Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 4-4)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أولئكَ } العالون المرتبة ، الجامعون بين عمل القلب وهو الوجل ، وزيادة الإيمان بتلاوة القرآن ، والتوكل على الله ، وعمل الجارحة وهو إقامة الصلاة والإنفاق { هُم المؤمنُونَ } فاجتهدوا أن تكونوا منهم ، ولكن لا يدرى أحد أكان منهم أم لا ؟ ولو اجتهاد لأنه لا يدرى أوصل تلك الدرجة عند الله أم لا ؟ ولا يدرى بما يختم له ، وهل قبل منه أم لا ؟ فلا يقول الإنسان أنا مؤمن ، ولا أنا مؤمن حتما ، أو حقا أنا مؤمن إن شاء الله كما نقول نحن ، والحسن والشافعى وغيره ، ولا يمكن أبى حنيفة أن يقول بغير ذلك ، لأنه لا به قائل بأن الإنسان لا يدرى الخاتمة والقبول . وأما ما يحكى عنه من أنه يقال أنا مؤمن حتما أو حقا ، ولا يجيز إن شاء الله فلعله فيمن قال أنا مؤمن وأراد أنا مصدق بالله ورسوله وجميع ما جاء به ، ومتعاط لأمور الإسلام ، فإن هذا قطعا لا نقول إن شاء الله كما قال الحسن وغيره ، لأن إن للشك ، وقد علم أن الله سبحانه قد أنعم عليه بالتصديق والتعاطى ، فإن قال هذا المصدق المتعاطى ، أو من علم بالوحى إنه سعيد إن شاء الله ، فمراده التبرك ، أو سد ذريعة العجب ، وتحصيل الانكسار للنفس ، أو يريد هذا المصدق المتعاطى باشتراط المشيئة أنه لا يدرى ، لعله يختم له بالشرك والعياذ بالله ، فلعل الخلاف المذكور بين الشافعى وأبي حنيفة لفظى . وعن سفيان الثورى من زعم أنه مؤمن حقا ثم لم يشهد أنه من أهل الجنة فقد آمن بنصف الآية ، يريد الرد على من يقول ذلك ، فإن المؤمن حقا له الدرجة عند ربه ، والمغفرة والرزق الكريم ، كما ذكر فى النصف الآخر فكما لا يقطع بالدرجة والمغفرة والرزق لا يقطع بأنه مؤمن ، وورد مثل هذا الرد عن ابن مسعود إذ قالت له جماعة منهم علقمة لقينا قوما فى سفر فقلنا من القوم ؟ فقالوا المؤمنون حقا ، فلم ندر ما نجيبهم ، فقال هلا قلتم أمن أهل الجنة أنتم ؟ قال جار الله حكى أنه قال أبو حنيفة لقتادة لم تستثنى فى إيمانك ؟ قال اتباعا لإبراهيم فى قوله { والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى } فقال هلا اقتديت به فى قوله { أو لم تؤمن قال بلى } انتهى ، فانقطع قتادة ، قيل وله أن يقول قد قال بعد قوله { بلى ولكن ليطمئن قلبى } فطلب مزيد الطمأنينة . { حقًّا } نعت لمصدر محذوف ، أى إيمانا حقا أى ثابتا راسخا ، أو مفعول مطلق مؤكد لمضمون الجملة قبله ، وذلك أن الخفية تعلم من مجرد إخبار الله ، فيذكر لفظ حقا تأكيد وعامله محذوف ، اى أحقه حقا من حق المتعدى بالهمزة ، أو من حق المتعدى بنفسه . { لَهم دَرَجاتٌ } لكل واحد منهم درجات ، أو لكل منهم درجة أى مرتبة بين الدرجتين سبعون سنة بإسراع الفرس المضمر ، وفى الحديث " بينهما مائة عام " والواحدة تسع العالم وجملتهن سبعون ، أو مائة والارتقاء بقدر الأعمال ، والدخول فى الجنة بالإيمان وقسمة درجات الجنة إلى العددين المذكورين غير قسمة درجات الإنسان الواحد . { عِنْدَ ربِّهم } أى فى الآخرة ، وقيل الدرجات الكرامات ، وعن مجاهد مبلغ أعمالهم فى الدنيا عند الله { ومغْفِرةٌ } لذنوبهم { ورِزقٌ كريمٌ } حسن واسع دائم وهو رزق الجنة .