Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 66-66)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الآنَ خَفَّفَ اللهُ عنْكُم } بإزالة تلك المشقة التى هى ثبات الواحد للعشرة { وعَلم أنَّ فيكُم ضَعفاً } أى ظهر فى الخارج أن فيكم ضعفا ، فعبر عن الظهور فى الخارج بالعلم ، لأنه لازم للظهور ومعيب له فى الجملة ، وإلا فالله عالم بالأشياء فى الأزل ، قبل أن تكون ، أو الواو للحال ، أى وقد علم أن فيكم ضعفا ، فالعلم على بابه ، والضعف ضعف البدن ، وقيل ضعف البصيرة لا ضعف قلة ، لأنه إنما خفف عنهم حين شق عليهم مقاومة الواحد العشرة وهم كثير حين التخفيف لا قليل ، وكان بعضهم أضعف من بعض فى البدن ، وبعض أضعف من بعض فى البصيرة ، وبعض أضعف فيهما . ولو قيل المراد بالضعف ضعف البدن والبصيرة لجاز ، وقرأ عاصم ، وحمزة ، وشيبة ، وطلحة بفتح الضاد ، وهما لغتان ، والضم لغة الحجاز ، والفتح لغة تميم ، وكذلك اختلاف القراء فى الروم ، وقرأ عيسى بن عمرو ضعفا بضم الضاد والعين ، والمعنى واحدا وثلاثة مصادر ، وقيل الضم فى الجسم ، والفتح فى الرأى والعقل ، وعليه فيختلف معنى القراءات ، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ضعفاء بضم الضاد وبفتح العين و الفاء مع المد جمع ضعيف ، وحكاها النقاش عن ابن عباس وبين التخفيف بقوله { وإنْ يَكُنْ مِنْكُم مائةٌ صابرةٌ } بالفوقية عند نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وإنما قرأ أبو عمرو ، وعاصم هنا تكن بفقية ، ويكن هناك بالتحتية نظرا إلى التأنيث فى صابرة ، والتذكير فى يغلبوا ، ولم يعتبر يغلبوا هنا لتأخره عن صابرة ، وقرأ الباقون بالتحتية ، وقرأ الأعرج بالفوقية فى المواضع الثلاثة ، ولم يقرأ بها أحد فى { وإن يكن منكم ألف } { يغلبوا مائتَيْن } منهم وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين منهم { بإذْنِ اللهِ واللهُ معَ الصَّابرينَ } بالنصر و العون ، والإشارة بذلك إلى أن الواحد يثبت للاثنين ، ولا يحب عليه أن يثبت لثلاثة ، وإنما مثل هنالك بمثالين ، وهنا بمثالين ، مع أنه يكفى المثال الواحد هنالك ، والواحد هنا ، للدلالة على أن القليل والكثير واحد . قال ابن جريج كان عليهم أن يثبت الواحد للعشرة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حمزة فى ثلاثين راكبا ، فلقوا أبا جهل فى ثلاثمائة راكب ، فثقل ذلك عليهم وضجوا منه ، ثم نسخ بمقاومة الاثنين بالواحد فقوله { إن يكن منكم عشرون } إلى آخر منسوخ لقوله { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا } الخ ، ولا يشكل عليه أن الإخبار لا ينسخ لما مر أن قوله { إن يكن منكم عشرون } الخ فى معنى الأمر ، وكذا { فإن يكن منكم مائة صابرة } الخ وكذا قال الحسن بالنسخ ، وذكر أنه ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظهر الإسلام وصار الجهاد تطوعا . وكذا قال ابن عباس بالنسخ ، قال لما نزل { إن يكن منكم عشرون } الخ شق ذلك على المؤمنين ثم نسخ بقوله { الآن خفف الله عنكم } الخ ، ونقص عنهم من الصبر بقدر ما خفف عنهم ، قال بعضهم كان الفرار من الزحف كبيرة موبقة يوم بدر لمن فر حتى جاوز صف النبى صلى الله عليه وسلم ، وقيل كان على العموم ثم نسخ بقوله { إن يكن منكم عشرون } الخ ، ثم نسخ هذا " بالآن خفف الله " الخ نزلت بعد قتال بدر بسنة فى أمر أحد ، ثم حل بعد ذلك الفرار ، فمن قتل مقبلا أو مدبرا فإلى الجنة وهو شهيد إن وافق السنة ، والمقبل يسبق المدبر وهو ضعيف ، وقال أبو الحوارى من قتل مدبرا فليس بشهيد ، وعن بعضهم { ومن يولهم يومئذ دبره } الخ منسوخ بقوله { إذ تصعدون ولا تلوون على أحد } الخ وهو ضعيف . وعن أبى الحسن العمانى الفرار فى الجهاد غير الغرض ليس كبيرة ، وزعم بعض أن قتال الدفع يجوز الفرار منه ، وعن ابن عباس فى رواية وغيره إن ثبات الواحد للعشرة كان على الندب والتحريض ، فعملوا به ، ولو كان غير لازم ، ثم خفف الله عنهم ببيان الحد الواجب للاثنين ، فليس ذلك بنسخ وهو ضعيف ، ومذهبنا أنه كان الثبات لعشرة واجبا ثم نسخ بوجوب الثبات للاثنين وهو من نسخ الثقيل بالخفيف ، قال ابن شبرمة وأرى الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر مثل ذلك . من قرأ { الآن خفف الله عنكم } إلى { الصابرين } عقب الصلاة فى سبعة أيام أولها العصر من يوم الجمعة إلى صلاة يوم الجمعة ليلا ونهارا ، وعند الفراغ من الأشغال زال عنه ما يخشاه ، وخفف عنه حمل الأثقال ، وثقل الأعمال ، قال الغزالى كان الحسن البصرى يكتب رقاعا للحمَّى فتوضع على المحموم فتزول ، ولما مات وجد فيها { بسم الله الرحمن الرحيم … يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا } { ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون } { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله } " وإن يردك بخير فهو على كل شئ قدير " .