Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 12-12)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إذ يُوحِى } إذ بدل من إحدى الإذَّات قبلها ، أو متعلق بيثبت ، أو مفعول لاذكر مستأنفا { ربُّك إلى الملائِكةِ أنِّى مَعَكم } فى تثبيت المؤمنين وإعانتهم ، والمصدر من خبر إن مفعول يوحى ، وقرأ عيسى ابن عمر فى رواية بكسر الهمزة إجراء للإيحاء مجرى القول ، أو تقديرا للقول ، وهذا الوحى إلهام أو إرسال بعض الملائكة إلى بعض { فَثبِّتوا الَّذينَ آمنُوا } بإلقاء الخير فى قلوبهم إلهاما كما يلقى الشيطان فيها لشر وسوسة ، وبحضور القتال وبالقتال على القول به ، وبالتبشير بالظفر ، يمشى الملك أمام الصف بصورة رجل يعرفونه ويقول أبشروا فإن الله ناصركم عليهم ، لأنكم تعبدونه ، وهؤلاء لا يعبدونه ، ويقول آخر ما أرى الغلبة إلا لنا ، ويقول آخر أقدم يا فلان ، ويقول أحدهم للذى يليه من المؤمنين لقد بلغنى أن الكفار قالوا لئن حمل المسلمون علينا لننكشفن ، ولا يختص إيهام الملك باسم اللمة كما يوهم كلام بعضهم لما ورد فى الحديث " إن لكل من الملك والشيطان لمة " . { سألْقى فى قُلوبِ الَّذينَ كَفرُوا الرُّعْب } قال القاضى هو كالتفسير لقوله { إنى معكم فثبتوا } وهو حسن وذلك من جملة ما أوحى إلى الملائكة ، ويجوز أن لا يقصد به التفسير ، وقرئ بضم العين ، وهو قراءة الأعرج بن عامر ، والكسائى ومعناه على القراءتين الخوف { فاضْرِبُوا فَوقَ الأعْناقِ } أى اضربوهم فى أعالى الأعناق وهى مواضع الذبح ، وهى مفاصل ، فيكون الضرب فيها تطييرا للرأس ، وقال عكرمة اضربوهم فى الرءوس ، فإن الرأس فوق العنق ، وعليه المبرد ، واحتج بالآية على جواز ضرب الكافر فى وجهه ، لأن كلا من الوجه وسائر الرأس هو فوق العنق . وقال الأخفش فوق زائد مضاف للمفعول ، وبه قال الضحاك ، وعطية ، وقيل بمعنى على ، وفى أى موضع من العنق ضرب فقد ضرب على العنق ، وزعم ابن قتيبة أن فوق بمعنى دون ، قال ابن الأنبارى كانت الملائكة لا تعرف كيف تقتل الآدمى ، فعلمهم الله كيف يفعلون بقوله { فاضربوا فوق الأعناق } . { واضْرِبُوا منْهم كلَّ بَنانٍ } أصابع اليدين والرجلين ، فمن ضُرب فى العنق مات أو فى الأصابع لم يتمكن من قبض السلاح ، والقتال به ، ولم يقو على سرعة الانتقال ، لأن أصابع الرجلين تقوى على المشى ، وعن بعضهم أبيح لهم الضرب فى كل موضع ، ولكن خص الموضعان بالذكر لأنهما أبلغ ، وقيل مثل لهم لمطلق الضرب بالضرب أعلى الجسد وأسفله ، والمراد إدخال كل عضو ، وهذا على أن البنان أصابع الرجلين ، وقيل المراد أصابع اليدين ، قيل سميت بذلك لأن بها إصلاح ما أريد عمله باليد ، وقيل البنان المفاصل من كل عضو ، وعن الحسن البنان الأعضاء وهو جمع بنة أو بنانة ، وذلك على أن الملائكة قاتلت ، ومن قال لم تقاتل جعل الخطاب فى قوله { فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان } للمؤمنين . ويجوز أن يكون { سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب } مقولا للمؤمنين أيضا مع ما بعده ، ويجوز أن يكون مع ما بعده تلقينا للملائكة ما يثبتون به المؤمنين ، كأنه قال قولوا لهم ما يتضمنه قولى هذا من إلقاء الرعب ، والضرب فوق الأعناق ، وفى كل بنان ، أو قولوا لهم إن الله قال { سألقى فى قلوب } الخ ، ويجوز أن يكون { فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان } فى معنى الخبر عن صورة الحال ، كما تقول لمن تخاطبه ناولت الأعرابى جبة فأقنعنى فيها ، خذ هذه الشاة وخذ هذه الغرارة من بر ، وخذ هذا الجراب من أقط ، تريد أن هذه حالى معه والخطاب للمؤمنين أو للملائكة ، أى ستكون حال الكفار هكذا . وعن السهيلى ما وقعت ضربة يوم بدر إلا فى رأس أو مفصل ، وهذا يقوى أن المراد بفوق الأعناق الرءوس ، قال وكانوا يعرفون قتلى الملائكة من قتلاهم بآثار سود فى الأعناق والبنان ، ويتبادر من كلامه أن الأمر بالضرب فوق الأعناق وفى البنان كان للملائكة والمؤمنين جميعا .