Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 172-172)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإذْ } عطف على إذ قبله { أخذَ ربُّكَ } أخرج { مِنْ بَنى آدمَ } فى زمانك وقبله اليهود وغيرهم ، أو المراد اليهود الماضية الذين أشركوا بقتل الأنبياء ، وقولهم عزير ابن الله ، وغير ذلك ، لأن الكلام قبل وبعد فى اليهود ، والذرية ذريتهم مطلقا ، وقيل ذريتهم فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم { مِنْ ظُهُورهم } بدل بعض ، لأن ظهر الإنسان بعضه لا بدل اشتمال كما قال السيوطى { ذُرِّيَّاتهم } وقرأ ابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائى ذريتهم بالإفراد وفتح التاء ، والمعنى أخرج من أصلابهم نسولهم فى الأوقات التى علم الله بها فى الأزل أنهم يخرجون فيها . { وأشْهَدهم عَلَى أنفُسِهِم } أظهر لهم دلائل الوحدانية والربوبية ، وأوضحهما حتى شهدت بهما عقولهم ، فهذا إشهاد حقيق ، أو ركب فى عقولهم ما يدعوهم إلى الإقرار بهما ، حتى كأنه أشهدهم إشهادا ولقوة الإظهار والإيضاح صاروا بمنزلة من قيل لهم { ألسْتُ بربِّكُمْ } وبالمنفرد بالألوهية ، ونزل شهادة عقولهم أو تركيب ما يدعوهم إلى الإقرار فيها منزلة القول فقال { قالُوا بَلَى } أى أنت ربُّنا وإلهنا وقوله { شَهدْنا } إنك ربنا وإلهنا ، تأكيد لمعنى بلى ، فذلك كله مجاز مركب استعارة تمثيلية ، وهى أن تؤخذ أمور متعددة من المشبه ، وتجمع فى الخاطر ، وكذا من المشبه به ، ويجعل المجموعان متشاركين فى مجموع متنزع يشملهما ، وذلك فى الكلام العربى شائع كقوله سبحانه { إنما قولنا لشئ } الخ { فقال لها } إلى { طائعين } إذ قلنا إنه لا قول ، ثم وقول الشاعر @ وقالت الأنساع للبطن الحق قالت له ريح الصباء قرقار @@ وهذا تحقيق المقام ، وفسره بعضهم بل الجمهور بأنه لما خلق الله آدم أخرج من ظهره ذرية كالذر متحركة ، السعداء بيض ، والأشقياء سود ، وروى كالخردل ، وعن محمد بن كعب أنها الأرواح جعلت بصورة ذلك ، وعنه صلى الله عليه وسلم " أنه أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس " وعن ابن عباس أخرجها بعد هبوطه بدهناء أرض الهند ، وعنه بنعمان وهو عرفة ، وقيل عرفة وما يليها ، وقيل جبل وراءها . وقال السدى إن ذلك فى السماء بعد دخول الجنة ، وأنه مسح صفحة ظهره اليمنى فخرج كهيئة الذر بيضا ، وقال إلى الجنة برحمتى ، وهم أصحاب اليمين ، وبعمل أهلها يعملون ، ثم على اليسرى فخرج كهيئة الذر سودا ، وقال إلى النار ولا أبالى ، وبعمل أهلها يعملون كما فى الحديث " إن السعيد يختم له بعمل أهل الجنة والشقى بعمل أهل النار فهم أصحاب الشمال " وأعادهم فى صلبه وقد عرفه أنهم ذريته ، ولم يبق واحد منهم لم يخرج . وروى ضرب على منكبه ، وفى رواية مسح بيمينه على ظهره ، وكل من المسح والضرب ونحوه عبارة عن إيجاد الذرية منه فى الخارج ، واليمين القدرة أو الماسح ، والضارب ملك بأمر الله ، وأصل الحديث رواه عمر وابن عباس رضى الله عنهم ، وفسرا به الآية مع أنه ليس فى الآية ذكر آدم ، ووجه بعضهم ذلك بأن الإخراج من ظهر آدم الذى هو الأصل إخراج من ظهور بنيه الذين هم الفرع ، وهذا رد للآية إلى الحديث ، وبعضهم بأن المخرج من ظهورهم مخرج من ظهره ، لأن بنى آدم من ظهره ، وهذا رد الحديث إلى الآية ، وعلى كل حال فذرياتهم مفعول أخذ ، وقيل بدل اشتمال من بنى آدم بدل البعض ، ومفعول أخذ محذوف أى عهدا أو ميثاقا ، وهذا رد للآية إلى الحديث ، ولا يلزم من كون الأخذ من الذرية عدم الأخذ من الآباء ، بل أخذ من الكل كما بينه الحديث ، ولو لم يذكر فى الآية إلا الذرية . ووجه الاقتصار عليها فى الآية على هذا أن المراد إلزام اليهود بمقتضى الميثاق العام بعد إلزامهم بالميثاق الخاص بهم والمذكور فى الآية قبل ، والاحتجاج عليهم بالحجج السمعية والعقلية ، والتحقيق تفسير الآية بما فسرتها به الاستعارة التمثيلية ، وأشار إليه الزجاج ، ونسبه لقوم ، وزعم بعضهم أنه ضعيف مناف للحديث ، وأقول إنه لا يخفى أنه غير مناف له ، لأن الحديث فى حال خروجهم كالذر ، والآية فى زيادة ميثاق آخر مذكر للأول ، فلا يقولون إن الأول إن كان فقد نسيناه ، وقد ثبت أنه لما أخرجهم كالذر أشهدهم على أنفسهم ، وأشهد عليهم فيما قيل السماوات ، قيل والأرض ، وأشهد الملائكة وقيل أنفسهم والملائكة ، وقيل أشهد بعضهم على بعض ، وأنه المراد فى الآية . وقرأ السعداء رضى ، والأشقياء تقية وسأرسل إليكم رسلا بكتب تذكركم عهدى وميثاقى ، وكتب أرزاقهم وآجالهم ، وما يصيبهم ، ومنهم غنى وفقير ، وحسن وقبيح ، وأبيض وأسود ، وغير ذلك ، فقال آدم هلاَّ سويت بينهم ؟ فقال أحب أن أشكر ، ومن بلغ وصح عقله فقد أدرك الميثاق الأول والثانى ، ومن لا فهو إلى الجنة ، ولو كان ولد مشرك أو منافق على ما صحح ، ولو كان المشهور الوقف وذر الأنبياء بين الذر كالمصابيح ، وبين عينى كل إنسان وبيص أى لمع وبرق ، فأعجب آدم وبيص إنسان منهم فقال يا رب من هذا ؟ فقال نبى من ذريتك اسمه داود . وفى العرائس أنه عرض على آدم ذريته حين خرجت ، فرأى قوما عليهم نور فسأل فقيل أنبياء ، ورأى داود أشدهم نورا فسأل عنه كما مر ، وهو مشكل ، فإن نبينا أولى بأن يكون أعظم نورا ، فقال كم عمره ؟ قال ستون سنة ، فقال يا رب زده من عمرى أربعين ، وكان عمر آدم ألفا ، ولما مضى له تسعمائة وستون أتاه ملك الموت فقال بقى لى أربعون سنة ، فرجع إلى الله فقال قل له ألم تعطها ابنك داود ؟ فقال لا ، وذلك منه نسيان ، فكنا ننسى ، وأكل من الشجرة التى نهى عنها فكنا نخطئ ، وأحضر الله الملائكة شهودا بالإعطاء ، ومن ذلك أمر له بالكتابة والشهادة ، وأكمل الله له ألفا ولداود مائة ، وقد علم الله فى الأزل مال الأمر إلى ذلك ، وقيل قوله { شهدنا } من قول الملائكة لما أشهدهم الله ، وقال السدى من قول الله والملائكة ، وعليهما فالوقف على بلى . { أنْ تقُولُوا } مفعول لأجله لأشهدهم ، أو لفعلنا ذلك محذوفا على حذف مضاف ، أى حذر أن تقولوا أو كراهة أن تقولوا ، أو مقدر بلام التعليل ولا النافية على ضعف عند ابن هشام ، ويعلق بأشهدهم أى لئلا تقولوا ، والخطاب التفات من الغيبة ، وإن جعلناه مفعولا لأجله لشهدنا أو مقدرا بلام متعلقة به ، على أن شهدنا من قول الملائكة ، أو من قولهم وقول الله ، فلا التفات ، وقرأ أبو عمرو ، وابن عباس ، و ابن جبير ، وابن محيصن بالتحتية { يَومْ القيامةِ إنَّا كنَّا } فى الدنيا { عَنْ هَذا } أى عن هذا العهد المتضمن للإيمان والطاعة ، الذى عهدناه أولا { غَافِلينَ } لم ننبه عليه برسول ولا كتاب …