم الإيمان واتخاذ سبيل الغى لا الرشد سبيلا ، مبتدأ وقوله { بأنهم } بسبب أنهم { كذَّبُوا بآياتنا } خبره ، أو مفعول لمحذوف أى فعلت ذلك ، لأنهم الخ ، أو مفعول مطلق لمحذوف ، أى صرفتهم ذلك الصرف ، وإن قلت كيف يكون صرفهم عن الآيات بسبب تكذيبهم بالآيات ؟ قلت على أن المراد بآيات الأولى غير المراد بالثانية ، أو على أن المعنى نصرفهم عن الاتعاظ بها ، لأنهم كذبوا بها { وكانُوا عَنْها غَافلينَ } غير متوجهين إلى النظر فيها .