Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 199-199)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ خُذِ العَفْو } ما يتيسر من الناس بلا كلفة من أفعال الناس وأقوالهم وأخلاقهم ، أى اقبله منهم ولا تكلفهم أن يعاملوك بما يشق عليهم فيملوا ، وتتولد العداوة ، ويزيدوا منك ما يشق عليك ، أو ما لا يقبله الدين ، وتضمن ذلك قبول عذرهم ، والغض عن مصايبهم ، وقيل العفو ما فضل عن نفقة النفس ونفقة العيال ، وقيل ما يتيسر من صدقاتهم ، وعليهما فهذا منسوخ بآية الزكاة ، ووجه نسخه أنه أمر بأخذ ذلك ، وأمروا بتسليمه ولا بد ، ولما نزلت الزكاة لم يجب عليهم غيرها ، وعليهما تفسير العفو بالفضل والزيادة ، كقولك عفا الشعر والنبات ، فانما لم يحتج اليه العيال ، وما سهل من الصدقة فضل وزائد . وقال مجاهد ، فيما ذكر مكى العفو الزكاة وهو شاذ يلزم منه فرض الزكاة فى مكة وإشاعتها فيها ، وقيل العفو عمن أساء إليك ، أى تمسك بالعفو عنه ، ولا تعاقبه ، وهذا لا ينسخ ، وأما إن أريد العفو عن المذنبين مطلقا فمنسوخ بآيات الحدود والقتال . { وَأمُر بالعُرْفِ } محاسن الأخلاق والأمور الشرعية ، كقول لا إله إلا الله ، " روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل " ما هذا العرف الذى آمر به ؟ فقال لا أدرى حتى أسأل العالم ، فرجع إلى ربه فسأله ، ثم جاء فقال يا محمد هو أن تعطى من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمن ظلمك " . وهذا تمثيل بالغاية والمراد هذا وما دونه من فعل الخير ، كما قال له بعض ، وقرأ عيسى الثقفى ، فيما ذكر أبو حاتم بضم العين والراء ، والجمهور على إسكانها ، وكلاهما بمعنى المعروف . { وأعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ } المشركين ، أى لا تجادلهم ولا تقاتلهم ، ثم نسخ بآية القتال كذا قالوا ، قال صاحب كتاب الناسخ والمنسوخ هذه الآية من عجيب المنسوخ ، أولها منسوخ ، وآخرها منسوخ ، ووسطها محكم ، وقال ابن زيد الآية كلها مداراة لكفار قريش ، ثم نسخت بآية السيف ، وأقول لا نسخ فى الآية لجواز أن يكون العفو ما يسهل على الناس من قول حسن وفعل حسن ، وخلق حسن ، والإعراض عن الجاهلين الصبر وعدم المجازاة على ما أساءوا به إليه ، وذلك مأمور به أبدا ، ولا وجه لنسخ الأمر بالعرف . وأيضا يحتمل أن يكون معنى { خذ العفو } قيل من الناس ما تفضل به عليك ولا تردده عليهم فتنكسر قلوبهم ، وهذا لا يدخله النسخ ، وقد صح أنه يقبل الهدية لا الزكاة ، ثم رأيت لبعضهم أن الجمهور يقولون إن الإعراض عن الجاهلين أمر مستمر فى الناس ما بقوا ، ويدل على عدم نسخ الآية أن الحر بن قيس احتج بها على عمر فاقروه على احتجاجه ، ووقف عندها ، قال جار الله وعن جفعر الصادق أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق ، وليس فى القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها ، وفى الحديث " إن الله سبحانه بعثنى لتمام مكارم الأخلاق وتمام محاسن الأفعال " ويأتى كلام فى خلقه إن شاء الله .