Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 31-31)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يا بنى آدمَ خُذُوا زِينَتكُم } لباسكم { عِنْد كلِّ مسْجدٍ } أى فى كل مسجد ، وعند فى الموضعين بمعنى فى ، قيل كانوا يطوفون عراة إن لم يجدوا من لم يعير لهم ثوبا من قريش ، أو يطوفون فى ثيابهم ويلقونها ولا يلبسونها أبداً ، وذلك إذا قدموا لطواف الحج أو العمرة ، قال طاووس لم يأمرهم بالحرير والديباج ، وإنما كان أحدهم يطوف عرياناً ، ويصلى عرياناً ، ويدع ثيابه وراء المسجد ، وإن طاف وهى عليه ضرب وانتزعت منه ، وقالوا لا نعبد الله فى ثياب أذنبنا فيها ، وقيل تفاؤل أن ينفروا من الذنوب كما تعروا من الثياب ، والمسجد واحد المساجد المعدة للصلاة . وقيل السجود مراداً به الصلاة ، ففى الآية إيجاب ستر العورة فى الصلاة والطواف ، وأما وجوبه فى كل حال فمن غير الآية لا منها خلافاً لمن وهم ، وإنما سمى اللباس زينة لأنه يستر ما يشين وهو العورة ، وقيل الزينة المشط ، وقيل الطيب والسنة أن يأخذ الرجل حسن هيئته للصلاة كالسواك والطيب للجمعة ، والثياب الحسنة ، وكل ما وجد استحسانه فى الشريعة بلا قصد الخيلاء ، وذكر مكى حديثاً أن معنى خذوا زينتكم صلوا فى النعال ، قال بعضهم وما أحسبه يصح . { وكلُوا واشْربُوا ولا تُسْرفُوا } قال السدى ، وابن زيد هذا نهى عما التزموه من تحريم للحم والودك ، ومن تحريم ما فوق القوت تعظيما لحجهم وتوفيراً له ، قال الكلبى كان ذلك من بنى عامر ، فقال المسلمون نحن أحق بذلك يا رسول الله ، فأمر الله أن يأكلوا اللحم والدسم وما طاب لهم ، ولا يسرفوا بتحريمها ، وليس الإسراف الأكل أكثر من القوت ولا الشبع لكثرة دلائل جواز الشبع ، وقد ثبت فى المساكين أنهم يطعمون حتى يشبعوا ، وأنه صلى الله عليه وسلم والصحابة أكلوا حتى شبعوا . وعن بعضهم كل ما شئت والبس ما شئت ، واتق الله ، وعن ابن عباس كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف وتحمله ، ويصح تفسير الإسراف بالشبع المفرط ، وتتبع الملاذ وتضييع المال كالبحيرة والسائبة والإنفاق فى المعاصى ، بل هذا عندى أصح وأولى ، وعن ابن عباس ليس فى الحلال إسراف ، وإنما الإسراف فى ارتكاب المعاصى ، قال عياض يريد فى الحلال القصد ، واللفظة تقتضى النهى عن السرف مطلقا ، فمن تلبس بفعل حرام فبأول تلبسه به حصل من المسرفين ، وتوجه النهى عليه مثل أن يفرط الإنسان فى شراء ثياب ونحوها ، ويستنفد فى ذلك جل ماله ، أو يعطى ماله أجمع ، وقد وقف النبى صلى الله عليه وسلم الموصى عند الثلث وقال بعض العلماء لو حطّ الناس إلى الربع ، لقوله صلى الله عليه وسلم " والثلث كثير " لصح انتهى . وفى الديوان قال بعضهم إنما يوصى بالربع ، وقال بعضهم بالخمس ، وقيل النصف ، وقيل غير ذلك . وانظر كيف يصح القول بغير الثلث مما هو أكثر كالنصف ، وكيف يصح إيجاب الاقتصار على ما هو أقل من الثلث كالخمس ، مع أنه صلى الله عليه وسلم " قال لسعد بن أبى وقاص رضى الله عنه " نعم أوص بالثلث والثلث كثير " ولعلهم حملوا ذلك على الاستحسان والمصلحة فى الحديث ، لا على الوجوب الشرعى ، كأنه نظر إلى كثرة عياله ، فلم يرض له الوصية بأكثر من الثلث ، والمشهور حمله على ظاهره ، من أن الوصية بأكثر منه لا تصح إلا برضا الوارث . وقد صح أن الله جعل لنا ثلث أموالنا بعد موتنا ، وكان لهارون الرشيد طبيب نصرانى حاذق ، فقال لعلى بن الحسين بن واقد ليس فى كتابكم من علم الطب شىء ، والعلم علمان علم الأبدان ، وعلم الأديان ، فقال له قد جمع الله الطب كله فى نصف آية من كتابه ، قال وما هى ؟ قال { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا } فقال النصرانى ولا تؤثروا عن رسولكم شيئا فى الطب ؟ فقال قد جمعه رسولنا فى ألفاظ يسيرة ، قال وما هى ؟ قال قوله " المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وأعط كل بدن ما عودته " فقال النصرانى ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا . { إنَّه لا يحبُّ المسرفينَ } لا يرضى إسرافهم فى أكل أو شرب أو ملبس أو نحو ذلك ، ومنه الأكل فوق الشبع ، وقد عده بعضهم كبيرة ، وقال " من أكل وليس بجائع فقد فعل كبيرة " وليس ذلك بشىء ، نعم إن أكل فوق الشبع لغير منفعة قصدها فهلك أو تلف عضو من أعضائه فقد فعل كبيرة ، وإن نجا من ذلك فقد عصى ، هذا ما ظهر لى من عموم كلام أبى العباس أحمد بن محمد بن بكر رضى الله عنه ، وذلك أن الأكل فوق الشبع معلوم لكل أحد أنه مضر وبذلك أقول ، وأما الأكل قبل الجوع فإنه جائز وليس مضراً كالأكل فوق الشبع ، فإذا كان مثله فى الإضرار امتنع ، وكان مثله . والضرر القليل والكثير سواء فى العصيان أو الكفر على التفضيل السابق ، فإن الواضح إنما يمتنع أن نفعله فى بدن غيرك يمتنع أن نفعله فى بدنك ، فكل من بدنك وبدن غيرك ملك الله لا تتصرف فيه إلا بما أباح لك التصرف به فيه ، وليس الأمر كما قال بعض متأخرى علماء عمان ، أن الأكل قبل الجوع إن كان يفضى إلى ضرر قليل يعرف أنه يضره فمكروه ، وكذلك أكل ما يضر قليلا على الجوع إذا علم بأنه مضر ، إلا إن أراد بالكراهية المعصية ، ولا ضير ولا كراهة إن أكل على شبع أو وقت يضره الأكل ، أو شيئا يضره أكله إذا قصد نفسا من جهة أخرى لا يتوصل إليه إلا بذلك الأكل والشرب كالأكل ، وقيل المسرفون المشركون ، وقيل القاتلون بغير حق ، لأن الإشراك والقتل إسرافان عظيمان .