Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 40-40)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنَّ الَّذينَ كذَّبوا بآياتِنا واسْتكبرُوا عَنْها } عن الإيمان بها { لا تُفتَّح لهم أبوابُ السَّماءِ } بالفوقية والبناء للمفعول والتشديد ، ووجه التشديد فى كثرة الأبواب ، أو المبالغة الراجعة للنفى ، أى انتفى انتفاء بليغا فتح الأبواب لهم ، أى المبالغة فى المنفى ، أى ليس لهم الفتح العظيم للأبواب كما هو للمؤمنين ، ولا يلزم من هذا أن يكون لهم فتح صغير ، وهذا كما يقول المفتخر الذى عنده جنان تشتمل على مائة نخلة لمن لا نخلة له ليس لك جنات تشتمل على مائة نخلة ، وسهل ذلك أن ذلك الضعيف قد ظهر أنه ليس عنده ذلك ، وقد ظهر أن الكافر لا فتح له أصلا ، والمعنى أنه لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا بل تستفتح لهم فلا تفتح وترد إلى سجين ، كما تفتح لروح المؤمن إلى السماء السابعة وإلى عليين ، تصعد خبيثة منتنة وترجع كذلك ، ولا تمر بملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة ؟ فيقال فلان ابن فلان بأقبح أسمائه كما فى حديث . وقيل لا يصعد بها أصلا ، ولا تفتح لأعمالهم وأقوالهم ودعائهم ، إنما يصعد إلى الله الكلم الطيب والعمل الصالح ، ولا تفتح لتزول البركة عليهم والخير ، ولا لدخول الجنة ، فإنها فى السماء ، وتفتح الأبواب لروح المؤمن حتى تصل السماء السابعة ، فتصلى عليها الملائكة المقربون وقرأ أبو عمرو لا تفتح بضم التاء الأولى وإسكان الفاء ، وفتح الثانية مخففة ، وقرأ حمزة لا يفتح بالمثناة التحتية مع البناء للمفعول ، والتخفيف كذلك إبقاء للأبواب على تذكيره بدون أن يعتبرها بمعنى الجماعة أو الجملة ، أو قد اعتبر ذلك فتكون مؤنثة ، لكن لم يؤنث الفعل لأن الفاعل ظاهر مجازى التأنيث ، وأيضا قد فصل فيجوز التذكير ، ولو كان حقيقى التأنيث ، وقرأ أبو حيوة لا يفتح بالتحتية والبناء للمفعول والتشديد ، وقرىء لا تفتح بالفوقية والبناء للفاعل والتخفيف ، ونصب الأبواب ففيه الآيات ، أى لا تفتح الآيات أبواب السماء لهم ، لأنهم لم يؤمنوا بها ، ولو آمنوا لفتحتها لها ، أى لكانت لهم سببا فى فتحها ، وقرىء لا يفتح بالتحتية والبناء للفاعل والتخفيف ، ونصب الأبواب أى لا يفتح الله لهم أبواب السماء . { ولا يدْخُلون الجنَّة حتَّى يَلجَ } يدخل { الجَملُ } البعير الذكر { فى سَمِّ } ثقب { الخِيَاطِ } الإبرة ، وليس بداخل أبدا ، فكذلك لا يدخلون الجنة أبداً ، والعرب إذا أرادت استحالة شىء علقته بالمحال ، وإذا أرادت وقوعه ولا بد علقته بواجب الوقوع ، والخياط صفة مبالغة فى الأصل لمن كثرت منه الخياطة ، وسميت بها الإبرة أو وصفت بها لكثرة الخياطة ، بها ، وسمى أيضا المخيط والمخياط بكسر ميمها وإسكان حائهما وفتح يائهما ، والمخيط بفتحهما ، وبه قرأ طلحة ، وقرأ ابن مسعود المخيط بكسر الميم وفتح الياء ، وما ذكرته فى تفسير الجمل هو الصحيح . وقد سئل عنه ابن مسعود رضى الله عنه فقال زوج الناقة استجهالا للسائل ، وإشارة إلى أن طلب معنى آخر تكلف ، وعنه ولد الناقة ، وقرأ متى يلج الجمل الأصفر ، وسئل عنه الحسن فقال هو الجمل الذى يقوم بالمريد على أربع ، ومرة لما أكثروا عليه قال هو الأشد وهو البعير الذكر بالفارسية ، ومرة قال هو ولد الناقة ، وذلك أنهم يتشوفون إلى معنى آخر لما رأوا فيه من قراآت مختلفة كما تأتى إن شاء الله ، ولما يتبادر إليهم أن الأنسب أن يراد به الحبل الغليظ ، ولم يعلموا أن البعير أولى لأنه هو مما يمثل به فى عظم الجنة دون الحبل الغليظ ، وقد فسره ابن عباس بالحبل وقال إن الله أحسن تشبيها من أن يشبه بالبعير ، يعنى أن الحبل مناسب للخيط الذى يسلك فى سم الإبرة والبعير لا يناسبه ، وما ذكرته أولى . وفسره بعضهم بحبل السفينة الغليظ ، كما روى عن ابن عباس ، وابن جبير ، وسالم الأفطس وقرأ الجمل بضم الجيم وفتح الميم مخففة ، وعن ابن عباس الجمل بضم الجيم وفتح الميم مشددة ، وقال الكسائى إن الذى روى تشديد الميم عن ابن عباس كان أعجمياً شدد الميم لعجمته ، وهذا ضعيف لكثرة أصحاب ابن عباس على التشديد ، وبه قرأ عكرمة ، ومجاهد ، وابن جبير ، والشعبى ، ومالك بن الشخير ، وأبو رجاء ، وأبو رجاء ، وعن ابن جبير الجمل بضم الجيم وإسكان الميم عن ابن عباس الجمل بضم الجيم والميم ، وهو لغة فى الجمل بمعنى البعير . واعلم أن البعير يطلق على الذكر والأنثى من الإبل ، والجمل على الذكر ، وقد يطلق الجمل على الأنثى شذوذا ، وقرأ ابن سيرين بضم سين سمى ، وقرأ بعضهم بكسرها ، وقرأ أبو حيوة بهما ، والجمهور على الفتح . { وكَذلكَ نَجْزِى المجْرِمينَ } هم المكذبون ، وعبر عنهم بالظاهر الذى هو المجرمون تنبيها على أن تكذيبهم إجرام ، وأن كل من أجرم عوقب بذلك ، فإن الإجرام هو سبب العقاب أو أراد كل مجرم .