Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 205-205)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ واذْكُر ربَّك } بلسانك { فى نَفْسِك } أى سرا بأن تحرك لسانك ، وتسمع أذنك ، أو يكون بدون أن تسمع ، وهذا عام فى قراءة القرآن والدعاء والتسبيح والتهليل ، وذلك أدخل فى الإخلاص ، والتدبر ، وقيل الذكر القراءة فى الصلاة ، ويرده أن ليست قراءة الصلاة كلها سرا إلا إن أراد صلاة السر ، وقال فرقة فى صلاة ركعتين فى الغدو ، وركعتين فى الآصال قبل أن تفرض الخمس . { تَضرُّعاً } خضوعا وهو مفعول لأجله ، أو مفعول مطلقا أو حال على ما مر { وخِيفَةً } نوعا عظيما من الخوف ، قلبت الواو وياء لكسر ما قبلها ، ولا يحصل الخوف إلا وقد حصل الرجاء وبالعكس ، وإلا فالحاصل آيس لا خوف ، وقطع لا رجاء ، ولما كان لفظ الرب مشعرا بالتربية المتضمنة للرحمة والفضل والإحسان اتبعه بذكر التضرع والخوف ، ليجمع بين الخوف والرجاء . { ودُونَ الجَهْر } عطف على فى نفسك ، أو متعلق بمحذوف حال معطوفة على أخرى ، وهى تضرعا إذا جعل تضرعا حالا ، أى وثبوتا وتكلما ، وإنما قدرتها مصدر المناسبة تضرعا فى المصدرية ، ويجوز تقديرها وصفا أى وثابتا أو متكلما ، ومعنى كون الإنسان دون الجهر أنه بمعزل عنه ، ويجوز كونه متعلقا بمحذوف نعت لمصدر محذوف منصوب بحال محذوف ، أى ومتكلما كلاما ثابتا دون الجهر ، وعلى كل حال فهو من حيث المعنى مؤكد لقوله { فى نفسك } إذا فسرنا فى نفسك كما مر السر ، وذلك إغراء بالسر بذكره مرتين ، هذا ما ظهر بالتأمل . ويجوز أن يراد بالذكر فى النفس الإسرار بأن يسمع أذنه ، أو يحرك اللسان بلا إسماعها ، وبقوله { دون الجهر } إسماع الغير بلا جهر مفرط ، فيكون الكلام إباحة للأمرين ، ومن فسر ذلك فى الصلاة حمل الأول على صلاة السر ، والثانى على صلاة الجهر ، فيكون المراد بالجهر المجتنب الجهر المفرط كما علمت إشارة للتوسط . ويجوز أن يكون المراد بالذكر فى النفس عدم تحرك اللسان مع تتبع الكلام فى النفس ، وهذا فى غير الصلاة ، وأما فيها فلا إلا لذى علة لم يجد معها سوى ذلك ، لكن إطلاق الذكر على ذلك مجاز عند الجمهور فيما قيل ، وقيل حقيق وبدون الجهر تحرك اللسان بدون إسماع الآذان ، أو بدون إسماع الغير ، وهذا فى غير الصلاة ، وفى صلاة السر ، ويجوز أن يراد بالذكر فى النفس استحضار جلال الله فى القلب ، وبدون الجهر التكلم سرا ، والمعتبر فى الذكر ذكر القلب . { مِنَ القَوْل } متعلق بالجهر ، كقولك أكلت من الطعام وشربت من المائع { بالغُدوِّ } فى الغدو ، وهو جمع غدوة وهى البكرة { والآصالِ } جمع أصيل وهو ما بعد صلاة العصر إلى المغرب كيمين وأيمان ، ووزنه أفعال ، إلا أن ورشا نقل فتحة همزته للام ، وحذف الهمزة ، وقيل جمع أصل بضم الهمزة والصاد ، وأصل جمع أصيل ، والمراد بالوقتين عموم الأوقات ، كما تقول لمن أردت وصفه بالنوم الكثير ينام بكرة وعشيا ، وهذا على ما مر من أن المراد مطلق الذكر ، وقيل المراد خصوم الوقتين لفظهما ، فالغدوة وقت بعد الانتباه من النوم الشبيه بالموت ، فيفتح حياته بالذكر ، والأصيل آخر حياته ، بل قريب من آخرها ، لأنه لا ينام بعد العشاء ، والنوم كالموت فيستقبله بالذكر ، وأيضا تصعد أعمال الليل غدوة ، وأعمال النهار قريب المغرب أو فيه . وأيضا لا تجوز النافلة فى الوقتين فليشتغل فيهما بالذكر ، وقيل تجوز على كراهة ، وقيل المراد خصوص الوقتين والذكر فيهما ركعتان فى كل منهما كما مر ، ومن قال المراد بالذكر الصلوات الخمس الناسخات للركعتين ، قال المراد عموم أوقاتها فى كل يوم ، فكما يجوز إطلاق الغدو والأصيل على جمع الأزمنة ، ويجوز إطلاقه على جمع أزمنة الصلوات الخمس ، وقيل الآية فى صلاة الفجر فى الغداة ، وفى صلاة العصر فى الأصيل أى العشية ، وقرأ أبو مجلز والإيصال على المصدرية أى الدخول فى الأصيل ، تقول أصل زيد بمد الهمزة بمعنى دخل فى الأصيل كالإغنام والإصباح والإمساء بمعنى الدخول فى وقت الغنمة ، ووقت الصباح ووقت المساء . قال جار الله وهو يطلق الغدو يعنى ، والله أعلم فى المصدرية بناء على أن الغدو مصدر لا جمع غدوة { ولا تكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ } عما يقرب إلى الله من الذكر وغيره ، بل قارب حالك بحال الملائكة فلا يغفلون عن الذكر وغيره لمن العبادات كما قال { إنَّ الَّذين عِندْ ربِّكَ … }