Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 17-17)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } بقوتكم { ولكنَّ الله قَتَلهُم } بنصركم وإلقاء الرعب فى قلوبهم ، ولإمداد بالملائكة ، أو أنكم ولو ضربتموهم لستم بمزهقى أرواحهم ، ولكن لله زمانها ، وعن مجاهد لما فرغوا من القتال ، وانصرفوا جعلوا يقولون قتلت كذا وكذا ، وقتلت فلانا ، وأسرت كذا ، وفعلت وفعلت ، فنزلت الآية ، قال جار الله الفاء فى جواب شرط محذوف ، أى إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم ، وعن ابن هشام بأن لم لا تقرن بفاء الجواب ، وقد يقال من جانب جانبه قرنت بالفاء لتقدير المبتدأ ، أى فأنتم لم تقتلوهم وهو النائب بالجملة الاسمية بعده ، أو قرنت بالفاء ، لأن الشرط غير مذكور فزيدت لتدل عليه ، فهى زائدة ، ولأن لم هذه ومدخولها هنا بمنزلة صدقت وكذبت فى سورة يوسف ، وقرأ ابن عامر ، وحمزة والكسائى بتخفيف لكن وكسرها للساكن بعدها ، ورفع اسم الجلالة هنا وفى الذى بعده . { ومَا رمَيْت } أى ما أبلغت الحصيات أو التراب ، وأدخلت منه فى عين كل واحد من المشركين { إذْ رَميْت } إذ حركت يدك إلى جهة العدو ، وطرحت ما فيها من حصى أو تراب إليهم { ولكنَّ الله رَمَى } أبلغ الحصيات أو التراب وأدخله ، فى أعينهم ، ومعلوم أن رميه صلى الله عليه وسلم لا يبلغ هذا المبلغ ، ولا يقدر عليه ، فالرمى المثبت للنبى صلى الله عليه وسلم المذكور وسطا الذى بمعنى التحريك لليد والطرح ، فعل للنبى صلى الله عليه وسلم ومخلوق لله وهو المبتدأ والأول فى معنى لفظ الفعل ، وأما الإبلاغ والتفريق ففعلان لله مخلوقان ، وهما كمالان للفعل ، ومقصودان منه ، وهما فرع فى معنى لفظ الفعل كما فعل ابن هشام ، يعبر بالفعل عن وقوعه وهو الأصل ، وعن مشارفته وعن إرادته ، وعن القدرة عليه . هذا هو الحق وهو مذهبنا معشر الأباضية فلم يرفق إلى معنى الآية من رام أن الآية دليل على بطلان نسبة الأفعال للعباد ، وعلى أنها أفعال لله ، وأنهم مجبرون عليها ، ولزمهم ذلك فى كل فعل ، ولا من زعن أن أفعال العباد خلق لهم . قال ابن إسحاق ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا ثم قال " شاهت الوجوه " أى قبحت ، ثم نفخهم بها ، وأمر أصحابه فقال " اشتدوا " فكانت الهزيمة ، وظاهر كلامه أن ذلك كبعد تعديد الصفوف وذهابه إلى العريش ، وشروعهم فى القتال ، وذكر غيره " أنه لما التقى الجمعان تناول كفا من الحصباء فرمى بها فى وجوههم وقال " شاهت الوجوه " فلم يبق مشرك إلا دخل فى عينيه ومنخريه منها شئ ، فشغلهم ذلك فقتلوا وأسروا " . وروى " أنه لما التقى الجمعان قال لعلى " ناولنى قبضة من حصباء الوادى " فرمى بها وقال " شاهت الوجوه " فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا " وروى أن جبريل عليه السلام قال للنبى صلى الله عليه وسلم خذ قبضة من التراب ، فأخذ فرماهم بها فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة ، فتولوا مدبرين . وقال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أخذ ثلاث حصيات فرمى بحصاة فى ميمنة القوم ، وبحصاة فى ميسرتهم ، وبحصاة بين أظهرهم ، وقال " شاهت الوجوه " فانهزموا مع الحصاة الثالثة ، وقيل رماهم بالتراب ثلاث مرات مرة إلى كل جهة من الجهات الثلاث المذكورة من القبضة الواحدة ، ويجوز أن يكون المعنى وما رميت الرمى الكافى إذ رميت ، ولكن الله رماه ، أو ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء ، ولكن الله رمى بالرعب فى قلوبهم ، وقد قيل بهذا أو ما أعنت إذ رميت ولكن الله أعان ، والعرب تقول رمى الله له أعانه وصنع له خيرا . وقيل الآية فى طعنة طعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبىّ ابن خلف يوم أحد بالحربة ، ولم يخرج منه دم ، فجعل يخور حتى مات ، وحكاه الطبرى ويضعفه أن الآية عليه تكون أجنبية مما قبلها وما بعدها ، وأنها نزلت عقب بدر ، وقيل إنها فى رمية رماها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حصن خيبر فسار السهم فى الهواء حتى أصاب ابن أبى الحقيق فقتله فى فراشه ، ويضعفه ما ذكر ، وأن فتح خيبر أبعد من بدر وأحد بكثير ، وأن سبب موت ابن الحقيق غير هذا كما نراه إن شاء الله فى محله ، والحق ما فسرت به الآية أولا وعليه الجمهور . { وليُبْلى المؤمِنينَ } يرحمهم بالنصر و الثواب ومشاهدة الآيات { مِنْه } من الرمى ، ومتعلق اللام محذوف أى وفعل ذلك ليبلى ، أو العطف على محذوف ، أى ولكن الله رمى ليظهر الدين وليبلى ، ومنه حال من بلاء بعده ، وإن علق ليبلى فمن بمعنى الباء { بلاء حسًناً } رحمة حسنة ، ورحمة الله إنعامه ، وبلاء اسم مصدر ، و المصدر إبلاء فقيل المراد أراد الشهادة لمن استشهد يوم بدر وهم أربعة عشر رجلا منهم عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، ومهجع مولى عمر ، قيل ومعاذ وعمرو ابنا عفراء ، وذكروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضل الشهداء شهداء بدر وشهداء الأعماق أعماق أنطاكية " قال بعضهم يوم الدجال كيوم بدر ، ولو قيل إن الإبلاء هنا على ظاهره هو الاختبار ، لكن حسنا فإنه اختبار حسن لتولد الخير منه كالظفر والغنيمة والاستشهاد { إنَّ الله سَميعٌ } لاستغاثتهم { عَليمٌ } بنياتهم وأحوالهم .