Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 156-156)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ واكْتُبْ لنَا } أى أثبت أو أقسم أو قدر { لنَا فى هَذِه الدُّنيا } أى الأوقات التى هى أدنى وأقرب للفوت ، أو فى هذه الدار التى هى كذلك ، فلفظ الدنيا باق على الوصفية ، فهو اسم جنس مقرون بأل المعرفة نعت أو بيان أو بدل ، وإن جعل علما لتلك الأوقات أو الدار تعين أن يكون بيانا او بدلا ، وأل فيه للمح الأصل ، إذ لا مانع على الصحيح من قولك أعجبنى هذا زيد ، بإبدال زيد أو عطفه بيانا { حَسَنةً } من صحة جسم ، ونصر وعافية ، وسعة رزق ، وتوفيق للأعمال الصالحة { وفى الآخِرةِ } الجنة وادعى بعضهم أن المعنى اكتب لنا فى الدنيا حسنة هى ثواب الأعمال ، وفى الآخرة مغفرة لذنوبنا . { إنَّاهُدْنا إليكَ } تبنا إليك ورجعنا ، يقال هاد يهود أى رجع يرجع ، أو هو مبنى للمفعول من هاده يهيده أى حركة وأماله ، والمحرك والميل هو الله أو التوراة ، وذلك على لغة من يقول فى البناء للمفعول قول ونوع ، وقرأ أبو وجزة السعدى بكسر الهاء على البناء للفاعل والمفعول محذوف ، أى هدنا إليك أنفسنا ، أى حركناها وأملناها ، أو للمفعول على اللغة الفصحى فى بناء قال وباع للمفعول بأن يقال قيل وبيع وهيد ، لكن حذف حرف العلة للساكن بعده ، ومن الأول قول بعضهم @ أيا ركب الذنب هدهد واسجد كأنك هدهد @@ بضم الهاء ولو كسرت لزم فى السجع مثل سناد ، والتوجيه فى الشعر أى تب ، قيل سميت اليهود لقوله { إنا هدنا إليك } فهو اسم مدح ، ولما نسخت شريعتهم ولم يقلعوا عنها صار لا أقبح للإنسان من أن تقول له أنت يهودى ، وقيل لتهودهم فى القراءة ، فمن كان مسلما فليكن عند القراءة ولا يتشبه بهم . { قالَ } الله { عَذابِى } وسكن الياء غير نافع { أصِيبُ به مَنْ أشاءُ } تعذيبه من خلقى بالحكمة عدلا جزاء على فعله كالرجفة ، والكل ملكى ، فلا اعتراض لأحد علىَّ وقرأ الحسن ، وطاووس ، وعمرو بن فايد من أساء بالسين المهملة وفتح الهمزة بعد الألف من الإساءة ، ولم يتعلق بها خصوصا إنفاذ الوعيد ، بل هى كغيرها فى إنفاذ الوعيد ولا بد ، ولم يتعلق بها أن المرء خلق فعله ، ولا مساس لها بذلك ، والظاهر أن القارئ بها لم يقصد بها مجرد ذلك . وزعم قومنا أن القرىءة يتعلق بها ذلك وهم مصيبون فى قولهم أن المرء غير خالق لأفعاله فنهوا عنها ، وقالوا إنها معتزلية ، حتى قال الإمام أبو عمرو الدانى إن هذه القراءة لا تصح عن الحسن وطاووس ، وإن عمرو بن فايد رجل سوء ، وقرأ بها سفيان بن عيينة واستحسنها فقام إليه عبد الرحمن المقرى ، وصاح به وأسمعه فقال لم أدر ما يقول أهل البدع ، يعنى المعتزلة . { ورَحْمتِى وَسِعتْ كُلَّ شَئٍ } فى الدنيا ، من مؤمن وكافر وبهيمة ، وطمعت الأبالسة بظاهر الآية فى الجنة للعموم ، ثم أويسوا بقوله { فسأكْتُبها } أى ساقضى بها فى الآخرة وأثبتها { للَّذينَ يتَّقون } يحذرون الشرك والمعاصى ، وقدر بعضهم يحذرون المعاصى ، ولم يذكر الشرك إدخالا له فى المعاصى ، أو للعلم بأن ترك سائر المعاصى لا ينفع مع الشرك ، وقدر من زعم أن الموحد العاصى فى الجنة ، ومن زعم أنه موكول للمشيئة يحذرون الشرك . { ويُؤْتون الزَّكاة } خصها بالذكر مع دخولها فى اتقاء المعاصى لشرفها ومشقتها على النفس ، حتى إن اشتراطها يؤذن باشتراط سائر الطماعات ، قيل جعلها مثالا لجميع الطاعات ، مع أن الطاعات داخلة فى اتقاء المعاصى ، فإن من لم يفعل ما وجب فعله فقد عصى ، كما عصى من فعل ما وجب تركه ، وقال ابن عباس المراد يؤتون الأعمال التى هى زكاة وطهارة لأنفسهم ، وعليه فالفعل مبنى للمفعول ، والتاء مفتوحة ، والواو مسكنة سكونا حيا بخلافه على ما ذكر ، وقيل الزكاة هنا التوحيد ، فالفعل مثله فى قول ابن عباس ، فالمراد بالاتقاء اتقاء سائر المعاصى . { والَّذين هُمْ بآياتنَا يُؤمنُون } لا يكفرون بشئ منها ، وذكر هذا لاستفادته من اشتراط التوحيد بقوله { يتقون } أو بقوله { ويؤتون الزكاة } على ما فى تفسيرهما ، واليهود والنصارى طامعة فى ذلك كله ، وإنما أيسوا بقوله { الَّذينَ يتَّبعُون … }