Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 171-171)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ و } اذكر يا محمد { إذْ نَتَقنا } رفعنا كما فى الآية الأخرى ، وأصل النتق الجذب واقتلاع الشئ ، واناتق الرحم التى تجلب الولد من الرجل ، قال صلى الله عليه وسلم " عليكم بتزوج الأبكار فإنهن انتقى أرحاما وأطيب أفواها " { الجَبَل } قال ابن عباس فى رواية عطاء هو جبل الطور كما ذكر فى الآية الأخرى بلفظ الطور ، لكن ليست نصا فيه ، لأن الجبل مطلقا يسمى طورا فقيل هو جبل الطور ، وقيل جبل من الجبال لا ندرى ما هو ، وقيل جبل من فلسطين ، وعليه أبو العالية عن ابن عباس { فَوقَهم } بينهم وبين رءوسهم قامة الرجل . { كأنهُ ظُلَّة } هى كل ما أظلك وأشرف عليك من سقف أو سحاب أو غيرهما ، فإنما شبهه بالظلة مع أنه ظلة ، لأن الجبل ليس مما يكون ظلة فى العادة ، فشبه بالظلة التى اعتادوها كسقف وسحاب ، أو المراد الظلة التى هى أشهر وأشد اعتيادا وهى السقف المعتمد على نحو جدار فصح التشبيه ، فيكون شبه بظلة كانت عمدا ، وقرئ طلة بالطاء المهملة ، والمعنى واحد { وظَنُّوا } رجحوا ، وقيل أيقنوا ، وعليه الجمهور ولا وجه له إلا إن علق الإيقان بعدم قبول التوراة ، ثم رأيت شيخ الإسلام وجهه بهذا ، والحمد لله ، و عليه فإنما عبر بالظن ليناسب عدم وقوع الجبل ، فإنه لم يقع { أنَّه واقعٌ بِهِم } أى عليهم أو الباء بلإلصاق . { خُذُوا } قلنا لهم خذوا ، فالكلام مفعول لقول محذوف على الاستئناف ، أو قدر بعاطف ، أى وقلنا أو فقلنا ، أو يقدر حال من نا فى قوله { نتقنا } أى قائلين خذوا الخ ، والقائل الملك أو موسى بأمر الله { مَا آتيْناكُم } وهو التوراة { بقوَّةٍ } متعلق بخذوا ، أو بمحذوف حال من الواو ، والقوة الجد والعزم على تحمل مشاقه { واذكُرُوا ما فيهِ } من الأمر والنهى والقدرة ، وغير ذلك ولا تنسوه ، واعملوا به ، أو اذكروه بالعمل ولا تتركوه ، أو اذكروا ما فيه من الثواب العظيم فترقبوا ، وزعم جار الله أنه يجوز أن يكون ذلك تعجيزا كقوله { فانفذوا } وقرأ الأعمش فيما حكى عنه أبو الفتح واذكروا بتشديد الذال وكسر الكاف ، الأصل اذتكروا بوزن افتعلوا ، قلبت التاء ذالا وأدغمت فيها الذال ، وقيل عنه إنه قرأ واذكروا بفتح الكاف وهو أيضا بهمزة الوصل ، وقد قرأ ابن مسعود وتذكروا على هذا الأصل . { لعلَّكُم تتَّقُونَ } قبائح الأعمال والأخلاق ، ولعل الترجى بالنسبة إليهم ، أو للتعليل ، وفى عرائس القرآن كانت التوراة شريعة ثقيلة فأبوا أن يعملوا بها ، فأمر الله جبريل فقلع جبلا على قدرهم ، وكان فرسخا فى فرسخ ، ورفعه فوقهم ، قال عطاء ، عن ابن عباس وبعث نارا من قبل وجوههم ، و البحر من خلفهم ، وقيل لهم { خذوا ما آتيناكم بقوة } فإن قبلتموه وفعلتم به ، وإلا رضختكم بهذا الجبل ، وغرقتكم فى هذا البحر ، وأحرقتكم بهذه النار ، فلما رأوا أن لا مهرب قبلوا ذلك وسجدوا على شق وجوههم ، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود ، فصارت سنة اليهود ألا يسجدوا إلا على نصف وجوههم ، ولما زال الجبل قالوا يا موسى سمعنا وأطعنا ، ولولا الجبل ما أطعناك اهـ . وروى أنهم لما نظروا إلى الجبل خروا سُجداً على الخد الأيسر الحاجب الأيسر ناظرين بالعين اليمنى للجبل خوف السقوط ، فلذا لا ترى يهوديا يسجد إلا على الخد والحاجب الأيسرين ، ويقولون لعنهم الله هى السجدة التى رُفعت عنا بها العقوبة ، ولما نشر موسى الألواح لم يبق شجر ولا حجر إلا اهتز لما كتب فيها ، فلا ترى يهوديا يقرأ التوراة إلا اهتز ورفع رأسه وخفضه . وروى أن موسى لما جاء بالتوراة قال عن الله هذا كتاب الله أتقبلونه بما فيه ؟ فإن فيه بيان ما أحل لكم وما حرم عليكم ، وما أمركم به وما نهاكم عنه ؟ قالوا انشر علينا ما فيها ، فإن كانت فرائضها يسيرة ، وحدودها خفيفة ، قبلناها ، قال اقبلوها بما فيها ، قالوا لا ، فراجعهم موسى فراجعوه ثلاثا ، فأوحى الله إلى الجبل فانقلع وارتفع فوق رءوسهم ، فقال لهم موسى ألا ترون ما يقول ربى ، لئن لم تقبلوا بما فيها لأرمينكم بهذا الجبل ، فلما رأوه خروا سُجداً على الحاجب والخد الأيسرين ، ناظرين إليه بالعين اليمنى مخافة السقوط .