Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 24-24)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيُّها الَّذِينَ آمنوا اسْتَجِيبُوا لله والرَّسُول } انقادوا لهما باطاعة فيما أمركم { إذا دَعاكُم } أمركم ، ورجع الضمير إلى الرسول وحده ، لأن أمره أمر الله ، ولأن أمر الله يكون على لسانه ، والاستجابة له استجابة للرسول ، وبالعكس ، وذلك على حد ما مر فى { ولا تولوا عنه } والمشهور تعدى استجاب باللام ، وأجاب بنفسه ويجئ بالعكس { لما يُحْييكُم } من علوم الدين والاعتقادات والأعمال الحسنة ، فإن العلم حياة للقلب ، والجهل موته كما قال المتنبى من بحر البسيط @ ولا تعجبن الجهول حلته فذاك ميت وثوبه كفن @@ والعمل الحسن يورث الحياة الطيبة الدائمة فى الجنة ، وهذه الحياة مفقودة فى أهل النار ، وتفسير الآية على العموم المذكور هو الحق الواضح ، ثم اطلعت والحمد لله على أنه قول مجاهد والجمهور . وقال ابن إسحاق المراد بما يجيبكم الجهاد أنه سبب البقاء ، إذ لو تركوه لغلبهم العدو وقتلهم ، ولأن الله سبحانه أعز به المسلمين بعد الذل ، و الحياة تطلق على العزة ، يقال حييت حال فلان إذا ارتفعت ، وقال النقاش المراد الشهادة لقوله { بل أحياء عند ربهم } وقيل الإسلام ، و المراد إذا دعاكم لسائر أعماله وأقواله بعد الإيمان ، فلا يلزم منه تحصيل الحاصل كما توهمه بعض من ذكر الإيمان قبله ، ومثل ذلك يأتى فى قول السدى ، إن المراد الإيمان ، وهذان قريبان بما ذكرته أولا على العموم . ويدل من العموم " أنه صلى الله عليه وسلم مر بباب أبى بن كعب وهو يصلى فدعاه وأسرع بقية صلاته ، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك يا رسول الله ، فقال " وعليك السلام ما منعك يا أبى أن تجيبنى إذ دعوتك ؟ " فقال يا رسول الله إنى كنت فى الصلاة ، قال " أفلم تجب فيما أوحى إلىَّ { استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم } ؟ " قال بلى لا أعود إن شاء الله " وفى رواية قال " لا جرم لا تدعونى أبدا إلا أجبتك " رواه مالك بن أنس ، وأبو هريرة . والذى فى البخارى ومسلم ، أن ذلك وقع مع أبى سعيد بن المعلى أيضا ، وأنه صلى الله عليه وسلم مر به وهو يصلى فى المسجد ، وفى رواية مر بأبى وهو يصلى ولم يذكر الباب ، ووقع نحو ذلك مع حذيفة ابن اليمانى فى غزوة الخندق ، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بالإجابة فى الصلاة ، لأن الصلاة إجابة ، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم إجابة ، فلو أجابه لم يخرج عن الطاعة ، وهذا مختص بالنبى صلى الله عليه وسلم إذا دعا مصليا . وقيل لأنه صلى الله عليه وسلم دعا لأمر لا يحتمل التأخير فوجب عليه أن ينصرف عن صلاته إليه ، وهذا الحكم مستمر إذا كنت تصلى ودعيت لهم لا يحتمل التأخير ، كتنجية الغريق ، وتنجية الإنسان من السبع ، أو من العدو ، أو الحريق ، أو نحو ذلك ، وتنجية ملك لك لا تجد ما تأكل سواه ، أو مال فى ضمانك ، قيل بل تنجية المال مطلقا ، أورأيت شيئا من ذلك بلا دعاء أحد إياك فانصرف إليه ، ثم عد إلى صلاتك إن لم تحدث ناقضا ولا تتكلم إلا إن لم تجد الإصلاح إلا بالكلام فتكلم وأعدها ، والقول الأول أشد مناسبة للحديث ، وفى الحديث دلالة على أن الأمر بالوجوب عند الإطلاق وهو مذهبنا . { واعْلَموا أنَّ اللهَ يحُولُ بيْنَ المرْءِ } وقرأ ابن أبى إسحاق بكسر الميم ، وقرأ الحسن والزبيرى بفتح الميم ونقل كسرة الهمزة إلى الراء وتشديد الراء وإجراء للوصل مجرى الوقف على لغة من يشدد فى الوقف ، وهى لغة بنى سعد ، وهو قليل ، قال الشيخ خالد ولهذا لم يؤثر عن أحد عن القراء إلا عن عاصم فى { مستطر } فى سورة القمر انتهى ، ولعله أراد بالقراء السبعة أو العشرة ، أو يرى تشديد الراء فى هذه القراءة مع حذف الهمزة لغة فى الوصل والوقف مطلقا لا مختصا بالوقف والوصف الجارى مجراه . { وقَلْبهِ } فيريد الرء شيئا ويعزم عليه فينقض الله عزمه ، ويصرفه إلى غير ذلك الشئ ، يريد الطاعة ويصرفه للمعصية ، ويريد المعصية ويصرفه للطاعة ، وذلك بالتوفيق ، والخذلان بالجبر ، كما زعمت المجبرة وإلا بطل المدح والذم ، والثواب والعقاب ، ويحفظ وينسيه الله ، وينسى ويذكره الله ، ويخاف ويؤمنه الله ، ويأمن ويخوفه الله وريد صلاة ركعتين فلا يصليهما ، أو يصلى أربعا وهكذا فى الأفعال والأقوال والاعتقادات مطلقا ، وقلبك فى حكم الله كالشئ بين الأصبعين . فلزم من هذا أن لا يأمن الإنسان المؤمن أن يموت كافرا ، وأن يبادر الأعمال انتهازا للفرصة قبل الحول بينه وبينها بالموت و غيره ، ويراقب القلب فإنه مذموم معاقب ، أو ممدوح مثاب على اختياره وتناوله ، وأن يعلم أن الله أقرب إليه من حبل الوريد ، وقيل إن الحول بين المرء وقلبه تمثيل لغاية قربه من العبد ، وتنبيه على أنه عليم بمكنون القلب مما عسى أن يغفل عنه صاحبه ، وقد قال بذلك قتادة ، وقيل المعنى أن الله يحول بين المرء وقلبه حتى لا يدرى ما يصنع ، وقيل أمروا بالقتال فخافوا لضعفهم وقلتهم ، فأخبرهم الله أنه يحول بين المرء وقلبه بتبديل ما فيه من الخوف أمنا ، ومن الجبن جراءة ، فاعزموا على القتال يبدل الله خوفكم وجبنكم أمنا وجراءة ، وأمن عدوكم وجراءته خوفا وجبنا { وأنَّه إليه تُحْشَرونَ } للثواب والعقاب .