Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 200-200)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإمَّا } إن الشرطية وما المؤكدة أبدلت النون ميما وأدغمت { ينْزِغنَّكَ مِنَ الشَّيطانِ } ينخسنك بالوسوسة فى قلبك ، شبهها بنخس الدابة ، ففى ينزغ استعارة تبعية تصريحية ، وقلَّ ما يستعمل النزغ إلا فى فعل الشيطان ، وقال الزجاج النزغ أدنى حركة يكون ، ومن الشيطان أدنى وسوسة ، وقيل النزغ حركة فيها فساد ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح لا ينزغ الشيطان فى يده " على أن النزغ فى يده حقيق ، وبه أشار إلى أخيه بالسلاح ، لكن يحتمل الوسوسة فى القلب ، وأوقعه على اليد لظهور أثرها فى البلد . { نَزْغٌ } بأن أمرك بخلاف ما أمرت ، وقيل المراد التأثير الغضب ، وكانت الكفرة تواجهه بما يغضبه ، وقد روى أنه لما نزل { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } قال " فكيف فى الغضب يا رب " فنزل { وإما ينزغنك من الشيطان } إلى { عليم } وإنما أسند النزغ إلى نزغ مبالغة ، كقولك جد جده بضم دال جده ، وصام صومه بضم ميم صومه . { فاسْتَعِذْ باللهِ } اعتصم به أن يدفعه { إنَّه سَميعٌ } لدعائك مطلقا ، أو لاستعاذتك ، أو باقوال من آذاك { عَليمٌ } بحالك ، أو بما فيه صلاحك فيوفقك إليه ، أو بافعال من يؤذيك فيعاقبه عليها ، معينا لك عن الانتقام ، ومتابعة الشيطان ، واستدل ابن القاسم بالآية على أن الاستعاذة عند القراءة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وليس كذلك ، بأن قوله إنه سميع عليم كلام آخر تعليل لأمره بالاستعاذة وبقوله قالت النكَّار ، وقد روى أن جبريل نهى النبى صلى الله عليه وسلم عنه وإنما يقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما يتبادر من قوله عز وجل { وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } ولو سلمنا أن آية هذه السورة تدل على ما قال النكَّار وابن القاسم ، من أن كيفية الاستعاذة ما ذكر لم نسلم ذلك عند القراءة ، لأن هذه فى نزغ الشيطان . ولا دليل فى الآية ، على أن الأنبياء غير معصومين ، لأنه جاء النزغ على طريقة العرب فى الشك بإن الشرطية ، وقد علم أنه لا ينزغه الشيطان ، وإنما قال ذلك تأكيداً كما قال { لئن أشركت ليحبطن عملك } وقد علم أنه لا يشرك أو تعليما للغير ، أو الخطاب للإنسان مطلقا ، أو لأنه ولو نزغه لا يتبعه فى نزغه ، فالعصمة عن قبول الوسوسة لا عنها وهو الأظهر ، وفى الحديث " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن يلم بشر ، وقرينه من الملائكة يلم بخير " قالوا فأنت ؟ قال " وأنا لكن أعاننى الله عليه فأسلم " بفتح الميم أى آمن بالله على اختيار عياض وهو المختار عندى ، أو بضمها أى فأنجو من كيده ، واختاره الخطابى فلا يأمرنى إلا بخير ، وهذا دليل على ما اخترت ، لأن الأمر بخير فقط إنما يترتب على الإسلام ، ويتسبب عنه لا على السلامة وعنها ، إلا إن جعلت الفاء تعليلية لا سببية ، أى فأنجو لأنه لا يأمرنى إلا بخير . قال عياض أجمعت الأمة على عصمة النبى صلى الله عليه وسلم من الشيطان فى جسمه وخاطره ولسانه ، ويبطل ادعاؤه الإجماع بما قال لعض العلماء أنه ألقى الشيطان على لسانه فى شأن الأصنام تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتها لترتجى ، وتأتى قصة ذلك إن شاء الله ، والخلاف فيها .