Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 145-145)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وكَتبْنا لهُ فى الألواحِ } وهى عشر عند وهب ، طول كل واحد عشرة ، وكذا عرضه ، وهى من زمرد من الجنة عند ابن جريج بضم الزاى والميم والراء المشددة وبفتحها وإعجام الدال ، وقال ابن عباس سبعة ألواح ، وقال الفراء لوحان إطلاقا للجمع على اثنين ، وقال أبو العالية هى من زبرجد أخضر ، وروى هذا حديثا ، وعن أبى العالية من برد ، وقال ابن جبير من ياقوت أحمر ، وقال وهب من صخرة لينها الله لموسى فصنعها منها بأصابعه . وعن الحسن كانت من خشب نزلت من السماء ، والمكتوب فيها التوراة ، وقيل غيرها ، وقيل من سدر الجنة ، والطول اثنا عشر ذراعا ، وروى هذا حديثا ، وقال مقاتل الألواح تسعة ، وعن الربيع ابن أنس نزلت التوراة وِقْرَ سبعين بعيرا ، يقرأ الجزء فى سنة ، ولم يحفظها إلا موسى ويوشع وعزير وعيسى عليه السلام ، وهو قول ضعيف مفرط ، وعن الحسن هذه الآية فى التوراة بألف آية يعنى { وكتبنا له فى الألواح } الخ . { مِنْ كلِّ شَىءٍ موعِظَةً وتفْصِيلا لِكلِّ شَىءٍ } الذى يظهر أن المعنى جمعنا له فى الألواح ما يحتاجون إليه من كل نوع من أمر الدين لأجل الوعظ ، والتفصيل لكل شىء ، احتاجوا إليه من الأحكام من حلال وحرام ، فإن الكتابة فيها معنى الجمع ، وموعظة مفعول لأجله ، ومفعول كتبنا محذوف كما رأيت أو موعظة مفعول به ، أى جمعنا له فيها موعظة وتفصيلا لكل فرد من أفراد الأحكام من كل نوع ، وعلى كل حال ، فمن متعلق بكتبا ، وذكر بعضهم أن من كل شىء مستغنى به عن المفعول ، وموعظة بدل منه ، أو من محل المجرور بناء على أن محل النصب للمجرور وحده ، ومن أجاز زيادة من فى الإثبات أجاز كون من صلة ، وكل مفعولا وموعظة بدل منه أو مفعول لأجله . { فخُذْها } العطف على كتبنا ، والمعطوف محذوف أى فقلنا له خذها { بقوَّةٍ } إلخ ، ويجوز أن يكون فخذها بقوة الخ بدلا من قوله { فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين } فلا يقدر القول ، وإنما صح إبدال جملة مقرونة بالفاء ، لأن المراد اللفظ فهى مفرد لتقدم القول ، والضمير فى خذها للألواح فيما يظهر ، وأجيز عوده للرسالة لكل شىء ، لأنه بمعنى الأشياء قيل أو للتوراة ، والقوة الاجتهاد والعزيمة والصبر ، واحتمال مؤنتها ، وعدم الفتور ، قاله ابن عباس والسدى ، وقال الربيع ابن أنس القوة الطاعة ، وعن ابن عباس أمر موسى أن يأخذ بأشد ما فيها . { وَأمُر قَومَك يأخذُوا } إن قلت جزم يأخذ والشرط مقدر عند الجمهور إن أمرتهم يأخذوا ، وبالطلب لنيابته مناب الجازم المقدر عند السرافى والفارسى ، وبه لتضمنه معنى ذلك الجازم عند الخليل وسيبويه ، ومعنى إن الشرطية على كل حال مرعى ، وذلك يستلزم أن لا يتخلف أحد عن الأخذ ، والتخلف واقع ؟ قلت الحكم فى قوله { يأخذوا } على المجموع ويقدر مضاف أى يأخذ بعضهم . { بأحْسَنها } ويترك الحسن فيأخذوا بالعفو ، ويتركوا الاقتصاص ، وبالصبر ويتركوا الانتصار ونحو ذلك ، مما هو داخل فى الثواب ، ومما قيل من أن القصاص مكتوب على بنى إسرائيل قطعا لم يثبت ، بل يجوز لهم العفو ، فالأمر للندب سلمنا أنه مكتوب عليهم قطعا فنقول الاقتصاص أحسن ، والعفو حسن فى الجملة ، وقيل الأحسن الواجب والندب والحسن هو المباح الجائز الأخذ والترك ، أو الأحسن هو المتوسط شدة وسهولة ، فإنه أحسن من الأشد باعتبار الطبيعة ، وباعتبار الدوام عليه ، فالحسن هو الأشد أو الأحسن هو السهل ، والحسن هو الشديد ، أو الأحسن المأمور به ، والتفضيل على حده فى قولك العسل أحلى من الخل ، أى العسل فى حلاوته أشد من الخل فى حموضته ، والمأمور به أبلغ فى الحسن من المنهى عنه فى القبح . أو المراد بالأحسن الحسن ، وكلها حسن ، فعلى هذا فاسم التفضيل خارج عن بابه ، فيكون لم يقل يأخذوا بها مع أنه المراد من حيث إنها كلها حسنة تصريحا بحسنها ، وترغيبا فيها ، قال فى عرائس القرآن معظم التوراة عشر كلمات ، عليها مدار كل شريعة ، وهى بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من الله العزيز الجبار القهار ، لعبده ورسوله موسى بن عمران سبِّحنى وقدِّسْنى ، لا إله إلا أنا فاعبدنى ، ولا تشرك بى شيئا من أهل السماء والأرض ، فكلهم خلقى ، واشكر لى ولوالديك إلىَّ المصير أحيك حياة طيبة ، ولا تقتل النفس التى حرم الله عليك فتضيق السماء عليك بأقطارها ، والأرض برحبها ، ولا تحلف باسمى كاذبا ، فإنى لا أطهر ولا أزكى من لم يعظم اسمى ، ولا تشهد بما لا يعى سمعك ، ولا تحفظ عيناك ، ولم يقف قلبك عليه ، فإنى أوقف أهل الشهادة على شهادتهم يوم القيامة فأسائلهم عنها ، ولا تحسد الناس على ما أتيتهم من فضلى ورزقى ، فإن الحاسد عدوّ نعمتى ساخط لقسمى ، ولا تزن ، ولا تسرق ، فأحجب عنك وجهى ، وأغلق دون دعوتك أبواب السماوات ، ولا تذبح لغيرى ، فإنه لا يصعد إلىَّ من قربان الأرض إلا ما ذكر عليه اسمى ولا تغدرنَّ بحليلة جارك ، فإنه أكبر مقتا عندى ، وأحبب للناس ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك . قال ابن عباس لما سار إلى الميقات قال له ربه ما تبتغى ؟ قال جئتك أبتغى الهدى ، قال هديتك يا موسى ، قال يا رب أى عبادك أحب إليك ؟ قال الذى يذكرنى ولا ينسانى ، قال وأى عبادك أقضى ؟ قال الذى يقضى بالحق ولا يتبع الهوى ، قال فأى عبادك أعلم ؟ قال الذى يزيد علم الناس إلى علمه ، فيسمع الكلمة تهديه إلى هدىٍ أو ترده عن ردىء . وعن ابن مسعود لما قرب الله موسى بالطور رأى عبدا فى ظل العرش جالسا قال رب من هذا ؟ قال هذا عبد لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ، بر بوالديه ، لا يمشى بين الناس بالنميمة ، فقال موسى يا رب اغفر لى ما جرى من أمرى وما غَبَر ، وما بين ذلك وما أنت أعلم به منى ، أعوذ بك من وسوسة نفسى ، وأعوذ بك من سوء عملى ، قال كفيت ذلك يا موسى ، قال يا رب أى الأعمال أحب إليك أن أعمل به ؟ قال تذكرنى ولا تنسانى ، قال أى عبادك خير عملا ؟ قال من لا يكذب لسانه ، ولا يفجر قلبه ، ولا يزنى فرجه ، مؤمن فى خُلُق حسن ، قال وأى عبادك شر عملا ؟ قال فاجر فى خُلُق سيىء ، جيفة فى الليل بطل فى النهار . قال الحسن مكث موسى بعد ما تغشاه النور فى الجبل أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات ، فاتخذ برقعا ستر به وجهه ، وقيل اتخذه من أول أمره ، وقالت له زوجته اشتقت إلى رؤيتك ، فإنى لم أرك منذ كلمك ربك ، فكشف لها عن وجهه وهو كالشمس ، فوضعت يدها على وجهها ، وخرت ساقطة ثم قالت ادع ربك أن يجعلنى زوجتك فى الجنة ، قال ذلك إن لم تتزوجى بعدى ، فإن المرأة لآخر أزواجها . وعن أبى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما كلم الله موسى كان لا تدب النملة فى الليلة الظلماء على الصفا من مسيرة عشرة فراسخ إلا رآها " . { سأرِيكُم } من رؤية البصرية المتعدية إلى اثنين بالهمزة ، فإنه مضارع أرى ، لكنه أشعبت ضمة همزة التكلم تمكينا للصوت فى موضع التغليظ ، أو الواو زائدة فى الخط فقط ، لاحظ لها فى اللسان ، وهو ما للقراء ، والإشباع مروى عن الحسن ، والواو ثابتة فى خط المصحف ، ويحتمل الإشباع أن يكون ذلك مضارع أورى يورى بمعنى بين يبين ، أى سأبين لكم ، قيل وهى لغة فاشية بالحجار ، وأصلها أورى الزند أى أظهر ما فيه أو أنار ، قال أبو حاتم وقرأ قسامة بن زهير سأورثكم ، ونسبها المهدوى إلى ابن عباس وهى حسنة يصححها قوله سبحانه { وأورثنا القوم الذين } الخ وهى بالتخفيف والمثلثة ، وضبطها بعض المغاربة بالتشديد . { دَارَ الفَاسِقينَ } وهم فرعون وقومه ودارهم مصر ، وتقدر حال ، أى أريكموها مقفرة منهم لفسقهم فلا تفسقوا فتهلكوا مثلهم ، أو يقدر مضاف أى إقفار دارهم ، أو يقدر كيف أقفرت منهم ، قال الكلبى دار الفاسقين دار عاد وثمود والقرون المهلكة لفسقهم ، أى أريكموها فى أسفاركم ، وقيل دار الفاسقين نار جهنم ، ونسب هذا الحسن ومجاهد وعطاء ، وبالأول قال على ومقاتل وقتادة فى رواية النقاش عنهم ، وقال قتادة فى رواية دار الفاسقين الشام ، والمراد ما خلا منه لفسق أهله ، وعنه أن دار الفاسقين الشام ، وأن المراد العمالقة الذين أمر موسى بقتالهم ، ويجوز أن تجعل الرؤية علمية تتعدى لثلاثة بالهمزة ، والثالث محذوف لتبادره وعلمه ، أى سأريكم دار الفاسقين خالية أو مقفرة منهم ، أو سأريكموها مسعرة على أنها جهنم ، ومنع بعضهم ذلك ، ولا يجوز ذلك على الوجه الأخير إلا إن أريد سأريكموها خربة أو خالية أو مقفرة بعد قتالكم .